قائمة الموقع

بين شواهد القبور.. يبحث "شعبان" عن الحياة

2022-06-08T13:47:00+03:00
الشاب مهدي رمضان شعبان يعمل في مهنة حفر القبور (تصوير الأناضول)

يحفر الشاب العشريني مهدي رمضان شعبان الحاصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية، والماجستير في التخصص ذاته، في باطن الأرض بحثًا عن الحياة ولتأمين لقمة عيش كريمة بغزة، في ظل مساعي الاحتلال الإسرائيلي لوأدها من خلال تضييق الخناق عليها بحصار يفرضه عليها منذ 15 عامًا.

يقول شعبان إنه لم يألُ جهدًا في البحث عن فرصة عمل تتناسب مع دراسته الجامعية، "ولكن للأسف بعدما ضاقت بي السبل عملت في حفر القبور لكي لا أكون عبئًا على والدي، اضطررت لهذا العمل من جانب ولأعينه في عمله من جانب آخر، وبذلك أحصل على قوت يومي بعرق جبيني دون أن أمد يدي لأحد".

يبحث شعبان عن الحياة في باطن الأرض في ظل شبه انعدامها فوقه، فقد باتت حياته مسلوبة بفعل الظروف القائمة في القطاع؛ ما دفعه إلى العمل حفارًا للقبور في مقبرة الفالوجا الواقعة في مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع برفقة والده وشقيقه الأصغر. 


 

يضيف: "منذ ما يقارب 10 أعوام أعمل في مهنة حفر القبور وأتقاضى 20 شيقلًا على القبر الواحد، وإلى جانب ذلك أعمل مدربًا في دورات للتدقيق اللغوي، ويكفي ما أحصل عليه لتأمين أجرة المواصلات والاحتياجات اليومية لي ولعائلتي المكونة من 7 أفراد، وذلك في ظل انعدام الوظائف".

ويلفت شعبان إلى أن هذا الواقع والعمل لا يمكن التعويل عليه لبناء مستقبل لأطفاله، فمنذ عدة أيام لم يحفر أي قبر وعليه لم يتقاضَ أي شيقل.

وتبلغ تكلفة القبر 350 شيقلًا لبنائه وتجهيزه، وأجرة للعاملين، ويحتاج القبر الواحد منه عمل مدته ثلاث ساعات مستخدمًا فيه آلة الحفر اليدوية، إلى جانب تنظيفه وإعداده.

ورغم أن شعبان يعمل في مهنة حفر القبور فإنه لم يمنعه من تحقيق طموحه والالتحاق باستكمال الدراسة الأكاديمية وإعانته في دفع تكاليفها، إلا أنه لم يستطع تحرير شهادته في إثر تراكم ديون الرسوم الجامعية عليه والتي تناهز 540 دينارًا.


 

ويشير إلى أن هذا الوضع يقيده فلا يتمكن من استكمال مشواره الأكاديمي والتقدم لمنحة دراسية للحصول على درجة الدكتوراه، أو حتى العمل في وظيفة تساعده في ذلك وفي مساعدة عائلته وتغيير الوضع المعيشي.

ويتابع شعبان حديثه: "لا أشعر بالخجل إزاء العمل بهذه المهنة التي يعمل فيها والدي منذ سنوات طويلة، لكن لدي طموحات أحلم بتحقيقها". 

ويوضح أنه تلقى العديد من الدورات التدريبية في مجال التدقيق اللغوي، والتنمية البشرية، واللغة الإنجليزية، إضافة إلى مشاركته بأوراق بحثية في مؤتمرات علمية، ويدقق بعض الكتب والأبحاث ليمارس مهنته بعض الأحيان والتي تعلمها بسبب شغف في مطالعة الكتب.

يحاول شعبان في بعض الأيام إشغال وقته بكتابة أبحاث ونشرها، والمشاركة في مبادرات تطوعية، وتقديم المساعدة للطلبة في البحث العلمي والتدقيق اللغوي، ويصف واقع الطلبة في القطاع بـ"الصعب" بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والتي تعوقهم عن استكمال مسيرتهم التعليمية والحياتية.

وينهي حديثه: "ما فعلته طيلة 11 عامًا في حفر القبور لكي أكون ما أريد، لا لكي أبقى على حالي الذي أنا عليه الآن، وإن شاء الله ألاقي فرصتي وأثبت جدارتي فيها، فحلمي أن أكمل حياتي في قاعات التدريس وليس بين حفر القبور وشواهدها".


 

اخبار ذات صلة