فلسطين أون لاين

"سيف القدس" أعادت المكانة للمجموع الفلسطيني وتمسُّكه بالنضال

جرار لـ"فلسطين": الهيمنة والاستفراد بمنظمة التحرير يهدّدان بإنهاء دورها

...
خالدة جرار
رام الله-غزة/ أدهم الشريف:

حذّرت السياسية الفلسطينية خالدة جرار من أن حالة الهيمنة المفروضة على منظمة التحرير والاستفراد بها من رئاسة السلطة وأشخاص مقربين من محمود عباس "ستؤدي حتمًا إلى إنهاء دورها"، واصفةً شكل المنظمة الحالي بـ"المشوه والمأساوي".

وعدَّت جرار في حوار مع صحيفة "فلسطين" أنّ حالة الهيمنة جعلت المنظمة تعاني تآكلًا داخليًّا كبيرًا في أسسها ومكوناتها، ووصولها إلى مرحلة تعيش فيها حالة انفصال عن الحالة الشعبية وكأنها في عالمٍ آخر.

وأضافت أنّ القرارات الفردية تؤدي بالمنظمة إلى أن تصبح غير مؤسّساتية بفعل الهيمنة لصالح أفراد أصبحوا يتحكمون بكل مقدراتها، متسائلة عن مستقبلها إن بقيت تتآكل كما يجري الآن.

ومؤخرًا، قرر عباس تعيين عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة خلفًا للراحل صائب عريقات، بقرار صادر عنه دون الرجوع لأيٍّ من الفصائل أو مجالس المنظمة التي من المفترض أن تنتخب من يتقلّد هذا المنصب.

ورأت جرار فيما حدث "محاولة للاستحواذ على المنظمة بشكل غير مسبوق"، محذرة من أنّ أيّ حديث عن المنظمة دون إعادة بنائها عبر انتخابات مجلس وطني، وإنهاء الانقسام "لن يكون مجديًا".

ولفتت إلى أنّ هناك من يسعى إلى إنهاء وجود المنظمة عبر استمرار الهيمنة والتفرد وتعطيل الانتخابات، وعدم إجراء مراجعة سياسية للمسار السياسي وإنهاء الانقسام الداخلي، منبهة إلى أنّ المظاهر المتلاحقة من تعيينات وإصدار قرارات بقوانين كلها امتداد لهذا المنهج الذي يدفع المشهد الفلسطيني إلى مزيد من التدهور والانفصال عن الحالة الشعبية والحقوق التي يناضل لأجلها شعبنا.

والعام الماضي، كان من المقرر إجراء انتخابات فلسطينية شاملة؛ تشريعية، رئاسية، مجلس وطني، لكنّ عباس قرر تعطيلها، الأمر الذي لاقى رفضًا فلسطينيًّا واسعًا وفعاليات مناوئة لقراراته.

ونبّهت جرار إلى أنه في الحالة الراهنة لا يمكن أن تأتي حلول إعادة بناء المنظمة من داخلها، لذلك المطلوب من القوى والفصائل الضغط على قيادتها الحالية لتطبيق كلّ الاتفاقيات السابقة، وتشكيل إطار قيادي مؤقت للمنظمة يضم الفصائل جميعها يتولى مسؤولية التحضير لانتخابات مجلس وطني، واعتماد آلية لمراجعة المسار السياسي، ودون ذلك ستبقى المنظمة تتآكل.

انقسام مؤثر

وفي قراءتها للمشهد الفلسطيني الراهن، وصفته بأنه "متداخل" ويتأثر بحالة الانقسام الممتدة منذ 2006، محذّرة بشدة من عدم وجود أفق لمعالجة الانقسام، إذ لا يوجد إمكانية لإعادة النظر في المشهد دون تحقيق الوحدة الوطنية.

وأشارت إلى أنّ غياب الأطر الجامعة للفلسطينيين وأهمها منظمة التحرير كان من نتائج وتأثيرات الانقسام، وأنّ عدم وجود مؤسسات تنفيذية حقيقية للشعب الفلسطيني وتغييبها مع عدم إمكانية إيجاد إطار قيادي مؤقت يضمّ الكلّ الفلسطيني يلحق أضرارًا كبيرة بالحالة السياسية والوطنية.

وأكدت أنّ القضية الفلسطينية تتأثر كثيرًا بجرائم الاحتلال وانتهاكاته ومشاريع الاستيطان والتهويد في الأراضي المحتلة، مضيفة أنّ تصاعد هذه الجرائم يأتي ضمن محاولات الاحتلال فرض معادلات جديدة على الأرض، من خلال الاستيطان وتقسيم المسجد الأقصى زمانيًّا ومكانيًّا وتهويد القدس، واستمرار الحصار على غزة، وفصل القطاع عن الضفة الغربية المحتلة.

ويتزامن هذا مع سياسة تطبيع عربي مستمرة وانحياز دولي للاحتلال رغم بعض التغيرات الحاصلة في المشهد العالمي والدولي، وفق جرار، مشيرة إلى حالة نهوض شعبي فلسطيني متميزة عبرت عن نفسها في أكثر من محطة ومظهر سواء في التصدي لاقتحامات المستوطنين، أو في المناطق الاستيطانية إذ حاول الفلسطينيون فرض معادلاتهم وتمسّكهم بالأرض.

وأكدت أهمية احتضان الحالة الشعبية التي تشهد حاليًّا نهوضًا كبيرًا في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة وعدم وجود أيّ سياسات اقتصادية تخفف عن كاهل المواطن، بل إنّ ما يحصل العكس، إذ إنّ هناك استمرارًا "للإجراءات الليبرالية" التي تسعى إلى إفقار المواطن، ويتجلى ذلك في رفع الأسعار باستمرار، فضلًا عن محاولات قمع حرية الرأي والتعبير.

وأكدت قدرة شعبنا على قول كلمته، خاصة في شؤونه الداخلية وما يتعلق بالانتخابات والسياسة الاقتصادية التي يجب أن تتلاءم مع شعب بحاجة إلى اقتصاد مقاوم لكونه يرضخ تحت الاحتلال.

وبشأن جرائم الاحتلال وتصاعدها، قالت جرار إنه قائم على مشاريع التوسع الاستيطاني في جميع أراضينا المحتلة، خاصة في مدينة القدس التي يسعى إلى تهويدها وإفراغها من سكانها ضمن مخطط قائم على التهويد وفرض السيادة الاحتلالية الكاملة عليها ومسجدها المبارك.

وذكرت أنّ شعبنا وقواه وفصائله بحاجة إلى رؤية شمولية تواجه كل هذه المخططات بما فيها ما يُحاك للقدس، معتبرة أنّ معركة "سيف القدس" في مايو/ أيار 2021 نجحت في إعادة المكانة للجمع الفلسطيني الذي يناضل في كلّ أماكن وجوده، وقد عبّر فيها شعبنا عن وحدته وتمسّكه بخيار النضال ضد الاحتلال.