لم تحلم فقط بأن تكون شيفًا يعد أشهى الأكلات وأطيب الطعام، بل سعت في تطبيقها للوصفات الفلسطينية التقليدية لتقديمها بأسلوب عصري، تحاول من خلاله إحياء المطبخ الفلسطيني والحفاظ عليه من السرقة والعبث.
الشيف نجود روحي عدس "أم يوسف" في الأربعين من العمر، من بلدة جلجولية جنوب قلقيلية، تصف الطهي بأنه فن وذوق ومهنة وحفظ للموروث.
استهواها عالم الطبخ منذ صغرها، "فقد كنت قريبة جدًا من أمي التي كانت الشيف الأول ليس للعائلة فقط بل أيضًا لأهل البلدة وثم المنطقة بعد رواج صيتها، فيوكلوا لها مهام الطبخ في المناسبات الكبيرة كالأفراح، فتعلمت الطبخ من خلال مراقبتها، واعتمدت على نفسي وشغفي في حب الطهي".
لم يحالف عدس الحظ باستكمال دراستها بسبب الأوضاع والانتفاضة الأولى، ولكنها تؤمن بقدراتها وشغفها في الطبخ، فقررت تنمية مفاهيم فن الطهي فدرست دبلوم فن الطهي عام 2020 بأكاديمية الطهي بمدينة نابلس، وحصلت على الميدالية العضوية في الجمعية الفلسطينية.
مملكة خاصة
وفي عالم الطبخ تعمل على تطوير نفسها باستمرار من خلال الالتحاق بدورات، "فمع بداية العام الجاري التحقت في مجلس الموروث الشعبي الدولي في المملكة الأردنية لمشاركتهم فعاليات خاصة بالطعام، ركزتُ فيها على المأكولات الفلسطينية، للعمل على نشرها وحفظها وعدم اندثارها في ظل مساعي الاحتلال لسرقة التراث والمأكولات ونسبها إليه، وطمس المطبخ الفلسطيني".
وصممت عدس مملكتها الخاصة التي جهزته بمختلف الأواني بأحجام مختلفة وأجهزة، لتطهو الطعام وفق المناسبات.
كما سعت لتمثيل فلسطين في مختلف المحافل، وحققت حلمها عبر مشاركتها في مسابقات دولية وحصدها لمراكز متقدمة.
ولحب الشيف عدس للأكلات الفلسطينية التراثية والشعبية ونكهته الأصلية، شاركت في مسابقات محلية ودولية وقدمت فيها الطعام الفلسطيني بامتياز كالمقلوبة والمنسف والمسخن، والسمك المملح، والدوالي والمحشي، والصيدية ومعجنات الزعتر والجبنة، وترى بذلك إحياء للمطبخ الفلسطيني.
وحصلت عدس في مشاركتها للمهرجان الأردني المرتبة الأولى، وقد شارك فيه ما يقارب 13 دولة من الوطن العربي، وحصدت على الميدالية الذهبية للطبق الشرقي الفريكة، والميدالية البرونزية لصنف الحلويات على طبق الكنافة النابلسية.
كما شاركت في الداخل الفلسطيني المحتل بمسابقة الطهاة الفلسطينيين وحصدت المرتبة الثانية لطبق المعجنات بالزيت والزعتر.
وشاركت أيضًا بمهرجان "أرض كنعان" بفلسطين وحصدت المركز الأول بتقديم طبق المسخن الفلسطيني، ووجهت لها دعوة للمشاركة في مهرجان المغرب لم تستطع المشاركة بسبب ظروف خاصة.
الطهي يعكس الثقافة
وتشير عدس إلى أنها تحب أن تزرع التراث بكل فرصة تسمح لها لإثبات الهوية الفلسطينية، فيمكن كما اللباس وغيره أن يعكس الثقافة الفلسطينية، وتحاول من خلال الطعام أن توصل رسالتها وتفهم ثقافات الشعوب المختلفة.
في أوقات فراغها، تحرص بين فترة وأخرى على الاجتماع بنساء الحي وجاراتها لتفيدهن ببعض النصائح والاستشارات والأسرار في صناعة الكيك والمعجنات، لافتة إلى أن الطبخ والطهي لا يمكن إتقانه ففيه أسرار ونفس، ويحتاج إلى تدريس وتعليم عبر أكاديميات ومتخصصين.
وتأمل عدس مستقبلًا تحويل مطبخها إلى حاضنة لاستقبال المهتمين بالطهي لتعليم فنونه وأصوله، وتحقق حلمها الأكبر في رفع اسم فلسطين بالمحافل الدولية، وتعمل لأجل ذلك بمواصلة التدريبات والتمرن على الطهي لساعات طويلة لتتقنه لإيمانها بالرسالة التي يحملها.