قائمة الموقع

معجون الطماطم.. موروث شعبي تصنعه "أم حمدان"

2022-06-03T09:25:00+03:00
فلسطين أون لاين

تحت أشعة شمس حزيران، يتصبب العرق من جبين أم حمدان العلامة بغزارة، فهي لم تترك تحريك موقد نار الحطب إلا لدقائق قليلة، إذ تحضر معجون الطماطم على طريقة جدتها.

تستيقظ أم حمدان من بلدة بيت أمر شمال الخليل، في ساعات الصباح الأولى لتبدأ في عصر حبات البندورة اللامعة على محضرة الطعام، وبعدما تصفيها من القشور والبذور، تضعها في قدر كبيرة ترتكز على عدد من الأحجار يتوسطها حطب مشتعل، وبمغرفة خشبية كبيرة تستمر في التحريك وهي واقفة لنحو أربع ساعات.

وَعت أم حمدان (53 عامًا) على هذه الحياة وهي تشاهد جدتها ووالدتها تصنعان رُب البندورة على نار الحطب كعادة تراثية دأبت على مشاركتهما صنيعة، وتجتهد لتحافظ عليها حتى يومنا الحالي، إذ تقوم بتخزينه واستخدامه في كثير من الأكلات على مدار العام دون أن يصيبه التلف.

تنتظر أم حمدان الصيف لتصنع معجون البندورة التي تزرعها في أرضها في فصل الصيف، لأن لونها الأحمر يكون غامقًا وبه لمعة، وهي بندورة بعلية، وهذا الوقت هو أفضل الأوقات لصنع صلصلة الطماطم التي تخزنها في برطمانات زجاجية من أجل استخدامها طيلة العام.

تقول أم حمدان: "مع بداية الصيف نبدأ بقطف حبات البندورة، ومن ثم غسلها، وتقطيعها وعصرها على محضرة الطعام الكهربائية، بدلًا من عصرها يدويًّا كما كنت أفعل سابقًا، ومن ثم أصفيها لفصل القشور والبذور عن العصير".

ومعجون الطعام الذي تصنعه أم حمدان بنكهة النار، له مذاق لا تزال كثير من نساء الخليل تقبل على شرائه، لأن نكهته تذكرهم بالماضي، ومذاقها أصيل لا يجدونه في علب الصلصة الجاهزة.

ويحتاج 20 لترًا من عصير البندورة المضاف إليه الملح والسكر لنحو 4 ساعات على نار الحطب ليصبح صلصلة، وقبل الوصول إلى هذه المرحلة تصنع منه عصيرًا وثم تغليه لربع ساعة لكي يتعرض للبسترة، وبعضه يترك للغلي ثلاث ساعات ليصبح "صوص" ويتم حفظه في الثلاجة، بحسب أم حمدان.

ولعصير البندورة مرحلة رابعة يصنع فيها معجون صلب القوام، حيث يترك العصير يغلي لمدة تزيد عن الخمس ساعات على نار هادئة، ومن ثم يتم فرده في صواني تترك لتبرد، ومن ثم تكتمل العملية بالتجفيف الشمسي وهو أشبه ببيت بلاستيكي كالذي يستخدمه المزارعون، وبعد ثلاثة أيام من التحريك لثلاث مرات يوميًا، يحفظ في برطمانات يمكن تخزينها في مكان جاف دون الحاجة إلى ثلاجة، كما توضح.

وتشير إلى أن 300 لتر من عصير البندورة، ينتجون 100 كيلو من معجون الطماطم.

وعن أوجه استخدام معجون البندورة، تذكر أم حمدان أنه يضاف لطبيخ الخضراوات، والمحاشي، وهناك البعض يتناوله مع الخبز دون إضافات.

وتلفت أن نسوة البلدة كن يصنعن في القدم معجون البندورة وقت انخفاض أسعارها، لبيوتهن ويحتفظن بها لأكثر من عامين، ولكن حاليًا تكاسلن عن فعل ذلك ويتجهن لشراء علب الصلصة الجاهزة التي تفسد بعد أسبوع من فتحها.

ويحتاج صنع معجون الطماطم كثير من الوقت والجهد، ورغم ذلك ما تزال أم حمدان متمسكة في عملية صناعته لبيتها ولتسويقه في مدينة الخليل، قائلة: "لدى انتماء وحب وتعلق بكل ما هو قديم ويتعلق بتراث وطني، ومستمرة في صناعته على أمل عودة الفلسطينيات لتصنيع مونة بيتها بنفسها كما كن يفعلن سابقًا، فالأمر اقتصادي، وأكثر صحة حيث لا يضاف إليه أي مواد حافظة صناعية".



 

اخبار ذات صلة