أبو هاني: المقاومة تحافظ على عنصر المفاجأة
لافي: "سيف القدس" لا يجب أن يُشرع دائمًا ويجب استخدامه للردع
قدمت المقاومة الفلسطينية أسلوبًا مغايرًا هذه المرة أمام انتهاكات (إسرائيل) في القدس المحتلة مقارنة بتعاملها مع تصاعد الانتهاكات في ذات المدينة العام الماضي، وتحديدًا خلال شهر مايو/ أيار، حيث خاضت معركة "سيف القدس".
لكن الظروف لم تكن مواتية للمقاومة كي تبدأ معركة عسكرية جديدة في وقت سعى فيه الاحتلال إلى استدراج المقاومة خاصة أنه كان يستنفر قواته العسكرية والاستخبارية كلها، كما يرى خبراء عسكريون وأمنيون.
ونجحت المقاومة كما يقول الخبراء في جعل دولة الاحتلال في حالة استنفار كامل فقط لحماية ما تسمى "مسيرة الأعلام" التي نظّمها المستوطنون في القدس.
وعدَّ الخبير في الشؤون العسكرية العميد رفيق أبو هاني، أنّ المعركة مع الاحتلال عبارة عن جولات تتلو بعضها إلى حين الحسم النهائي مع الاحتلال، وهو قادم لا محالة، مؤكدًا أنه لا يوجد قوة عظمى في العالم استطاعت البقاء كقوة احتلال على أرض محتلة طالما كانت هناك مقاومة متجذّرة وقوى وطنية تستطيع بعزمها وإرادتها أن تخلع هذا المحتل.
وقال أبو هاني لصحيفة "فلسطين": إنّ المشهد في القدس والأراضي المحتلة عبارة عن جولة لمعركة صامتة نوعًا ما، لكنها كانت تُدار عبر الاستخبارات والتخطيط وصراع العقول حول الدوائر المستديرة لقيادة أركان المقاومة.
أهداف إستراتيجية
وأشار إلى أنّ المقاومة والشعب الفلسطيني كله أمام مشهد سياسي وعسكري تقوده المقاومة برشد واقتدار، والمعارك لا تُدار عبر "فيسبوك أو العواطف".
وأكد أنّ المقاومة تتحكم بالميدان، وهي من تستطيع أن تطلق النار، ولها البدايات والنهايات وسيوفها مُشرَعة وصواريخها تنتظر الأمر من القائد العام، لكنّ المعركة ليست صواريخ فقط رغم أنها إحدى أهم الوسائل العسكرية للمعركة.
وتابع: هناك أهداف إستراتيجية وتكتيكية للمقاومة، وقد تلجأ لعمليات ممكن أن تكون في الداخل المحتل ضمن الأهداف الإستراتيجية التي تنتظر المقاومة تنفيذها ردًّا على عدوان الاحتلال والمستوطنين.
وأكمل: لقد أصبحت المعركة في يد المقاومة رغم أنّ الاحتلال فعل جريمته في القدس، وهذا لا يعني أن تلجأ المقاومة مباشرة إلى إطلاق النار والردّ في وقت يبدو فيه جيش الاحتلال في كامل جهوزيته.
وشدَّد أبو هاني على أنّ المباغتة أحد مبادئ الحرب، وتمثل 50 بالمئة من الانتصار، وفي مثل هذا المشهد لا تستطيع المقاومة مفاجأة الاحتلال لأنه كان في حالة جهوزية عالية، وفي حال ردّت فإنها فقدت 50 بالمئة من قدرتها على الانتصار.
"لكن حكمة المقاومة أجَّلت موضوع الرد، حتى تحتفظ برأس المال، وهو المباغتة وعنصر المفاجأة" بحسب أبو هاني.
وأشار إلى أنّ الظروف السياسية والعسكرية تُثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنّ دولة الاحتلال في حالة ضعف. وتساءل: ما هذه "الدولة" التي تستنفر كلّ قواها في السماء والبحر والأرض على مدار شهر كامل من أجل تأمين مسيرة؟ "هذا يثبت أنّ كيان الاحتلال يتهاوى ولقد أصبح ضعيفًا".
وتوقع الخبير العسكري أن تردَّ المقاومة على الاحتلال لكن "خارج الصندوق" هذ المرة، بمعنى أننا قد لا نشاهد الصواريخ في السماء، لكن ربما نشاهد ونسمع في الأيام المقبلة ردود فعل تتناسب مع العدوان الإسرائيلي في القدس بما يُشكّل مفاجأة وصاعقة للاحتلال من حيث لا يحتسب.
وعندما خاضت فصائل المقاومة بغزة معركتها السنة الماضية، بدأتها بقصف "تل أبيب" والمستوطنات في القدس المحتلة، وخلال المعركة التي امتدت 11 يومًا غطّت صواريخها الأراضي الفلسطينية المحتلة كلها.
زخم المقاومة
وقال الخبير في الشؤون الأمنية محمد لافي: إنّ المقاومة لها أدوات وخطوات وترتيبات، ولقد كانت حاضرة وبقوة بين الجماهير الفلسطينية في القدس والضفة والداخل المحتل منذ نكبة الـ 48.
ورأى لافي خلال حديثه مع "فلسطين"، أنّ الزخم في الفعل المقاوم هذا ما كان لولا تراكم الفعل المقاوم في غزة قبل "سيف القدس" وبعدها أيضًا.
وأشار إلى أنه ليس من الضروري أن يكون "سيف القدس" مُشرعًا دائمًا وبشكل مباشر، وإنما ممكن أن يكون رادعًا وحاضرًا ضمن أدوات الاستخدام والتعامل مع انتهاكات الاحتلال.
وبيَّن أنّ الفعل العسكري مهم جدًّا، لكنّ الزخم الجمهوري مهم أيضًا، وكذلك البعد الإعلامي والدولي والدبلوماسي والسياسي، وهذا يتطلب من السلطة أن تخوض حراكًا سياسيًّا ودبلوماسيًّا حول العالم من خلال السفارات الفلسطينية حول العالم.
ونبَّه إلى أنّ ما حصل في القدس صراع على السيادة بدا واضحًا في مسيرات الأعلام الفلسطينية المناوئة لـ "مسيرة الأعلام" للمستوطنين، ولقد لوّح علم فلسطين أعلى بكثير من علم الاحتلال وذلك من خلال الطائرة التي حملته عاليًا.
ولفت لافي إلى أنّ غرفة العمليات المشتركة تضمُّ تشكيلة منوعة من الفصائل العسكرية التي تملك عاطفة جيّاشة للدفاع والرد، لكن رغم هذا التنوع إلا أنّ الرواية مُقنعة للجميع بالتروِّي والصبر في ظلّ جهوزية الاحتلال الكاملة لممارسة العدوان، وفقدانها عنصر المفاجأة.