فلسطين أون لاين

تقرير أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم.. ألم يتجدد وهواجس لا تغيب

...
اعتصام لأهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال
غزة/ هدى الدلو:

تعيش عائلة الشهيد كمال أبو وعر حالة من الخوف؛ خشية سرقة الاحتلال الإسرائيلي شيئًا من أعضائه بعد تغييبه في ثلاجات الموتى الإسرائيلية منذ عامين.

محمد شقيق الشهيد يتحدث عن مشاعر الحزن التي تخيم على عائلته بأكملها لاستمرار احتجاز جثمان شقيقه كمال لدى الاحتلال بعد اعتقال دام 18 عامًا.

يقول لصحيفة "فلسطين": "لا أعرف ما هذه القوانين الإسرائيلية التي تحرم الشهيد من أبسط حقوقه ودفنه بالطريقة التي تليق به؟".

ويضيف: "نعيش في ألم يومي، وكأن كمال يستشهد يوميًا بالنسبة لنا لكونه غير مدفون حتى الآن، وهذا الأمر من الصعب أن يتقبله والداه، فلا أستطيع أن أهدئ نارهم التي تقيد في قلوبهم ما دام بعيدًا عنهم".

والدته المسنة تعاني أمراضًا وتخشى أن يباغتها الموت قبل احتضان جثمان ابنها وطبع قبلة على جبينه، إذ تقول: "أخشى أن يُدفن بعيدًا عني، فلا أتمكن من زيارة قبره أناجيه وأشكي له همومي وأوجاعي بسبب غيابه عني".

والأسير أبو وعر من مواليد الكويت عام 1974، سبق عائلته بالعودة إلى فلسطين بخمس سنوات، وهو الابن الثاني لعائلة مكونة من ستة أفراد، تقيم في بلدة قباطية في جنين.

أكمل الثانوية العامة، والتحق في قوات الـ17، واستمر الاحتلال في مطاردته ثلاث سنوات على خلفية مقاومته الاحتلال قبل اعتقاله عام 2003م، وتعرض لتحقيقٍ قاسٍ استمر لأكثر من 100 يوم متتاليات، وحكم عليه الاحتلال بالسّجن المؤبد المكرر 6 مرات، و(50) عامًا.

وقد حرم الاحتلال عائلته من زيارته لمدة ثلاث سنوات متتالية بعد اعتقاله، وشارك في كل الإضرابات المفتوحة عن الطعام ومنها الإسنادية، وكان آخرهم إضراب عام 2017.

وعانى الأسير أبو وعر مشكلات صحية سابقة في الدم خلال فترة اعتقاله، وتمكن من علاجها، إلا أنه وفي نهاية عام 2019، بدأ وضعه الصحي يتدهور تدريجيًا، إلى أن ثبتت إصابته بالسرطان في الحنجرة، وبدأت مواجهته لمرض السرطان في ظروف اعتقالية صعبة وقاسية، وتفاقم وضعه الصحي بشكل متسارع، إلى أن استشهد في نوفمبر 2020.

ولن تهدأ هواجس عائلة أبو وعر أو ينتهي عبء التفكير ليل نهار قبل تحقيق مطلبهم باسترداد جثمانه ودفنه بما يليق به، متابعًا: "فلا يوجد قانون بالعالم يمنع دفن الإنسان بين أهله وأحبابه، كما أنه لا قانون يسمح بمحاكمة جثة واحتجازها في الثلاجة لسنوات لكونه دافع عن بلده ووطنه وأهله".

بين صدمتين

أما عائلة الأسير سامي العمور لم تستوعب فكرة استشهاده، لتصطدم باحتجاز جثمانه في الثلاجات الإسرائيلية حتى هذا اليوم، فوالدته التي حرمت من زيارته في السجون 13 عامًا لم تقبل فكرة موته في سنوات الغياب الموحشة، وكل ما تريده أن تصلي عليه صلاة الجنازة، وتدفنه في مقابر المسلمين لتطفئ نارها بعد نيل فلذة كبدها أبسط الحقوق الإنسانية.

الأسير العمور من مدينة دير البلح غزة كان قد استشهد في الثامن عشر من نوفمبر 2021، في مستشفى "سوروكا"، وكان يبلغ من العمر 39 عامًا، بعد أن تعرض لجريمة الإهمال الطبي المتعمد في سجون الاحتلال حتى يوم استشهاده، حيث كان يعاني مشكلة في القلب تفاقمت من جراء المماطلة والإهمال الطبي المتعمد.

ومنذ اعتقاله عام 2008، نقل العمور قبل استشهاده من سجن "نفحة" إلى سجن "عسقلان" ثم جرى نقله إلى حاجز بئر السبع حيث مكث فيه رغم خطورة وضعه الصحي لمدة 14 ساعة، الأمر الذي فاقم من وضعه الصحي ورغم حاجته الماسة لنقله فورًا للمستشفى، وبعد نقله خضع لعملية جراحية وفشلت، وعملية أخرى حتى أعلن عن استشهاده.

منذ ستة أشهر تعيش عائلته على أمل، تنتظر بفارغ الصبر اللحظة التي ينطفئ بها شوقهم بالإفراج عن جثمانه ودفنه بين أحبائه ورفاقه.

يقول حمادة، شقيق الشهيد، أنه منذ لحظة استشهاده حتى اليوم لا تعرف العائلة أي شيء عن مصير جثمانه، وقد تواصلت مع العديد من المؤسسات الحقوقية والدولية والمحلية لمعرفة مصيره دون جدوى.

ويرى أن سياسة الاحتلال باحتجاز جثامين الشهداء هو أسلوب لفرض العقاب على الأهالي وزيادة في معاناتهم، وهو انتهاك للمبادئ الإنسانية، مطالبًا بتسليم جثمان شقيقه الشهيد وغيرها من المحتجزة لديهم، لكي يتسنى لعائلاتهم توديعهم ودفنهم.

وأطلقت مؤخرًا حملة وطنية إعلامية "بدنا أولادنا" للمطالبة بالإفراج عن جثامين الشهداء التي تحتجزهم (إسرائيل) في مقابر الأرقام والثلاجات، والعمل على استعادة القضية في ظل عمليات التصعيد الراهنة، والتخوف من احتجاز المزيد من الجثامين.