تعرض المسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس، منذ احتلاله في العاشر من يونيو/حزيران عام 1967 لسلسلة طويلة من الانتهاكات الإسرائيلية، والتي كان آخرها إغلاق المسجد، ومنع الصلاة فيه، يومي الجمعة والسبت الماضيين 14 و 15 يوليو/تموز الجاري.
وأعقب ذلك تركيب سلطات الاحتلال الإسرائيلية لبوابات تفتيش إلكترونية على مداخل المسجد، وهو ما أثار غضب الفلسطينيين، الذين يرفضون الدخول عبرها، وقرروا الصلاة في الشوارع المحيطة.
ونستعرض في هذا التقرير، أهم هذه الانتهاكات، وفق ما ورد في تقارير صحفية، وفي تقارير حقوقية وثقتها مؤسسة القدس الدولية:
1- عقب احتلال القدس ومن ضمنها المسجد الأقصى عام 1967، استولت سلطات الاحتلال على مفاتيح باب المغاربة، وهو أحد الأبواب العشرة المفتوحة في المسجد الأقصى، ويقع في أقصى زاويته الغربية الجنوبية.
ويخصص هذا الباب اليوم لدخول السياح إلى المسجد الأقصى وكذلك لاقتحامات المستوطنين له، وتتحكم شرطة الاحتلال فيه تحكماً كاملاً.
2- في 21 أغسطس/آب من العام 1969، قام الاسترالي الصهيوني دينس مايكل روهان بإشعال النيران في الجامع القبلي أحد مصليات المسجد الأقصى، وأتى الحريق حينها على منبر صلاح الدين الأيوبي، ومحراب زكريا ومسجد عمر، وتضررت 3 من أروقة الجامع وسقف الجهة الشرقية له.
3- شهد المسجد الأقصى خلال الثمانينيات محاولات عديدة من مجموعات استيطانية لتنفيذ مجازر فيه أو تفجير قبة الصخرة، ففي عام 1982 حاولت إحدى المجموعات السرية اليهودية تفجير مصلى قبة الصخرة، ولكن هذه الخطة أفشلت عندما تم اكتشاف المتفجرات قبل انفجارها.
وفي نفس العام نجح أحد المتطرفين اليهود في اقتحام مصلى قبة الصخرة، وأطلق النار على الموجودين، فاستشهد فلسطينيان.
4- في 1984 أعلن عن كشف خلية سرية في سلاح الجو التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي، كانت تخطط لقصف المسجد الأقصى من الجو.
5- شهدت سنوات التسعينيات تصعيداً آخر ضدّ الوجود العربي والإسلامي في الأقصى، فقد احتشد الفلسطينيون في أكتوبر 1990 في المسجد لصدّ المستوطنين الذين أعلنوا عن نيتهم وضع حجز الأساس لبناء الهيكل المزعوم داخل المسجد.
وفتحت شرطة الاحتلال نيرانها على الفلسطينيين بكثافة، فاستشهد حينها 21 فلسطينياً. فيما بعد عرفت هذه الجريمة بمذبحة الأقصى الأولى.
6- أما مذبحة الأقصى الثانية، فقد اندلعت في 25 سبتمبر 1996 عندما أعلن عن فتح نفق في محيط المسجد الأقصى، وقد اندلعت على إثر ذلك هبة النفق، استشهد فيها 63 فلسطينياً.
7- وفي عام 2000، اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية من قلب المسجد الأقصى، عندما اقتحم اريئيل شارون الذي كان في حينها رئيس المعارضة في الكنيست الإسرائيلي ممثلاً لحزب "الليكود".
وارتقى خلال الانتفاضة التي امتدت لـ 5 سنوات 4 آلاف و412 شهيدًا فلسطينيًا، إضافة إلى 48 ألفًا و322 جريحًا، بينما قُتل 1100 إسرائيلي، بينهم 300 جندي، وجرح نحو 4500 آخرين.
وتميزت الانتفاضة الثانية، مقارنة بالأولى التي اندلعت عام 1987، بكثرة المواجهات، وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاحتلال، حيث نفذت الفصائل الفلسطينية عمليات داخل المدن الفلسطينية المحتلة عام 48، استهدفت تفجير مطاعم وحافلات، تسببت بمقتل مئات الإسرائيليين.
8- عملت (إسرائيل) منذ بداية الألفية الثالثة على تكثيف مخططاتها التهويدية حول المسجد الأقصى وفي محيطه، فحسب تقارير مؤسسة القدس الدولية، يعتبر عام 2010 "المنعطف الأخطر نحو شروع اليهود ببناء المعالم اليهودية الضخمة في محيط الأقصى". فقد افتتح في العام 2010 "كنيس الخراب" وهو أكبر كنيس في البلدة القديمة ولا يبعد سوى أمتار قليلة عن المسجد.
9- يعتبر عام 2015 منعطفاً خطيراً آخر فيما يتعلق بالاعتداء على المسجد الأقصى، باعتباره العام الذي شهد أشرس محاولة إسرائيلية لفرض مخطط التقسيم الزماني والمكاني على المسجد.
وقد شهد هذا العام حظر الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، وحظر ما أسمته المخابرات الإسرائيلية "تنظيم المرابطين والمرابطات"، وعلى إثر ذلك توقفت مشاريع إعمار المسجد الأقصى ومنها مسيرة البيارق التي اعتادت نقل المصلين من داخل الأراضي المحتلة عام 1948م، ومنها مشروع مصاطب العلم في المسجد الأقصى.
وفي ذات العام، شكّلت إجراءات الاحتلال وإصرار المستوطنين اليهود على اقتحام باحات الأقصى ومحاولة فرض تقسيم زماني ومكاني للمسجد، والاعتداء على المقدسيات، أسبابًا رئيسة لاندلاع "انتفاضة القدس"؛ أوائل تشرين أول/ أكتوبر 2015.
وتميزت انتفاضة القدس، بطابع العمل الفردي، عبر عمليات طعن ودهس لجنود إسرائيليين ومستوطنين بالضفة الغربية والداخل المحتل والقدس.
10- اقتحامات المستوطنين: وهي مستمرة منذ 1967، ولكنها شهدت التصعيد الأكثف في 2016، إذ وصل عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى خلال العام الماضي ما يقارب 14 ألف مستوطن، في حين كانوا في عام 2009 ما يقارب 5600 مستوطن، أي أنهم ازدادوا خلال 7 أعوام بنسبة 148%.
11- شهد عام 2016 ارتفاعاً واضحاً في عدد المستهدفين من أبناء القدس والداخل ممن يواظبون على الصلاة في المسجد الأقصى أو يعملون كحراس وسدنة له، فقد بلغ عدد من تلقوا أوامر إبعاد عن المسجد الأقصى ما يقارب 258 فلسطينياً منهم 23 سيدة و11 من موظفي دائرة الأوقاف، وتراوحت فترات الإبعاد ما بين 3 أيام و6 شهور.
12- وقد تصاعد في السنوات الأخيرة تبني وزراء في حكومة الاحتلال وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي لمشاريع اقتحام المستوطنين للمسجد، فقد شارك أعضاء كنيست ووزراء في اقتحام المسجد على مدار السنوات الثلاثة الأخيرة، كما استضاف الكنيست خلال 2016 مؤتمراً برعاية جمعيات "الهيكل" الإسرائيلية.
13- الحفريات: حسب تقرير مؤسسة القدس الدولية 2016، فقد وصل عدد الحفريات في محيط المسجد الأقصى 63 حفرية متوزعة على الجهات الأربعة في محيط الأقصى.
ومن أخطر تلك الحفريات النفق الذي افتتح في 2016 بحضور ميري ريجيف وزيرة الثقافة في حكومة الاحتلال ونير بركات رئيس بلدية القدس المحتلة، والذي يمتد من عين سلوان جنوباً ويصل إلى الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى.
وآخر تلك الاعتداءات الإسرائيلية، تمثلت بإغلاق المسجد ومنع الصلاة فيه: في سابقة هي الأولى من نوعها، وذلك يومي الجمعة والسبت الماضيين 14 و 15 يوليو الجاري، بذريعة وقوع عملية إطلاق نار، نفذها 3 فلسطينيين، وأسفرت عن استشهادهم، ومقتل جنديين إسرائيليين.
وأعقب ذلك قرار حكومة الاحتلال بتركيب بوابات فحص الكترونية على مداخل المسجد، لكن المؤسسات المقدسية في المدينة رفضتها، ودعت المقدسيين إلى عدم المرور عبرها، وأداء الصلوات في الشوارع المحيطة بالمسجد، لحين إزالتها.