أثبتت مشاهد هجوم شرطة الاحتلال على جنازات الشهداء في القدس المحتلة؛ بما لا يدع مجالاً للشك، حقيقة (إسرائيل) التي لا تكتفي قواتها بإعدام الفلسطينيين واغتيالهم بل إنها تلاحقهم في جنازاتهم، كما حصل مع الشهيدين المقدسييْن مراسلة قناة الجزيرة الصحفية شيرين أبو عاقلة ومن بعدها وليد الشريف.
والتقطت عدسات المصورين مشاهد صعبة لقمع واعتداء شرطة الاحتلال على الجماهير المقدسية المشاركة في تشييعها بمدينة القدس، وحاولت منع المشيعين من رفع العلم الفلسطيني، وقوبل ذلك بصمود كبير من حاملي تابوت أبو عاقلة الذين تصدوا لقمع الاحتلال ومحاولات إسقاطه أرضًا.
ولم يرُق ذلك للاحتلال، فشن حملة اعتقالات واسعة طالت أعدادًا كبيرة من المواطنين المقدسيين.
وكانت أبو عاقلة استشهدت، الأربعاء 11 مايو/ أيار الحالي، برصاص قناصة الاحتلال الإسرائيلي بجنين أثناء تغطيتها اقتحام المدينة الواقعة في شمالي الضفة الغربية المحتلة، الأمر الذي أثار ردود فعل على مستوى العالم، ووصفت فلسطينيًا أنها عملية اغتيال.
وتصعد (إسرائيل) من استهدافها كذلك للعلم الفلسطيني وتحاول تنكيسه في جميع الفعاليات الوطنية والشعبية التي تشهدها القدس المحتلة، في خطوة يراها مراقبون أنها تأتي تباعًا لإعلان رئيس الإدارة الأمريكية السابق دونالد ترامب، مدينة القدس عاصمة للاحتلال، بحسب زعمه، ولحالة الصمت الدولي على عمليات الهدم والتهويد في المدينة.
وفي تطور لاحق، هاجمت قوات الاحتلال جنازة الشهيد الشريف في القدس المحتلة، خلال تشييعه إلى مثواه الأخير في مقبرة المجاهدين، الإثنين الماضي.
ونفس المشهد الذي تصدر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لقمع شرطة الاحتلال جنازة الصحفية أبو عاقلة، تكرر خلال تشييع الشهيد الشريف، واعتدت قوات الاحتلال على المشيعين وأطلقت قنابل الغاز والرصاص المطاطي، ما أدى إلى إصابة 71 من المشيعين.
من جهته، قال مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية زياد حموري، لا شك أن جميع المشاهد التي عرضتها شاشات التلفاز، وتداولها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، كلها تعبر عن منتهى السوء لدى قوات الاحتلال والوقاحة وفقدانه الأخلاق أيضًا.
وعدَّ حموري في تصريح لصحيفة "فلسطين"، أن الأسوأ كان اقتحام قوات الاحتلال المستشفيات والاعتداء على المشاركين في التشييع، حتى إن عمليات القمع طالت عددًا من المرضى والممرضين.
وأشار إلى أنه عندما سلم الاحتلال جثمان الشهيد المقدسي الشريف لعائلته، سلمها دون شروط، لكن وجود شرطة الاحتلال بكثافة كان مفاجئًا للجميع، لكن حشود المشيعين فاجأت الاحتلال أيضًا.
وأضاف: "دائمًا تشهد جنازات تشييع الشهداء مشاركة أعداد كبيرة من المشيعين خلال ترديد الشعارات والهتافات الخاصة بالوطن وهذا أمر طبيعي، لكن غير الطبيعي هو الاعتداء السافر من قبل قوات الاحتلال".
وعدَّ أن أفعال الاحتلال هذه كلها منافية للأخلاق والقوانين الدولية، وتكشف انتهاكاته اليومية للعالم ومدى الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وحقيقة صورة الاحتلال.
وبينما يسعى الاحتلال للسيطرة على وسائل الإعلام العالمية -كما يقول حموري- بهدف تشويه صورة الشعب الفلسطيني؛ الآن يحدث العكس وانقلب السحر على الساحر؛ "فجنازات الشهداء وخاصة شيرين والشريف أعطت فعلاً صورة حقيقية عن نضال الشعب الفلسطيني يلتزم نضاله، ويحترم الشهداء والصورة المعاكسة هي الاحتلال الشنيع الذي تتضح انتهاكاته وممارساته للجميع.
ولقد نجح الشعب الفلسطيني في توصيل صورة الاحتلال الحقيقية للعالم من خلال الصور والمشاهد، كما يرى مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ومن المداخلات التي جاءت ردًّا على قمع المشاركين في جنازات الشهيدين أبو عاقلة والشريف، على مواقع التواصل الاجتماعي، تساؤل صاحب الحساب "Ahmed Abd Elhady" كاتبًا في تغريدة على تويتر: "فين (أين) بتوع (المدافعين عن) حقوق الإنسان اللي قرفونا في أوكرانيا؟ ولا ده عادي؟ فين العقوبات والإدانة ولا مش شايفين الوساخة اللي بتحصل في جنازة الشهيدة أبو عاقلة؟".
وغرد الصحفي خالد كريزم، على "تويتر": تهافتت وسائل الإعلام العربية على نقل مزاعم بأن "(إسرائيل) ستحقق باستخدام قواتها للعنف" خلال جنازة أبو عاقلة، وقد جاء تأكيد للخبر قبل قليل بالاعتداء على مشيعي جثمان الشريف. نهج الاحتلال ثابت ومعروف، وخيبات المتلهفين متتالية.
أما صاحب الحساب "yaseenizeddeen" غرد على "تويتر": الغباء جندي من جنود الله. تفاجأت من موافقة سلطات الاحتلال على تسليم جثمان الشهيد وليد الشريف بدون شروط، توقعت أنهم ربما سيسمحون للفلسطينيين بتشييعه كما يشاؤون حتى يبيضوا صورتهم في الإعلام. لكنهم ارتكبوا نفس حماقاتهم في جنازة شيرين أبو عاقلة وزادوا الأمور اشتعالاً.