تعرض قط صديقه غالي الثمن لكسر في قدمه، فعرض عليه أن يصنع له جبيرة، استغرب يوسف الخالدي في البداية وتفاجأ، فلم يسبق له أن صنع جبيرة لحيوان من قبل.
فكر حينها بأخيه محمد المختص بصناعة الأطراف الصناعية والجبائر وعرض عليه الفكرة، إذ لمس المهندس الزراعي والبيطري يوسف لهفة صديقه على قطه وبكاء طفله الشديد عليه، كما أن صنع الجبيرة فيه إنقاذ لحياة القط، وحمايته من أي عاهة مستديمة.
يقول يوسف لـ"فلسطين": "بداعٍ إنساني بحت أخذت على عاتقي وأخي صناعة الجبائر، رغبة في نيل الثواب، ونقدم هذه الخدمة مجانًا لمن طلبها".
ولم يكن لدى محمد أدنى فكرة عن طريقة تصنيع الجبائر الخاصة بالحيوانات، فهو يمتلك الخبرة الكافية لتصنيع الجبائر والأطراف الصناعية للأفراد، لذا قام بالبحث عبر الإنترنت عن طريقة صناعتها، وأجرى عدة تجارب حتى نجح في النهاية.
يبين محمد لـ"فلسطين" أنه نجح في صنع الجبائر بأدوات بسيطة متوفرة في القطاع وهو الجبص خفيف الوزن الذي يتناسب مع بنية الحيوانات والطيور، مشيرًا إلى تمكنه من علاج عشرات الحيوانات على مدار خمس سنوات ماضية.
ويقول إنه يقدم الخدمة مجانًا بدافع إنساني بحت، بالإضافة إلى عدم وجود مركز مختص في صناعة جبائر الحيوانات في القطاع، مراعاة لظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السكان في قطاع غزة، وإنقاذ أرواح الحيوانات من موت محقق في بعض الأحيان.
وتتلخص مهمة محمد في أخذ مقاسات الجبيرة واختيار المادة المناسبة للجبيرة وتصميمها داخل مركزه، أما أخوه يوسف فينصب دوره في تشخيص حالة الحيوان وهل يعاني من كسر، أو التهاب، أو جروح التي تتطلب تدخلًا جراحيًا.
ويقول يوسف: "يقوم أخي بتصنيع الجبيرة بعد أخذ مقاسات أطراف الحيوانات من الطيور، والقطط، والماعز، والخيول، داخل مركز الأطراف الصناعية الخاص به".
ويلفت إلى أن بعض الحالات الخطرة والمعقدة يرفض علاجها بالجبيرة، لأنها تطلب تدخلا جراحيا من مختص بيطري.
وعن الصعوبات التي يعانيها قطاع البيطرة، يجيب محمد: "صنع الجبائر غزة للحيوانات ليس شائعًا إطلاقًا، وهذا ما لمسناه من تزايد طلبات مربي الحيوانات لصنع جبائر لحيوانات، كما لا يوجد تخصص جامعي في هذا المجال، بالإضافة إلى أن الأطباء البيطريين قلائل ولا يغطون السوق المحلي، وبعض العيادات الطبية أصحابها غير مختصين في البيطرة".
وبحسب وزارة الزراعة بغزة فإن أهم المعيقات أمام عمل تلك المراكز هو عدم توافر اللقاحات ومواد الفحص في بعض الأحيان، لكن بوجه عام هناك مؤسسات دولية مختصة تقدمها في حالة الطوارئ، فهذه اللقاحات مكلفة جدًّا.
وتشير إلى أن الطب البيطري يعاني نقصًا شديدًا في الكادر البشري؛ فهناك عزوف عن السفر إلى الخارج لدراسة هذا التخصص؛ فحاليًّا يوجد قرابة مئة طبيب، ستون منهم وصلوا إلى سن التقاعد، حتى إن الوزارة لا يعمل بها سوى تسعة أطباء.
ولاقت مبادرة يوسف وأخيه محمد إقبالًا من مربي الحيوانات الأليفة سيما في البيوت.
ويطمح محمد بإنشاء مركز متكامل لصناعة جبائر وأطراف صناعية للحيوانات، وتقديم كل ما يتعلق بذلك من رعاية، وعناية، وتطعيمات.