فلسطين أون لاين

تكاليفه تزيد على 30 ألف دينار

تقرير من قلب الأقصى.. مبادرة لتزويج الشباب المقدسيين وخفض نفقاته

...
القدس-غزة/ مريم الشوبكي:

حينما يقرر الشاب المقدسي الزواج عليه أن يعد للعشرة قبل الإقدام على تلك الخطوة، فهو محاصر من جميع الجهات: غلاء في المهور، وإيجارات البيوت، بخلاف ضريبة "أرونونا"، وملاحقته من الاحتلال الإسرائيلي بقائمة من الملفات "الأمنية" للقضاء على مستقبله.

محمد الصوص تجاوز (35 عامًا) ولم يستطِع أن يدخر شيئًا ليكمل "نصف دينه"، وكلما فكر في الارتباط يصرف النظر عن الأمر، لأنه سيدخل في دوامة سيخرج منها مثقلًا كاهله بالديون، أو أن يكون السجن مصيره بسببها.

يشكو الشاب المقدسي من تكاليف المعيشة المرتفعة في مدينة القدس، وتكاليف الزواج التي لا يستطيع الشاب الفلسطيني في القدس تلبيتها.

يقول الصوص لـ"فلسطين": "ثمن البيوت في القدس خيالي، وشقق الإيجار حدِّث ولا حرج، إذ يصل إيجار بيت لا يتعدى 50 مترًا إلى 1200 دولار شهريًّا، وسيفرض عليه دفع ضريبة مساحة (أرونونا) 250 شيقلًا شهريًّا، بخلاف فاتورتي الكهرباء والماء".

وتابع: "إضافة إلى الطلبات التعجيزية التي يطلبها أهل الفتاة المقدسية من الشاب المقبل على الزواج، يبدؤون بطلب 200 إلى 350 غرامًا من الذهب ما يعادل 20 ألف دينار أردني، بخلاف المقدَّم الذي يصل إلى 5000 دينار، ومثله المؤخر، وعفش البيت".

ويردف الصوص: "في الزواج الشاب المقدسي يتحمل كل المصاريف، وتخيلي أنني عندما أريد زيارة أهل الفتاة لطلبها يجب أن أحمل بيدي تلبيسة وهي قطعة ذهب بما قيمته 1200 دينار أردني إما عقد، وإما سوار".

ولا يتوقف الأمر عند المهر، إذ يفرض على العريس المقدسي أن ينفق على حفلتي الخطوبة، وكتب الكتاب، واستئجار قاعة الأفراح التي يصل ثمنها إلى 7000 شيقل، ووليمة الغداء، والكوافيرة، وفستان الزفاف.

ويستنكر الصوص مغالاة أهل الفتاة بالمهور، ومطالبة الشاب المقدسي بما لا يطاق، ويتساءل "لماذا كل هذه المصاريف؟ لماذا لا يراعون الأوضاع المعيشية المضنية التي يعيشها الشباب، فالشاب يعمل وينهك ليل نهار لتوفير الاحتياجات الأساسية لبيته، وهم يطلبون ما لا يطيقه أي إنسان، أين العقلاء والدعاة لإطلاق دعوة للمقدسيين بالرأفة بالشباب وتخفيض المهور؟".

والصوص ليس الشاب الوحيد الذي تخطى منتصف الثلاثينيات ويحلم بأن يكون أسرة ويستقر، بل حاله كحال مئات الشباب المقدسيين الذي يعاني مشكلة غلاء المهور.

الشباب المقدسي محاصر

وهذه المشكلة دعت المقدسية فاطمة خضر لإطلاق مبادرتها لتزويج الشباب المقدسيين من قلب المسجد الأقصى.

تقول خضر لـ"فلسطين": "مطلعة على معاناة الشباب الذين يصل العديد منهم لعمر 40 عامًا ولم يتزوجوا حتى الآن، لأنهم لا يستطيعون توفير المهور التي يطلبها أهل العروس، أقيمت أعراس جماعية في رام الله وغزة، ولكن لم يسبق أن أقيم عرس جماعي لشباب القدس، فالسلطة آخر أولوياتها وقد تخلت عن المدينة وسكانها".

وتبين خضر أن مبادرتها تهدف إلى تزويج الشباب المقدسي الذي لم يسبق له الزواج، وإقامة عرس جامعي تراثي، حيث تتزين العروس بالثوب المطرز بالنقش الفلاحي، والعريس بتأنق بالزي التقليدي لإحياء الأعراس التراثية القديمة.

وتوضح أنها ستسعى إلى توفير أثاث، وأدوات كهربائية، ودعوة أهالي الفتيات إلى تخفيض المهر لإتمام الزواج.

وتلفت خضر إلى أن كثيرًا من الشباب المقدسي محاصرون بالديون بسبب عدم قدرتهم على دفع الضرائب وتراكم إيجارات البيوت، وفواتير الكهرباء، والماء، ما يجعل الاحتلال الإسرائيلي يصدر بحقهم ملفات أمنية تمنعهم من العمل داخل الأراضي المحتلة عام 48، حتى لا يتمكنوا من سدادها، وبالتالي تهجيرهم خارج القدس.

وتشير إلى أن عشرات الشباب المقدسيين هم من طالبوها بإطلاق المبادرة، من أجل حث المجتمع على التعاطف معهم ومساعدتهم على الزواج سواء بتقليل المهور، أو بتوفير تكاليف الزواج ومساعدتهم على استئجار البيوت وتأثيثها.

تذكر صاحبة المبادرة أن طلبات أهل الفتاة في المهور تفوق قدرات الشباب والتي تصل في بعض الأحيان إلى 20 ألف دينار أردني، ما يضطرهم إلى الاستدانة من أجل تلبيتها، وقد يسجن بعضهم لعدم قدرته على الوفاء.

وتناشد المقدسيين التحلي بروح المسؤولية الاجتماعية وتخفيض المهور، وإعفاء الشباب من التكاليف غير الضرورية، ليبدؤوا حياتهم بلا ديون.

وتدعو خضر المؤسسات الخيرية، ورجال الأعمال، وأهل الخير، بالتبرع بالمساعدات العينية، والمالية، لتخفيف عليهم، والدعاة وخطباء المساجد تطالبهم بتخصيص خطاباتهم لدعوة المقدسيين إلى تقليل المهور عملًا بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم: "أقلهن مهرًا أكثرهن بركة".