قال عضو مجلس النواب الأردني ينال فريحات، إن تصريحات رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت حول رفضه أي تدخلات أجنبية -في إشارة للأردن- تعبر عن حقيقة السياسة الإسرائيلية القائمة على عدم الاعتراف بأحد سوى سيادتها.
وكان بينيت قال في بداية اجتماع حكومته أول من أمس: إننا "نرفض أيّ تدخل أجنبي فيما يتعلق بالمسجد الأقصى، والقرارات بشأن الأقصى والقدس ستتخذها الحكومة الإسرائيلية"، زاعمًا أنّ "(إسرائيل) ستستمر في الحفاظ على التعامل باحترام تجاه أبناء كل الشرائع في القدس".
ورأى فريحات في حديث خاص مع صحيفة "فلسطين"، أن التصريحات واضحة بتجاهل الوصايا الأردنية على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية، "ما يزيد المسؤولية أمام الحكومة الأردنية لاستخدام أدوات جديدة في التعامل مع الاحتلال"، حسب تقديره.
وأوضح أن هذه التصريحات كشفت عن أهداف حكومة الاحتلال عبر الزيارات المتكررة لمسؤوليها للمملكة الأردنية في الآونة الأخيرة، وهي السعي لاستمرار التهدئة وتحقيق مصالحهم وتوسعهم في المنطقة.
وأضاف أنه "لا يوجد ما يُسمى مصالح مشتركة حتى على المستوى الرسمي بين الأردن و(إسرائيل)، أو ما يُسمى تحقيق السلام في المنطقة".
ورأى أن ممارسات حكومة بينيت تستوجب من صانع القرار في الأردن تبديل الأدوات التقليدية في العلاقة مع دولة الاحتلال وخاصة فيما يتعلق بوجود اتفاقيات ومصالح مشتركة مثل اتفاقيات الغاز والمياه.
وشدد على أن "كل حكومات الاحتلال متطرفة وينتهجون ذات السياسة"، معتبرًا تصريح بينيت "إلغاء لاتفاقية وادي عربة التي نصّت على الوصايا الأردنية على المقدسات الإسلامية، لذلك من الممكن أن يلغي أي اتفاقيات أخرى".
وطالب فريحات، صانع القرار في الأردن بوقف التعامل في الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، لكونه يتنكر لكل الاتفاقيات ولا يحترم المجتمع الدولي وغيره.
وتابع: "سنضغط في مجلس النواب على الحكومة لتغيير نبرتها وطريقة تعاملها مع حكومة الاحتلال، خاصة أن هناك استفزازًا وعدم احترام للوصايا الأردنية وتنكرًا للاتفاقيات".
وأكمل: "سأطالب في جلسة النواب القادمة، بضرورة انفتاح الحكومة الأردنية على حركة المقاومة الإسلامية حماس وتوجيه دعوة رسمية لقيادتها بزيارة الأردن، لترويع الأوراق والخيارات".
وبيّن أن هذه المطالبة تأتي في سياق اتخاذ الحكومة خطوات مماثلة لخطوة حكومة الاحتلال التي تستفز القيادة الأردنية بعدم احترامها للوصايا، من خلال بناء علاقات جديدة مع جهة تستفز الكيان وهي "المقاومة الفلسطينية".
وحول علاقة زيارة الملك الأردني عبد الله الثاني للولايات المتحدة نهاية شهر إبريل/ نيسان الماضي، قال فريحات، إن تصريحات "بينيت" جاءت في وقت تسلّم فيه الملك عبد الله جائزة السلام في نيويورك.
وعدّ الخطوة الإسرائيلية في هذا التوقيت "ورقة قوّة للملك عبد الله، أمام الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأن خرق الاتفاقيات جاء من (إسرائيل) وليس الأردن"، معتبرًا ذلك "فرصة للأردن على المستوى الرسمي بوضع الإدارة الأمريكية بصورة الوضع، وإمكانية تغير تعاملها مع (إسرائيل)".
ويعود تاريخ الوصاية الأردنية على المقدسات إلى عام 1924، عندما عُقدت البيعة للشريف حسين بن علي للوصاية على المقدسات في المدينة بموجب قانون أقره الانتداب البريطاني قبل انتهائه، إذ كانت الأردن، آنذاك، لا تزال تحت سلطة الانتداب البريطاني مع منحها حكمًا ذاتيًا.
ومع احتلال كل الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس في حزيران/يونيو 1967، لم تنقطع تلك الوصاية، بل وقع الأردن مع (إسرائيل) في 26 أكتوبر عام 1994، معاهدة السلام المعروفة باتفاقية "وادي عربة"، التي أكدت احترام (إسرائيل) الدور الأردني الحالي في الأماكن الإسلامية المقدسة بالقدس.
تجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال صعّدت خلال شهر رمضان المبارك، اعتداءاتها العنصرية ضد المصلين والمرابطين في المسجد الأقصى، من أجل تسهيل اقتحامات المستوطنين، ضمن محاولاتها فرض التقسيم الزماني والمكاني.
وهنا يُعلق فريحات، بقوله، إن "الصراع بات يتمحور حول الحرب الدينية وأساسها المسجد الأقصى، من أجل إقامة الهيكل المزعوم".
وبيّن أن الهدف الأساسي للاحتلال هو السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى، ثم تقسيمه زمانيًا ومكانيًا، كما جرى في الحرم الإبراهيمي بالخليل، مشيدًا في الوقت ذاته، بدور المقاومة في قطاع غزة الذي أربك حسابات الاحتلال.
وحول دور الحكومة الأردنية تجاه ما يجري في المسجد الأقصى، رأى النائب الأردني، أن دورها "غير كافٍ"، خاصة في شهر رمضان المبارك فيما يتعلق بالاعتكاف وغيره من التحركات.
وقال: "المسجد الأقصى مسؤولية أمة بأكملها، لكن كون الوصايا للأردن وطبيعة العلاقات التاريخية الفلسطينية تستوجب أن يكون دور الأردن أكبر على المستوى الرسمي".
وبيّن أن الحكومة الأردنية لا تستطيع مواجهة (إسرائيل) وحدها، "لكن على الأقل أن تستخدم كل أدواتها المتاحة"، وفق تعبيره.
وأشار إلى أن القيادة الأردنية لا تزال تستخدم الأدوات التقليدية الدبلوماسية الناعمة، "لذلك أطالب باستخدام الأدوات الخشنة في العلاقة مع الاحتلال ولا سيّما أن الانتهاكات أصبحت شبه يومية"، حسب قوله.
وختم حديثه، أن "الاحتلال يسعى لتغيير الأمر الواقع في الأقصى وجعل الاقتحامات أمرًا طبيعيًا ومقبولًا بين الفلسطينيين".