فلسطين أون لاين

بين هدم وأسر وتشرُّد .. عائلة "جرادات" تعيش تحت وطأة العقاب الجماعي

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

مسنٌ يبلغ من عمره ستين عامًا، أطفالٌ صغار، مرضى، منذ خمسة أشهرٍ والاحتلال يعاقب ويشرّد والد وأشقاء الأسير عمر جرادات وهو أحد أربعة أسرى تتهمهم قوات الاحتلال بتنفيذ عملية برقة (حومش) غرب نابلس شماليّ الضفة، التي قُتل فيها أحد المستوطنين في ديسمبر/ كانون الأول 2021.

بين أسر وهدم وتشرّد، استيقظ والد عمر على وقع أصوات أكثر من مئة آلية عسكرية إسرائيلية اقتحمت بلدة "السيلة  الحارثية" غرب جنين أول أمس، أغلقت مداخل البلدة كافة، ومنعت الدخول أو الخروج من البلدة، ونشرت قناصتها فوق أسطح المنازل، وزرعت المتفجرات بشقة عمر الواقعة في عمارة سكنية من أربعة طوابق تعود لوالده وأخوته، كانت قد فجرت شقة والده الواقعة بالطابق الأرضي في فبراير/ شباط الماضي، وبقي يعيش فيها بين جدران مثقوبة وأبواب مخلوعة، عانى من برد الشتاء، ومرارة الحياة بلا راحة أو أمن.

"احنا بالعادة ننام ساعتين ثلاثة، لكن منذ خمسة أشهر، نعيش في ترقب وتشرد، في كل لحظة وساعة نترقب قدوم الآليات، أيقظني الساعة الثانية فجرًا أصوات الآليات عندما كنت نائمًا في شقتي التي تعرضت أيضا للتفجير وبقيت فيها، ثم اقتحموا شقة عمر بعنف" يروي والد عمر تفاصيل الهدم.

"بدكم تهدوا البيت، وين أروح!؟".. لم يجب ضابط الاحتلال على سؤال جرادات الأب، وأجبره على الابتعاد عن المنزل ليخلوا لهم المنزل، فعاثوا فيه خرابا ، وتضررت اثر التفجير الثاني باقي شقق البيت ، دون أن يسمحوا لهم بإخراج اثاثهم.

يصف والد الأسير سياسة الاحتلال بـ "القمعية الإجرامية" وهو يحتار في وصف ما تعرض له، ليكتفي بالتساؤل المقهور: "كيف لدولة تتدعي الديمقراطية، أن تعاقب رجلا يبلغ ستين عاما من عمره؟، وأحفادي الصغار، نعيش خمسة أشهر مشتتين، لا يوجد مأوى لنا، نفترش الأرض ونلتحف السماء".

لم يقتصر العقاب على جدران المنزل والتشرد، فإضافة إلى عمر، يعتقل الاحتلال شقيقه المنتصر بالله، وغيث ووالدته، يقول جرادات ، إن زوجته المعتقلة بسجن الدامون، مريضة وتعاني من القلب وخضعت لعملية "قسطرة"، مضيفًا: "لقد زاد مرضها يوم العيد، ونقلت إلى المشفى، كانت تسأل عن ابنائها المعتقلين، وحاولنا طمأنتها علينا وعلى أحوالنا وأننا بخير رغم كل أنواع الظلم والقهر والعقاب التي تمارس علينا ولم يشهدها التاريخ".

أسد وهو شقيق الأسير عمر، متزوج ولديه أطفال ويعيش بنفس العمارة لم يقل تشرده عن ما عاشه والده وباقي أخوته، يدخل صحيفة "فلسطين" في جزء من تلك المعاناة، "نحن لسنا أول أو آخر فلسطينيين يعانون من سياسة الاحتلال العقابية، تضررنا كثيرا من هذه السياسية، أمي وثلاثة من أخوتي بالسجن ".

طوال هذه المدة نغص الاحتلال حياة أسد وأسرته، فما أن يلبث في شقته قليلا، حتى يخلي زوجته لبيت عائلتها تحسبًا لأي هدم محتمل، خاصة بعد هدم الاحتلال منزل محمود جرادات أحد أفراد العائلة، وزاد الوضع صعوبة عليهم، لكن الأصعب من هذا كله بالنسبة له هو اعتقال والدته المريضة التي لم تعتد على أجواء الاعتقال والأسر.

عن لحظة الهدم التي عاش أسد تفاصيلها، يقول: "كنت في بيتي، وخرجت على وقع  أصوات جنود تطلب مني أخذ أبنائي والابتعاد، كذلك قاموا بإخلاء منازل الجيران لضمان عدم تصوير جريمة الهدم".

ورغم كل ما تتعرض له العائلة من أبشع عقاب جماعي ذاقت فيه مرارة أيامٍ مرة، لا زال يربط أسد وعائلته الصبر على قلوبهم "احنا بأرضنا وبلدنا وهذا فداء الأقصى وفي سبيل الله".

كتب إبراهيم جرادات على صفحته على "فيسبوك" عن هدم منزل عمر: "أحداثُ ديسمبر الماضي ما زالت تُلقي بظلالها علينا، إذ في هذه الليلة يكتمل مسلسل الهدم الذي بدأهُ الاحتلال في شهر فبراير بهدم منزل الأسير محمود جرادات، مُروراً بمنازلنا ومنزل الأسير غيث جرادات، وانتهاءً بمنزل الأسير عُمر جرادات هذه الليل"

وأضاف "هكذا يكون حِسابُ حوميش مدفوعاً بالكامل؛ سِجناً وهَدماً، فاللهُمّ تقبّل واخلُف خيراً، وقُرّ أعيُنَنا بخلاصِ أسرانا،  حمى الله الحارثية والجرادات وأبقاها مناراتٍ لمن اهتدى".

وتتهم قوات الاحتلال الأسير عمر وشقيقه غيث، وكذلك خالهم محمود جرادات وقريبهم محمد جرادات بالمشاركة في تنفيذ عملية إطلاق نار على مدخل مستوطنة "حومش" المخلاة والمقامة على أراضي بلدتي برقة شمال نابلس وسيلة الظهر جنوب جنين في 15 ديسمبر/ كانون الأول 2021، وقتل مستوطن وإصابة آخر.

وكانت محكمة الاحتلال العليا قد رفضت قبل نحو أسبوعين استئنافاً لعائلة جرادات بمنع هدم منزلها، علماً بأن قوات الاحتلال كانت قد هدمت 3 منازل للعائلة ليرتفع العدد بعد هدم شقة عمر إلى أربعة منازل.