قبل أيام صادق محمود عباس على القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية وهذا القرار قام بإعداده مجلس وزراء حكومة الحمد الله ورفعه لعباس للمصادقة عليه.
أولاً: إن المتفحص للجانب القانوني يجد أن المجلس التشريعي الفلسطيني هو الجهة المسؤولة عن إصدار التشريعات وإصدار السيد عباس لهذا القرار يعد باطلاً من الناحية القانونية، لأن عباس انتهت ولايته في 9-1-2009 واستناداً للقانون الأساسي الفلسطيني فإن المادة 43نصت على "عدم جواز إصدار الرئيس لقرارات بقانون إلا في حالات الضرورة القصوى التي لا تحتمل تأجيل أو تأخير على أن يتم عرضها على المجلس التشريعي في أول جلسة له"، وبناء على ما سبق يتضح لنا أن القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية الصادر عن عباس باطل قانونياً.
ثانياً: إن مضمون المواد و النصوص الواردة في القرار شملت مواد تشمل خطورة مخالفة القانون الأساسي ومخالفة قوانين حرية التعبير وتمس بحرية الرأي والخطورة تكمن في أن هذا القرار بقانون تم بدون إشراك أي جهة في المجتمع المدني أو هيئات حقوقية أو نقابية، فعند تفحص المواد الواردة في القرار نجد في ثناياها التلبيس والتدليس واعتماد الحجج الملتوية و كبحا لحرية الرأي والتعبير ضمن سلسلة من المواد التي تفرض الوصاية على الحريات ومصادرة للحقوق يهدفون من وراء ذلك ترسيخ مغالطات السلطة التنفيذية وتغولها على السلطات الأخرى في انزلاقات تضليلية وتمويهية هدفها السيطرة وقمع الحريات وتعزيز الصوت الواحد للسلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية .
ومن جهة أخرى يتضمن القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية الصادر عن عباس أحكاما تنطوي على الحريات في إطلاق العنان للأجهزة الأمنية بإغلاق المواقع الالكترونية التي تتبنى روايتهم ورؤيتهم، إضافة لحبس المعارضين وتغريمهم مالياً وفق ما نص عليه القرار من أحكام وعقوبات.
ثالثاً: يسمح هذا القرار للسلطات الأمنية بتقييد حرية حق وصول الجماهير للمعلومات وذلك من خلال اعتماد مصطلحات فضفاضة مثل تهديد الأمن العام، تهديد سلامة الدولة، إضعاف الشعور الوطني ، وهذه كلها مسميات واسعة تحتمل التأويلات والتفسيرات المختلفة فيمكن أن يؤول أي لفظ لمعنى مخالف للمقصد الأساسي له وكذلك الباس الحق صفة الباطل وأن تعتمد التفسير السيئ وتعاقب على ذلك كل من يختلف مع الجهات الرسمية والأجهزة الأمنية.
رابعاً: إن هذا القرار بقانون سيترتب عليه آثار أمنية واقتصادية تضر بالدولة، بداية فإن التشديد والترهيب الذي تحمله مواد هذا القرار ستدفع الجمهور الى العزوف عن الاشتراك في الشركات الفلسطينية للإنترنت وتكنولوجيا المعلومات ومزودي الانترنت الفلسطينيين لأن هذا القرار يستوجب على هذه الجهات تقديم معلومات عن مستخدميهم للجهات الامنية وكذلك السماح للأجهزة الأمنية بمتابعة معلومات وخصوصيات الجمهور عبر شبكة الانترنت، مما سيؤدي للجوء الجمهور للشركات التابعة لدولة الاحتلال للاستفادة من خدماتها، وهنا يبرز الخطر الأمني حيث يصبح المستخدم الفلسطيني لدى شركات دولة الاحتلال الالكترونية صيدا سهلا وهدفا للإسقاط والمتابعة الأمنية، اضافة لما سبق فإن هنالك أثرا ماليا واقتصاديا سيئا لعزوف الجمهور الفلسطيني عن استخدام الشركات الوطنية الفلسطينية.
خامساً: حق الحصول والوصول للمعلومات حق أصيل ويعد أهم ركائز الحرية في الدول الديمقراطية فكيف لنا أن نفسر ونتفهم هذا القرار الذي يحمل في ثناياه مواد تعارض هذا الحق، ومن أمثلة ذلك المهمة والخطيرة قيام سلطة رام الله بإغلاق عدد من المواقع والمنصات الاعلامية الوطنية وحجبها في الضفة الغربية واعتقال عدد من الصحفيين والاعلاميين بالضفة الغربية بحجج واهية وترهيبهم بالقبضة الأمنية.
سادساً: ينبغي على المؤسسات الحقوقية والنقابية وهيئات المجتمع المدني الاعتراض على قرار عباس بشأن الجرائم الإلكترونية باعتباره باطلا قانوناً و يصادر الحريات شكلاً ومضموناً، وكذلك ضرورة العمل على تعطيل تطبيقه لمخالفته للقانون الأساسي الفلسطيني وباعتباره باطلا قانوناً و لأنه يحمل العديد من المواد المموهة التي تحتمل التدليس والتأويل وفق رغبة السلطات، وفي ذلك مغالطات عظيمة ومصادرة للحريات.