لا تزال أزمة الكهرباء تزيد معاناة المواطنين في قطاع غزة، وفي ظل عدم احتمال توفر حلول قريبة لهذه الأزمة، تضطر العائلات الغزية للبحث عن بدائل جديدة للطاقة، تحقق لها شيئا من الراحة المفقودة.
"الطاقة الشمسية"، إحدى الوسائل التي أقبلت عليها الكثير من العائلات في غزة مؤخراً، كما تستخدم أنظمة الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة في المستشفيات والمدارس والطرقات والبلديات ومنشآت مختلفة، وليست مقتصرة على البيوت.
تكلفة مرتفعة
المواطن أحمد عبد العال (45 عاما) قال: "عانيت بشكل كبير من مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، وخاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، حاولت استخدام بدائل عدة للكهرباء، ولكنها جميعًا كانت ذات تكلفة مرتفعة، كالمولد والبطاريات وغيرها من الوسائل التي كانت تتلف في مدة بسيطة جداً".
وأضاف لـ"فلسطين": "نصحني أحد أصدقائي بتجربة ألواح الطاقة الشمسية فهي لا تحتاج لسولار وتعمل لساعات طويلة جدا، بالإضافة إلى أنها طبيعية وآمنة، ترددت في البداية لأن سعرها مرتفع جداً، ولكن بسبب الوضع الذي أعاني منه قررت اللجوء إليهاـ والحمد لله استفدت منها بدرجة كبيرة جدا، لا أستغني عنها الآن في المنزل".
وتابع قوله: "صحيح أنها تحتاج إلى بطاريات جديدة بين فترة وأخرى، ولكنها مفيدة للغاية في تشغيل كل الأدوات الكهربائية في المنزل، وأهمها المراوح والتلفاز، وفي بعض الأحيان يمكنني تشغيل الثلاجة أو حتى الغسالة، وهذا كله يعتمد على حجم الطاقة التي قمت بتركيبها".
وتقوم فكرة هذه الوسيلة على تركيب ألواح زجاجية فوق أسطح المنازل، لتتولى تغذيتها بالتيار الكهربائي عن طريق بطاريات شحن، يُعاد شحنها من الخلايا الشمسية، وتعمل الخلايا على تحويل ضوء الشمس إلى الكترونات كهربائية، يتم نقلها بواسطة أسلاك إلى بطاريات شحن، والتي بدورها تقوم بحفظ الطاقة الكهربائية الناتجة من ضوء الشمس، وبعد ذلك يتم تحويل الطاقة المخزنة في البطاريات إلى محولات كهربائية توزع التيار الكهربائي على المنزل أثناء ساعات انقطاع التيار الكهربائي.
راحة كبيرة
الرضا عن تجربة الطاقة الشمسية يبديه أيضا عبد الناصر عمرو (35 عاما)، فقد استفاد هو الآخر منها، إذ وفّرت عليه الكثير من الأموال التي كان يدفعها بشكل دائم لتشغيل المولدات الكبيرة.
وقال عمرو لـ"فلسطين": "كنت أدفع شهريًا، ما يزيد عن 200 شيكل لشراء الوقود الخاص بالمولد الكهربائي، والذي يتعطل أكثر ما يعمل، هذا غير صوته المزعج ورائحة السولار التي تؤثر علينا بشكل كبير"، مضيفا: "سألت عن جميع الوسائل البديلة، فنصحني عدد كبير من الناس بالطاقة الشمسية، اتخذت القرار بعد جمع مبلغ من المال، والآن وفّرت على نفسي الكثير من الجهد الذي كنت أبذله، على الأقل ينام أبنائي دون أرق أو بكاء طيلة الليل من شدة الحر".
وتابع: "الشيء السلبي الوحيد في ألواح الطاقة الشمسية هو ارتفاع ثمنها فقط، ولكن باقي تفاصيلها إيجابية، ولا تحتاج لبذل مجهود لتشغيلها، كما يمكن استخدامها في أي وقت".
أما إيهاب حماد (33 عاما) والذي اعتبر أن الطاقة الشمسية غير مكلفة مقارنة بالوسائل الأخرى، قال: "صحيح أننا في بداية الأمر ندفع مبلغًا كبيرًا من المال لتجهيز الخلايا الشمسية وكافة مستلزماتها، ولكن هذا المبلغ لا يُقارن مع حجم التعب والإرهاق والحرارة التي نشعر بها بشكل يومي".
وأضاف: "بسبب ارتفاع الحرارة الشديد كان أبنائي دائماً ينامون على البلاط ويستيقظون في الليل يبكون من التعب والإرهاق والحرارة العالية، ولكن بعد أن اشتريت ألواح الطاقة الشمسية بات بإمكاني تشغيل التكييف والمراوح، الآن أصبحت أشرب مياها باردة في أي وقت، دون الحاجة للانتظار 20 ساعة".
وسيلة سهلة
أسماء ناصر لم تترك بديلًا للتيار الكهربائي إلا واستخدمته، قالت لـ"فلسطين": "اشتريت بطارية كبيرة قبل عام تكلفتها كانت 700 دولار مع جهاز شحنها، ولكن لم أكن أستطع تشغيل الغسالة أو الثلاجة باستخدامهاـ حتى المراوح كانت تسرّع انتهاء شحنة البطارية، كنت أعتمد عليها لساعة أو ساعتين في اليوم فقط وبعد ذلك أجلس في الحر ولا أستطيع تشغيل أي شيء، حتى الإنارة".
وأضافت: "بعد أشهر لم أستطع استخدامها، خاصة وأن الكهرباء لا تصلنا سوى ثلاث ساعات في اليوم، وبالطبع لا يمكن شحن البطارية في هذا الساعات القليلة، لذا لجأت بعدها لبديل آخر، وهو الاشتراك في مولد كبير في المنطقة التي أعيش فيها ولكن هذا كان يكلفني 300 شيكل شهريًا".
وتابعت قولها: "صحيح أن تكلفة الألواح الشمسية 3 آلاف دولار، ولكنها وفرت عليّ جهدًا كبيرا، على الأقل الآن ينام أبنائي دون معاناة مع الحرارة المرتفعة، ويمكنني تشغيل الغسالة، ولا أقلق من تلف الطعام في اليوم التالي لأنني أستخدم الثلاجة كذلك".
وأوضحت: "في الحقيقة هذه الوسيلة الوحيدة التي استفدت منها بشكل كبير، وأنصح الجميع باستخدامها، عيبها الوحيد هو ارتفاع سعرها غير ذلك فهي مفيدة جدًا، ولا تحتاج إلى تكلفة أخرى غير هذا المبلغ ويمكن استخدامها في أي وقت، لأن باقي الوسائل استخدامها مقصور على ساعات محدودة".
وأشارت إلى أنها تستخدم الطاقة الشمسية في تشغيل التلفاز وشاحن الهاتف ومختلف الأجهزة الكهربائية، كما أنها لا تضطر للخروج من المنزل بأطفالها لانقطاع التيار الكهربائي.
هذه الوسيلة لا يمكن توفيرها سوى للعائلات المقتدرة ماديًا، وأحيانا لأصحاب الدخل المتوسط، ولكن العائلات الفقيرة تضطر غالباً للاعتماد على الشموع، أو البطاريات الصغيرة التي تحصل عليها كمساعدة من المؤسسات الخيرية.