في محله العتيق الذي يجاور المسجد الإبراهيمي، ويشبه في تصميمه إلى حد كبير الطراز المعماري العثماني، تجذبك ألوان الحلقوم بالأحمر القاني، والوردي، والأبيض المُطعم بألوان الفواكه المجففة، والمكسرات التي يغلبها الفستق الحلبي.
الحلقوم على طريقة المطبخ التركي بدأ يغزو أسواق البلدة القديمة بالخليل على يد أحمد سياج، وشريكه مهند الحرباوي، حيث أضافا خط إنتاج الحلقوم التركي إلى مصنعهما وهو الوحيد في مدينة الخليل، إلى جانب الفلسطيني الذي يتميز بلونه الأبيض الشفاف، حيث يلقى رواجًا كبيرًا لدى الزبائن من الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 48م، قبيل عيد الفطر السعيد.
أسس سياج وشريكه مصنعًا لصناعة الحلقوم -الراحة كما يفضل أن يسميه- والحلويات الفلسطينية كالسمسمية، والفستقية في عام 2007م، وبدءا بإنتاج صنفين، واليوم أصبحا ينتجان 52 صنفًا مختلفًا.
يقول سياج لـ"فلسطين": "تعلمت وشريكي مهنة صناعة الراحة، كان مشروعًا صغيرًا في البداية لشابين في مقتبل العمر، ومن ثم لاحظنا إقبال الناس على جلب الراحة التركية عند عودتهم من تركيا إلى فلسطين".
ويتابع: "بدأ الزبائن يطلبون منا إنتاج الراحة التركية، لم يكن لدينا أدنى فكرة عن كيفية صناعتها، لذا سافرنا إلى تركيا، والأردن وخضعنا لدورات لتعلم كيفية صناعتها وتقنياتها، وكذلك حصلنا على دورات في تصنيع المن والسلوى وهي حلويات عراقية تلقى رواجًا كبيرًا.
اليوم يصنع الحلقوم التركي بأيدٍ فلسطينية خليلية، يضاهي المستورد في الجودة، والسعر المنخفض، يبين سياج أن الصنف التركي يلقى إقبالًا شديدًا لتنوع نكهاته والتي تتميز بأنها طبيعية، يفوق الحلقوم المحلي الذي يتراوح سعره من 25 إلى 20 شيقلًا للكيلو الواحد، وسعره أرخص من حيث يتراوح ما بين 20 إلى 50 شيقلًا للكيلو الواحد، أما المستورد فيصل ثمن الكيلو الواحد منه 80 شيقلًا.
ويوضح أن الراحة التركية يضاف إليها المكسرات، ونكهتي الرمان الطبيعية الحامض، والحلو، والفواكه المجففة أيضا، والفراولة، والنعنع، بخلاف الراحة المحلية التي يضاف إليها النكهات المصنعة.
ويلفت سياج أن الحلقوم التركي جودته أعلى، وصلاحيته تصل إلى عام، ودرجة حلاوته أقل لأن النكهات الطبيعية تخفف من حدته، بخلاف المحلي الذي تنتهي صلاحيته خلال ستة أشهر.
ويحتاج الحلقوم التركي إلى درجة حرارة معينة في أثناء عملية الطهي بخلاف طريقة صنع المحلي منه، ومراحل تصنيعه في بعض النكهات تمتد لأربعة أيام، حيث بعضها يضاف إليه النكهات الطبيعية في أثناء عملية الطهي، وبعضها في أثناء فرده لتبريده ومن ثم تقطيعه، وفق سياج.
وينبه سياج إلى أن مصنعه يعمل على مدار العام، بخلاف محلات البلدة القديمة التي تغلق أبوابها طوال العام، وتفتح خلال شهر رمضان فقط.
وبمشروعه استطاع سياج، كما يقول، إحياء صناعة الحلقوم التراثية وإحياء سوق البلدة القديمة، والتي تواجه خطر الاندثار بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلية والعقبات التي يضعها أمام التجار، بالإضافة إلى غزو الأصناف المستوردة للسوق المحلي.
وتحتاج عملية طهي الراحة التركية إلى 4 ساعات ونصف لكي تمتزج النكهات مع بعضها بعضًا، بخلاف الراحة المحلية التي تحتاج ساعة أو أقل.
ويذكر سياج أن الحلقوم التركي استطاع جذب الناس إلى البلدة القديمة، حيث يقصدها كثير منهم لشرائه فقط في الأيام الأخيرة لشهر رمضان، فهي من الحلويات التي لا يتم الاستغناء عنها لضيافة المهنئين بالعيد.
ويطالب بدعم الصناعات التقليدية، وتجار البلدة القديمة في الخليل، وتخفيض الضرائب التي تطالهم لكي يعيدوا تشغيل مصانعهم، والتصدير لخارج فلسطين، من أجل إعادة إحياء البلدة القديمة ومواجهة الإجراءات الإسرائيلية.