تستقبل مدينة رهط في الأراضي الفلسطينية المحتلة شهر رمضان كما بقية المدن الفلسطينية بتزيين البيوت والمحال التجارية والشوارع والطرقات. يعمل الرجال على تنظيف الشوارع في كل الأحياء ابتهاجًا بقدومه، ويستعد الحلوانيون لصنع القطائف، والكنافة، والبقلاوة التي يتهافت الناس على شرائها قبيل ساعات الإفطار.
وما يميز المجتمع البدوي في رهط حفاظه على العادات والتقاليد الرمضانية التي ورثوها عن الأجداد، يجتمع الرجال في شق العائلة (الديوان) على مائدة إفطار واحدة يوميًا طوال أيام الشهر، وأما نساء العائلة الممتدة يمددن سفرة إفطار كبيرة في "حوش" البيت.
يقول عقيل الزيادنة من مدينة رهط: "تزيين البيوت بالأحبال المضيئة عادة دخيلة على المجتمع البدوي بدأت منذ سنوات قليلة، وحاليًا أصبحت سمة غالبة لا يستغني عنها أي بيت في المدينة، وفهي تثير البهجة والفرحة في قلوب الكبار قبل الصغار".
ويضيف الزيادنة لـ"فلسطين": "قبل رمضان تزدحم المحلات والمراكز التجارية بالمشترين، من أجل شراء مؤونة الشهر الفضيل، وتحرص النسوة توفير المواد التي تحتاج إليها في صنع الأكلات التقليدية البدوية".
ومن أهم العادات الاجتماعية التي ما يزال أهل رهط يحافظون عليها، هي اجتماع رجال العائلة على مائدة إفطار جماعية في الشِق، حيث يمنع وجود الرجال والنساء على مائدة الإفطار في شهر رمضان بخلاف أشهر السنة، لخصوصيته الدينية، وفق قوله.
ويبين الزيادنة أن رجال كل عائلة يجلبون الأطباق التي صنعتها نساؤهم في البيوت، أو يصنعون الأكل بأنفسهم في الشق، وغالبًا يكون "الفتيت" هو الأكلة الشعبية الأكثر شهرة لدى البدو، أو الأرز الأبيض مع قطع لحم الخروف.
ويوضح أن وجود اللحم أساسي على وجبة الإفطار يوميًا في شهر رمضان، ويتنوع ما بين لحم الخروف، أو العجل، أو الدجاج، أو الحبش، ويصنع عليه أطباق مختلفة، وفي ولائم الأرحام يتم صنع المنسف بلحم الخروف، واللبن الجميد.
الملوخية معروف أنه عنوان اليوم الرمضاني الأول للغزيين، وباتت اليوم من الأطباق الرئيسية الأساسية التي يحرص سكان رهط على صنعها، وذلك نتيجة اختلاطهم بأهل غزة.
يقول الزيادنة إنه يحرص على زراعتها في حقله قبل رمضان حتى تقوم زوجته بطهيها خلال الشهر، أما "الصحن الدوار" الذي يكاد يندثر بين المدن الفلسطينية، فلا تزال رهط تحافظ عليه، يجول الجيران بين بعضهم قبيل أذان المغرب بأطباق طعام الإفطار، "فجميع بيوت الحي تأكل نفس الأطباق".
ومن العادات التي تميز فلسطينيي رهط في رمضان، هي المشي بين الناس بالإصلاح، إذ يلفت الزيادنة إلى قيام أهل الخير والإصلاح بإصلاح ذات البين بين الأفراد، والعائلات المتخاصمة وإعادة المحبة والألفة بينهم.
ذبائح وزيارات
ومع نهاية رمضان تقوم كل عائلة بذبح ذبيحة حبش أو خروف، وإقامة وليمة عائلية يُدعى إليها الإخوة والأخوات عليها، بخلاف ولائم الأرحام، كما تقول براء نصاصرة.
وتردف نصاصرة لـ"فلسطين": "يؤجل الرجال زيارة الأرحام إلى نهاية رمضان، ويقدمون لهم الكعك والمعمول بالعجوة".
والتمر والقهوة العربية هما عنصران أساسيين على وجبة الإفطار، بالإضافة إلى المشروبات الطبيعية، كالليمون، وكوكتيل الفواكه.
وتلفت نصاصرة إلى أن البدو، في الماضي، كانوا لا يتناولون الحلويات كثيرًا ولم يعرفوا القطائف، وكانوا يكتفون بشرب القهوة مع قطع من الحلقوم، أو الهريسة، والتمر فقط، بخلاف اليوم أصبحت المحلات التجارية التي تبيع القطائف، والكنافة منتشرة بشكل كبير.
وزبدية السلطة العربية لا تغادر سفرة الإفطار حتى انتهاء رمضان، وتشرح أنها تتكون من باذنجان مشوي، وبندورة مشوية، وفلفل، يتم دقهم بالمدقة، ومن ثم يتم إضافة الطحينة، والليمون، وزيت الزيتون، لافتة إلى أنه لا غنى عن محشي ورق العنب، وشوربة الفريكة بالخضراوات، والمسخن، والمقلوبة.
وطبيخ اللبن في رهط مختلف قليلا، تبين نصاصرة أنهم يصنعونه من اللبن الزبادي، ولحم الحبش، فبعد سلق الحبش، يتم إضافة مرقه إلى اللبن ويصنع منه الصلصلة دون أي إضافات أخرى.
ويبقى أجمل شيء في رمضان بالنسبة لنصاصرة هي لمة نساء العائلة على وجبة إفطار واحدة، إقامة السهرات الرمضانية حتى ميعاد السحور.