وصف الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج د.أحمد محيسن، رئيس السلطة محمود عباس وأجهزة أمنه، بأنها أسوأ من قوات وجيش "لحد" في قيادتهم الشعب الفلسطيني.
وقال محيسن في حوار خاص مع صحيفة "فلسطين"، إنّ جيش لحد لم ينبثق من ثورة وشُكِّل على يد الاحتلال، لكنّ السلطة أسوأ من "لحد" لأنهم يُمثّلون ثورة شعب تحت الاحتلال ويمارسون ما مارسته قوات لحد، وباتت السلطة الذراع الذي يُطيل عمر الاحتلال وقطعان المستوطنين في فلسطين.
وأشار إلى أنّ مدن الضفة الغربية وخاصة جنين والخليل وبيت لحم وطولكرم ونابلس تتعرض لأبشع عدوان وأذى من الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة أمن رئيس السلطة محمود عباس التي تحفظ أمن المحتل والمستوطنين، مناشدًا أبناء الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة أن يستفيقوا ويلتحموا مع أبناء شعبهم.
و"لحد" ميليشيا تشكّلت بدعم من (إسرائيل) من أبناء القرى الجنوبية ووحدات مُنشقّة من الجيش اللبناني عام 1976، قامت بالقتال نيابة عن دولة الاحتلال، واتهمت من قبل منظمات حقوقية بالتورط في أعمال تعذيب منافية لحقوق الإنسان في المعتقلات الواقعة تحت سيطرتها.
وبشأن واقع منظمة التحرير، قال محيسن: إنّ "شعبنا سئم المناشدة والمطالبة والمبادرات والاتصالات لإعادة إحياء وتشكيل منظمة التحرير حتى تضم الجميع، وحتى ينتخب الشعب قيادة جديدة للمجلس الوطني في عملية ديمقراطية حرة ونزيهة، لإنهاء مرحلة التفرُّد والتهميش والديكتاتورية والقفز عن إرادة الشعب وتهميش فلسطينيي الخارج الذين يُشكّلون نصف الشعب الفلسطيني".
وشدّد محيسن أنّ الشعب يريد ممارسة حقّه في انتخاب قيادته مثل الشعوب التي تحترم نفسها. مُستدركًا أنّ "كل هذه المبادرات لم تُجدِ نفعًا من القيادة المُتنفّذة لمنظمة التحرير، لأنهم يخشون الذهاب لأيّ عملية ديمقراطية ينتخب فيها الشعب مؤسساته وهيئاته خوفًا على مقاعدهم، فهم يدركون أنّ للشعب الفلسطيني رأيًا آخر".
وأضاف أنّ "القيادة المُتنفّذة للشعب أصبحت تُورّث المناصب، كما يحدث بالسفارات والقنصليات التي تُوزّع فيها المناصب على أبناء المسؤولين وكأنها مزرعة وشركة يورّثونها، في المقابل لا يملك الشعب في الشتات قوت يومه".
جبهة وطنية لإحياء "م.ت.ف"
وحول تشكيل جبهة إنقاذ وطني، أكد أنّ المؤتمر الشعبي وبعد انتهاء دورته الأولى وتشكيل لجنة إعادة بناء وإحياء منظمة التحرير طرق خلالها كل الأبواب لأجل ذلك، وصل إلى قناعة أن الوضع لم يعد يُحتمل خاصة أنّ عباس وعد بالذهاب لإجراء انتخابات مرتين وتهرّب منها بزعم أنه لا يمكن "إجراء انتخابات دون القدس".
وأكد أنّ الشعب سئم الأسطوانة "المشروخة" بموضوع "الانتخابات وإعادة تفعيل المنظمة"، مُتمّمًا بأنّ "عباس لا يريد أن يعيش الشعب حياة كريمة".
وأشار محيسن إلى أنّ المؤتمر الشعبي أطلق في دورته الثانية التي عُقدت نهاية شباط/ فبراير الماضي مبادرة "تشكيل جبهة وطنية عريضة" تضم الكلّ الفلسطيني وتتحمل المسؤولية للمرحلة المقبلة في قيادة الشعب الفلسطيني والتحضير لعملية ديمقراطية تفضي لإجراء انتخاب أعضاء مجلس وطني ومن ثمّ انتخابات قيادة فلسطينية جدية، ويتم العودة للميثاق القومي والوطني للمنظمة التي تعد ثابتًا من ثوابت الشعب الفلسطيني تخلّى عنه المتنفّذون.
وحول إن كانت هناك خطوات عملية في ترجمة المبادرة على الأرض، أوضح، أنّ المؤتمر الذي حضره أبناء الشعب الفلسطيني في الشتات من 52 دولة وبعد شهرين من انتهاء أعمال الدورة الثانية له، بصدد تشكيل لجان ودوائر وتوزيع المهام، مُتمّمًا: "أردنا القول للمتنفّذين إنّ الانتخابات ممكنة والجميع شاهدها على الهواء مباشرة".
وأكد محيسن أنّ أعضاء اللجان والدوائر يعملون على الاتصال بكلّ مكونات الشعب الفلسطيني، مُشيرًا إلى وجود 8 مبادرات فلسطينية في أوروبا جميعها تعمل على إعادة إحياء وتشكيل المنظمة، ويعمل المؤتمر على الاتصال بهم، لأنّ الشعب لن ينتظر أن يستيقظ عباس من نومه لإجراء انتخابات لأنه لن يذهب إليها وهو يعلم أنّ مصيره سيكون غير موجود في كرسي الرئاسة.
ولدى سؤاله إن كان هناك تواصل مع الفصائل المطالبة بتشكيل جبهة وطنية داخل فلسطين، قال: "لا نستطيع أن ندّعي أننا سنكون مُمثّلين لرأي الداخل، لكن هناك اتصالات تجري لإفضاء هذه الحالة لتحمل المسؤولية مكتملة، لأنه لا يمكن أن يبقى شعبنا بكل كنوزه وكفاءاته، ويبقى مُتفرّجًا صامتًا على هذه الحالة المأساوية".
الحالة السياسية الفلسطينية
وبشأن الواقع الفلسطيني، قال محيسن: إنّ "الحالة السياسية تعيش خرابًا منذ "أوسلو" وفسادًا مؤسّسيًّا رسميًّا فلسطينيًّا وحالة ضياع للمشروع الفلسطيني على يد القيادة المُتنفّذة وتشويه صورة النضال الفلسطيني على أيدي هؤلاء الذين يقودون الشعب، وعليه لا نستطيع تجاوز حالة الخراب والضياع والفساد والفتنة التي زرعوها بين ليلة وضحاها".
وعن تأجيل ما يسمى بـ"القيادة الفلسطينية" اجتماعها بشأن أحداث الأقصى الأخيرة، أكد الأمين العام للمؤتمر الشعبي، أنه لا توجد إرادة لدى عباس لعقد الاجتماع، رغم الظروف المأساوية التي تعرض لها الأقصى وتدنيسه من قِبل الاحتلال والاعتداء على المرابطين والمصلين وتحطيم نوافذه التاريخية ومنع الوصول إليه، وتكبيل أبناء القدس.
وأضاف، كان يمكن دعوة هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي للانعقاد، لكنه لم يملك الجرأة حتى للتصريح لرفض الاعتداء، وفضّل الصمت والسكوت خوفًا من غضب الاحتلال عليه.
وحول تهديد عباس خلال لقائه وفد أمريكي بتطبيق قرارات المجلس المركزي بسحب الاعتراف بـ (إسرائيل) ووقف التنسيق الأمني، قلّل محيسن من جدية تصريحات عباس، مؤكّدًا أنّ عباس لا يستطيع وقف التنسيق الأمني ولا سحب الاعتراف بدولة الاحتلال لأنه لن يبقى ساعة واحدة في المقاطعة وكلّ الضفة الغربية، وأنّ سر وجوده هو وقيادة السلطة المُتنفّذة هو ببقاء التنسيق الأمني وتكبيل يد المقاومة وتسليمهم للاحتلال، ووضع أبناء الشعب الفلسطيني في مسالخ معتقلاتهم بأريحا ونابلس وبيت لحم، والاقتحامات اليومية لبيوت المواطنين.
وبخصوص حجم الفساد المُستشري بمنظمة التحرير، قال محيسن، إنه لم يبقَ من المنظمة إلا اسمها وهي فعليًّا غير موجودة على الأرض، وما يوجد فقط دوائر سلطة ومنتفعون يُورّثون المناصب لأبناء المسؤولين".
واتّهم محيسن عباس بتزوير المؤسسة الفلسطينية واستبدال صلاحيات المجلس الوطني بالمجلس المركزي، متسائلًا: "في أيّ دولة يحدث أن يتم استبدال برلمان الشعب الفلسطيني بعدد من أعضاء المركزي؟".
وأضاف الأمين العام للمؤتمر، أنّ الذين ذهبوا لاجتماع المجلس المركزي الذي عُقد في 6 فبراير/ شباط الماضي وشهد مقاطعة واسعة من الفصائل والمُستقلّين، شعروا بالندم لأنّ عباس خدعهم ولم يحدث أيّ نوع من التغيير ولم يُفعّل المقاومة الشعبية ولم يسحب الاعتراف بالاحتلال ولم يُوقف التنسيق الأمني، بل اجتمع بوزير جيش الاحتلال بيني غانتس قبل أن يجفَّ حبر الاجتماع.
شرارة المواجهة
وبشأن اللقاءات العربية الثلاثية مع الاحتلال والتي تشارك فيها السلطة، لفت إلى التصعيد الذي حصل بالأقصى وتهديد مقاومة غزة بأنها لن تبقى صامتة إزاء ما يتعرّض له الأقصى، دفع بدول الطّوق للتدخُّل خوفًا من تصاعد الأمور وحدوث مواجهة تنتقل شراراتها إلى الأردن وسوريا ولبنان.
وقال، إنّ دول الطوق كانت تريد التهدئة حتى لا تتوسّع شرارة المواجهة مثل سيف القدس، والتي يمكن التنبؤ ببدئها ولا يمكن التنبؤ بنهايتها؛ أن تكون إقليمية باعتبار الأقصى شأنًا وطنيًّا إسلاميًّا، أو ستبقى بين مكونات الشعب الفلسطيني.
وبخصوص خطورة تصريح المفوض العام لـ"أونروا" بإمكانية "إحالة خدمات الوكالة لمؤسّسات دولية أخرى"، أكد أنّ المؤتمر الشعبي بعث رسالة لذوي الشأن في الوكالة، للتنديد بتصريح المفوض ومطالبًا استمرار خدماتها على الأسُس التي تشكّلت من أجلها، مُعتقدًا، أنّ تصريح المفوض تعني وجود نية لتفكيك "أونروا" والتخلّي عن دورها المنوطة به لكونها تأسّست بقرار أممي من أجل خدمة أبناء الشعب الفلسطيني "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين" ولا يمكن القبول أن تتحول لإغاثة إنسانية.

