يعج المطبخ الموريتاني بصنوف مختلفة من المأكولات والمشروبات المميزة تختلف كليا عن سائر الدول العربية، إذ تعد مزيجا من الثقافات العربية والإفريقية. كما أن للجو الصحراوي التأثير الأكبر في نوعية الأطباق التي يعدها الموريتانيون.
ويعد الطاجين أو "البنافة" من أشهر الأطباق التي تتربع على عرش الوجبات الموريتانية، وهي وجبة تقليدية اشتهرت في عدد من المناطق بالبلاد، وتعد الوجبة الرئيسة على مائدة الإفطار بموريتانيا.
يوضح أبوبكر بن أحمدو الإمام الذي يقطن العاصمة نواكشط، أن الطاجن خليط من اللحم والبصل والبطاطس، ويتم تحضيرها من خلال خلط كمية كبيرة من اللحوم الحمراء مع البصل والبطاطس والزيت، وتوضع في النار في مدة لا تقل عن ساعتين حتى تنضج بشكل جيد.
ويحرص غالبية الموريتانيين على تناول هذه الوجبة بعد العودة من صلاة التراويح.
وتعد اللحوم الحمراء أساس معظم الوجبات الرئيسة في رمضان، نظرا لامتلاك البلاد ثروة حيوانية تقدر بنحو 22 مليون رأس من المواشي.
بلغمان وتشيطار
وتبعًا لأحمدو، يتميز المطبخ الموريتاني أيضًا بالاعتماد على طحين الشعير في إعداد الأطباق، والمشروبات أيضا، ومن أشهرها أكلة "بلغمان" التي تميز المجتمع الصحراوي، حيث لها خصائص التكيف مع عاملي الترحال وخصوصية الأرض الزراعية في الصحراء.
ويتم التحضير لهذه الأكلة بوضع دقيق الشعير المجفف والمطحون في إناء دائري عميق يسمى "الكدحة" يستعمل لدق حبات الشعير، وبعد ذلك يمزج مسحوق دقيق الشعير المسخن والمجفف بالماء الساخن والسكر والقليل من الملح، ثم يوضع السمن أو زيت الزيتون ليصبح جاهزًا للأكل.
ويلفت الإمام إلى وجبة "التشيطار" وهي ضمن الأكلات الشعبية التي يفضلها جميع الموريتانيين، وتتكون من اللحم المقدد منزوع الشحم، الذي تم تجفيفه تحت أشعة الشمس، ومن ثم يطهى على نار هادئة، ثم يطحن قبل أن يضاف إليه المرق ويقدم كطبق رئيس يمكن حفظه خارج الثلاجة لأنه لن يتعرض للتلف، وبالتالي يمكن إعادة تقديم القليل منه كل يوم في رمضان.
بالإضافة إلى اللحوم، الموريتانيون شعب يحب الأسماك ويصنعون منها الأطباق ذات النكهة القوية، ومنها "مارو الحوت" هو سمك مقلي، يتم حشوه بالبصل، والبهارات، ويقدم على طبق فوق الأرز المطبوخ، ويقدم معه طبق من الخضار المطهو على البخار، ويضاف إليه الفلفل الحار.
ويلفت الإمام أن "مارو الحوت" من الأطباق اللذيذة التي تجتمع حولها العائلة في ولائم رمضان، والعطلات، والمناسبات السعيدة، والأعياد.
مشروبات شعبية
أما عن المشروبات، فيذكر الإمام مشروب "البصام" وهي شعبي يتصدر موائد الأحياء الفقيرة، ويحضر بقوة على موائد الأسر ذات الدخل المرتفع، ويصنع من عشبة "الكركديه".
ويبلغ سعر اللتر الواحد من هذا المشروب ما يعادل أقل من نصف دولار أمريكي، لذلك يسميه كثيرون "مشروب الفقراء" نظرا لسعره الرخيص.
ويقوم باعة متجولون ببيع هذا المشروب في الساحات العامة وعلى أرصفة الشوارع وملتقيات الطرق ومحطات النقل، ويزداد الإقبال عليه في رمضان.
وهناك شراب "أزريك"، وهو لبن رائب ممزوج بالماء والسكر، ويقدم في أكواب من الخشب، ويعتقد كثير من الموريتانيين أن هذا المشروب خاص بالشعب الموريتاني دون غيره من شعوب العالم.
ويتناول الموريتانيون هذا المشروب، عدة مرات، حيث يتم تناوله وقت الإفطار، وبعد تناول وجبة "طاجين" وأيضا وقت السحور.
أما الشاي أو "الاتاي"، فهو أول ما يقدم على مائدة الإفطار بعد التمور، ويوصف الشاي بأنه صديق سكان موريتانيا، ويتم تقديم الشاي عدة مرات، وقت الإفطار وبعد صلاة التراويح، ووقت السحور.
ويتفنن الموريتانيون في طريقة تحضير الشاي، ويولون لذلك أهمية خاصة، إذ تبدأ عملية تحضير الشاي بإحضار الإبريق والكؤوس وصحون أخرى، ثم يتم خلط كمية من الشاي (الوركه) وكمية من الماء.
ويترك هذا المخلوط ليغلي على النار لمدة 10 دقائق، وبعدها تضاف إليه كمية من السكر والنعناع، ويتم تدويره بين الكؤوس مرات عديدة، وبظهور رغوة داخل الكؤوس وتوزع على الحضور.