روى الأصمعي: قال عمي للرشيد في بعض حديثه: يا أمير المؤمنين بلغني أن رجلا من العرب طلق في يوم واحد خمس نسوة، قال: وكيف ذلك، وإنما لا يجوز للرجل غير أربعة.
قال يا أمير المؤمنين: كان متزوجاً بأربعة فدخل عليهن يوماً، فوجدهن متنازعات وكان شريراً، فقال: إلى متى هذا النزاع؟ ما أظن هذا إلا من قبلك يا فلانة-امرأة منهن-اذهبي. فأنت طالق. فقالت له صاحبتها: عجلت عليها بالطلاق، ولو أدبتها بغير ذلك لكان أصلح. فقال لها: وأنت أيضاً طالق.
قالت له الثالثة: قبحك الله، فوالله لقد كانتا إليك محسنتين، فقال لها: وأنت أيتها المتعددة أياديهما طالق، فقالت الرابعة، وكانت هلالية: ضاق صدرك إلا أن تؤدب نساءك بالطلاق. فقال لها، وأنت طالق أيضاً، فسمعته جارة له، فأشرفت عليه، وقالت له، والله ما شهدت العرب عليك، ولا على قومك بالضعف إلا لما بلوه منكم ووجدوه فيكم، أبيت إلا طلاق نسائك في ساعة واحدة.
فقال لها، وأنت أيتها المتكلمة فيما لا يعنيك طالق إن أجازني بعلك، فأجابه زوجها قد أجزت لك ذلك فعجب الرشيد من ذلك، وطلق امرأته، فلما أرادت الارتحال قال لها: اسمعي وليسمع من حضر إني والله اعتمدتك برغبة وعاشرتك بمحبة ولم أجد منك زلة ولم يدخلني عنك ملة، ولكن القضاء كان غالباً.
فقالت المرأة: جزيت من صاحب ومصحوب خيراً فما استقللت خيرك ولا شكوت ضيرك ولا تمنيت غيرك ولا أجد لك في الرجال شبيهاً وليس لقضاء الله مدفع ولا من حكمة علينا ممنع.