فلسطين أون لاين

4 أعوام على اغتيال العالم فادي البطش

...

عندما كان الفلسطيني فادي البطش يقطع شريط الـ12 من عمره، عاد ذات يوم إلى منزل عائلته ملوحا بدرع تكريمي لتفوقه في المرحلة الإعدادية على مستوى جميع مدارس مدينة تبوك كبرى مدن شمال المملكة العربية السعودية، حيث ولد هناك قبل أن يعود مع عائلته إلى قطاع غزة.

وفي وسط عائلة توارثت حب العلم ترعرع البطش واشتد عوده كطالب يشار إليه بالبنان, وعن ذلك يتحدث والده الحاج محمد بالقول لصحيفة "فلسطين": "كان فادي حريصًا على نيل المراكز الأولى سواء في مقاعد الدراسة أو المسابقات الثقافية، الأمر الذي حفزه على إتمام حفظ القرآن الكريم كاملًا قبل أن يبلغ منتصف عقده الثاني".

التميز العلمي الذي لازمه رافقه أيضا في مختلف المراحل الدراسية وصولا إلى الجامعة وحينها وضع أولى خطواته على طريق تحقيق حلم المستقبل في نيل درجة البروفيسور بالهندسة الكهربائية، وفي سبيل ذلك أنهى دراسة البكالوريوس بالهندسة تخصص "اتصالات وتحكم" بالجامعة الإسلامية في غزة عام 2006، وبعد ثلاث سنوات نال درجة الماجستير.

وما بين آخر إنجازين علميين ارتبط البطش بشريكة العمر الشابة إيناس حمودة، التي شكلت رافعة إضافية في إكمال طريق التميز بعد انتقال الشهيد إلى ماليزيا مطلع عام 2011، بعد حصوله على قبول من جامعة "مالايا" لدراسة الدكتوراة بذات تخصصه الهندسة الكهربائية وتحديدا "إلكترونيات القوى".

وعن أهداف الخروج من قطاع غزة، أجاب البطش في مقابلة سابقة مع صحيفة "فلسطين": "أرغب بالحصول على الدكتوراة من جامعة مرموقة عالميا، وكذلك أسعى إلى نقل ما تعلمته إلى وطني فلسطين وأطمح لإيجاد تعاون بحثي بين الجامعات الماليزية والجامعات الفلسطينية، فضلا عن رغبتي بالمساهمة بحل مشكلة كهرباء غزة".

لكن الصدمة كانت في 21 أبريل/نيسان 2018 في العاصمة الماليزية كوالالمبور، أثناء توجهه لأداء صلاة الفجر، عندما ارتقى شهيدا على يد مجهولين، حيث استهدفوه بنحو 14 رصاصة.

وبعد كل هذه الشهور على ارتقائه، لا يزال صديقه د. عبد الرحيم شهاب يذكر كيف تغلب البطش على الصعوبات، قائلا لصحيفة "فلسطين": "واجه فادي رحمه الله صعوبات عدة في الأشهر الأولى التي قضاها في ماليزيا نتيجة لظروف الحياة الجديدة وتعقيداتها، ولكن سرعان ما تجاوز كل التحديات بجدارة وعاد بقوة إلى سكة التميز الممتدة من السعودية إلى غزة ثم ماليزيا".

وفي عام 2016 حصل الشهيد على الدكتوراة في الهندسة الكهربائية ثم عمل محاضرا في جامعة كوالالمبور - قسم الهندسة الكهربائية وفي ذات العام أيضا نال البطش جائزة منحة "خزانة" الماليزية كأول عربي يتوج بها، كما حصل على براءات اختراع عدة لتطويره أجهزة إلكترونية ومعادن لتوليد الكهرباء.

ونشر البطش 18 بحثًا مُحكما في مجلاتٍ عالمية وحسب موقع (بوابة الأبحاث) فقد بلغ عدد من قرأ أبحاث البطش من جميع دول العالم نحو 5500 فرد، وكذلك اختير البطش محكمًا في 10 مجلات عالمية مميزة فضلا عن مشاركته بعشرات المؤتمرات العلمية عربية ودولية.

وعلى الصعيد الديني، أشار صديقه شهاب إلى أن البطش كان يدخر ساعات من يومه في سبيل تدريس الطلبة الماليزيين وأبناء الجاليات العربية أحكام القرآن الكريم تلاوة وتجويدا، فهو حاصل على السند والإجازة بالقراءة بثلاث روايات وكان يسعى للحصول على الرابعة، لكنه استشهد.

وكانت عائلة البطش في غزة أصدرت بيانا تتهم فيه جهاز "الموساد" الإسرائيلي بالوقوف خلف جريمة الاغتيال. وقال والد الشهيد: "اغتال الاحتلال فادي بسبب تفوقه العلمي ليس إلا، فلطالما وضع الاحتلال المتفوقين العرب في دائرة الاستهداف والاغتيال". 

وفي مطلع العام الجاري 2022، قالت وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة، إنه وفي إطار متابعة أجهزتها الأمنية، لحادثة اغتيال الشهيد فادي البطش في ماليزيا، ومن خلال التحقيقات الجارية لدى الأمن الداخلي، أشارت اعترافات أحد الموقوفين بتورطه في حادثة الاغتيال

 ونوه المتحدث باسم الوزارة إياد البزم في تصريح مقتضب، بـ 9 يناير، إلى أن الموقوف لديها شارك في عملية الاغتيال بتكليف من جهاز الموساد الإسرائيلي، وأنه يجري التحقيق معه في إطار هذه القضية.

 

المصدر / فلسطين أون لاين