فلسطين أون لاين

المطبخ المقدسي في رمضان.. مذاقات متعدد الألوان

...
صفيحة أرمنية (أرشيف)
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

للمائدة المقدسية نكهة مميزة في شهر رمضان الكريم، فالأجواء الإيمانية تنعكس على التآلف والتقارب بين المواطنين المقدسيين الذين لا يتخلون عن عاداتهم في أوج اشتباكهم من الاحتلال الإسرائيلي دفاعًا عن المسجد الأقصى.

وتناول وجبة الإفطار في باحات الأقصى لا مذاق يشبهها، حيث تحرص العائلات المقدسية على حمل ما لذ وطاب من المأكولات ما بين ورق العنب، والمحاشي بأنواعها، والكبة، والصفيحة العادية، والأرمنية، ولا غنى عن طنجرة المقلوبة.

نهى عطية مقدسية تعيش في حي الشيخ جراح وبيتها من البيوت المهددة بالهدم، يعيد شهر رمضان حالة التلاحم والتعاضد بين الجيران.

سفرة الإفطار لدى عطية يجب أن تتضمن العديد من الأصناف بكميات قليلة ومتعددة، كمحشي ورق العنب الذي لا يغادرها، والكبة التي تحضر كميات كبيرة منها قبيل بدء الشهر الكريم.

أكلات البلدة القديمة

تقول عطية لـ"فلسطين": "بعد الأيام العشرة الأولى من رمضان يبدأ المقدسيين في إقامة الولائم للأقارب والأرحام، والمائدة لا تقتصر على صنف محدد بل تكون متنوعة".

وتضيف: "طبق الملوخية برائحة تقلية الثوم تفتح شهية الصائم، بالإضافة إلى ورق العنب الذي يتم رصه فوق العصة (ريش الضأن)، والدجاج المشوي، وسلطة الخضار، وشوربة الفريكة، والصفيحة الأرمنية، والكبة، واللحم بعجين".

والصفيحة الأرمنية تختلف عن اللحم بعجين المقدسي بإضافة الطحينة إلى اللحم المفروم، وتشير عطية إلى أنها تعد من أشهر الأكلات في البلدة القديمة، وتتكون من عجينة رقيقة تغطى باللحم المبهّر وتخبز في فرن النار، وأخذها أهل البلدة القديمة عن الطائفة الأرمنية التي قدمت إلى القدس في العهد العثماني.

وتذكر أن عجينة الصفيحة الأرمنية تمتاز برقتها التي تسمح لها بأن تلف مثل السندويش، وتتكون من الطحين الأبيض، والسكر، والخميرة، واللبن الزبادي، وزيت الزيتون، والماء الدافئ، وتعجن وتترك لترتاح، ومن ثم يتم مدها بالشوبك لتصبح رقيقة جدًا، ومن ثم يتم فرد اللحمة المفرومة فوقها، ويتم خبزها في الفرن.

"حمرة بيضا"

والسائد في الولائم الرمضانية مصطلح "حمرة بيضا"، حيث تحضر أطباق طعام يسود فيها اللون الأحمر، وأخرى اللون الأبيض.

وتذكر عطية أنه في الغالب يتم إعداد طبق الفاصولياء الخضراء بالبندورة، فيما يطبخ لبن الجميد بلحم الخروف، ويصنع إلى جوارهما الأرز بالسمن البلدي مضافًا إليه الكركم، لإضفاء اللون الأصفر على المائدة.

وترجع سبب تسميتها "حمرة بيضا" لتنوع الأذواق، فمن لا يحب الطعام ذا اللون الأحمر، يمكنه تناول الطعام الأبيض وقطع اللحم مع الأرز.

ولا يروي عطش الصائم المقدسي سوى عصير الرمان وهو المشروب الأشهر في شهر رمضان، حيث ينتشر باعته أمام أبواب المسجد الأقصى، وفي أسواق المدينة المقدسة بكثرة.

وتبين عطية أن عصير الرمان، مشروب لا ينقطع عن مائدة الإفطار المقدسية، يقف إلى جواره مشروب التمر هندي، وهناك من يميل إلى الخروب، والعرقسوس، والليمون.

وكحال معظم المدن الفلسطينية، فللعدس حظوة كبيرة إذ يدخل في العديد من الأكلات الشتوية، في المجدرة وشوربة العدس المجروش، ولكن في ذات الوقت يتميز المطبخ المقدسي بعددٍ من أكلات العدس المميزة مثل، شوربة العدس البني، ذو الحبة الكاملة، الذي يطبخ مع أوراق السلق، وأكلة (الرشتاية) أو (رشتا وعدس) وهو طبقٌ مكونٌ من العدس مع قطع العجين الصغيرة والبصل ويزين بالبصل المقلي والسماق، كما تفيد عطية.

أما عن الحلويات المقدسية، فلها رونقها الخاص وأنواعها النادرة، إذ تعتمد الحلويات في المدينة المحتلة على مكونات رئيسة مثل: طحين القمح البلدي، وزيت الزيتون، وأنواع الفواكه، وغيرها.

وعن الحلويات المقدسية التي يفضلها المقدسيون، تلفت عطية إلى أن القطائف بأنواعه، غير أن "العصافيري" منه يأتي على رأس القائمة.

كما يفضل المقدسيون طبق البسيسة، والتي تتميز به قرى شمال غرب القدس، ويتكون من ما يتم ادخاره من تين، مشرب بزيت الزيتون والطحين، وهي أكلة شتوية مقدسية بامتياز.

وفي ليالي رمضان الدافئة تجلس الأسر المقدسية بعد صلاة التراويح أمام أبواب المنازل حيث يقيمون السهرات الرمضانية بعد أداء صلاة التراويح جماعة في شوارع الحي، حيث تخرج كل عائلة بصينية من الحلوى والمكسرات، يتسامرون حتى ساعات متأخرة من الليل قبل الانصراف إلى تحضير وجبة السحور، وفق عطية.