فلسطين أون لاين

عجل بني إسرائيل

...

أنا العجل، ذكر البقر، ذَكرني الله في القرآن الكريم ووضَّح قصتي مع بني إسرائيل. وروى القرآن حكاية بني إسرائيل وكفرهم برغم أنهم شاهدوا بأعينهم عصا نبي الله موسى كيف تحولت إلى ثعبان عظيم التهم أفاعي سحرة فرعون، وكيف كانت يد موسى تتحول إلى بيضاء من نور عندما يدخلها جيبه، وكيف أنزل الله على قوم فرعون لكفرهم وتعذيبهم بني إسرائيل آيات أخرى نكدت عيشهم وهي: (القحط، والطوفان، والجراد، والضفادع، والقمل، والدم)، وشهد بني إسرائيل أيضًا بأعينهم كيف فلق الله لهم البحر ليسيروا من منتصفه إلى الجهة الأخرى، لينجيهم من فرعون وجنوده، وكيف أنزل عليهم المنَّ والسلوى ليأكلوا ويشبعوا بلا تعب.

ورغم ذلك، لم يشكروا الله على نعمه.. فما إن غاب عنهم موسى للقاء ربه على جبل الطور حتى عبدوا العجل.

تأخر موسى عن قومه وهو يسأل ربه ويناجيه وأنزل الله عليه الألواح، وقد ترك موسى في قومه أخاه هارون يرعى شؤونهم. طلب بنو إسرائيل من هارون أن يصنع لهم إلهًا يستطيعون رؤيته بأعينهم ويعبدوه، كما يفعل الأقوام الآخرون الذين يعبدون الأصنام وغيرها. حاول هارون أن يوضح لهم خطأ ذلك وكفره.. ولكنهم لم يستجيبوا!

فخرج من بينهم رجل يدعونه السامري، وطلب من بني إسرائيل أن يُحضروا ذهب قوم فرعون الذي حملوه معهم عند خروجهم من مصر، وأشعل نارًا كبيرة، وأخذ يُشَكِّل الذهب حتى أصبح عجلًا من ذهب. ولما انتهى منه، تناول قبضة من تراب يخبئها معه، وألقى قبضة التراب على العجل وهو يتمتم بكلام غير مفهوم.

وفجأة.. أخذ العجل يخور بصوت مرتفع كما يخور العجل الحقيقي المخلوق من لحم ودم.

تراقص بنو إسرائيل حول العجل بفرح شديد، وأخذوا يقولون: "ذهب موسى للقاء ربه وهو قد نسيه عندنا (ويقصدون العجل)" حاشَ لله!

نهاهم هارون عن عبادة العجل، وزجرهم، ولكنهم لم يستجيبوا لقوله.

وكيف للعجل أن يكون إلهًا وهو لا يملك لهم أو لنفسه ضرًا ولا نفعًا؟ ولا يستطيع أن يهديهم أو يُكلمهم أو يرد على أسئلتهم! بل كان العجل دليلًا على جهلهم وظلمهم!

رجع موسى إلى قومه، فوجدهم يعبدون العجل، غضب غضبًا شديدًا، وألقى الألواح التي فيها هداية للناس أرضًا بغضب (وفيها التوراة التي أنزلها الله عليه)، وأقبل على قومه يعنفهم ويوبخهم على كفرهم، فأخذوا يجدون الأعذار لأنفسهم أمام موسى قائلين: "لم نعبد العجل عن قصد، كنا نحمل معنا من زينة أهل مصر، وأردنا أن نتخلص من إثم هذه الزينة، فألقيناها في النار، وقذف السامري عليها حفنة التراب، فأصبح عجلًا له خوار".

أقبل موسى على أخيه هارون يلومه على عدم اللحاق بموسى عندما رأى ضلالهم وعبادتهم العجل وإعلامه بما يجري.

رد هارون قائلًا: خفتُ أن تلومني لأنني تركتهم ولحقتك.

فدعا موسى له ولأخيه. وسأل السامري: ما دفعك لفعل ذلك؟

فقال: رأيت ما لم يروه.. رأيت جبريل يركب فرسًا (يوم أغرق الله فرعون)، فأخذت قبضة تراب من أثر الفرس، وسولت لي نفسي أن أقذفها على العجل ففعلت.

عاقب الله السامري.. وأحرق موسى العجل ونثره في البحر.. وعاد يدعو قومه إلى توحيد الله بالعبودية.