بغرفة لا تتجاوز مساحتها مترًا مربعًا وبداخلها حمام، لا تدخلها شمس، مع معاملة احتلالية غير آدمية، هذه هي حياة الأسرى الفلسطينيين في زنازين العزل الانفرادي في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والتي يحجز فيها الأسير لسنوات طويلة.
وتنفذ سلطات الاحتلال سياسة العزل الانفرادي ضد الأسرى كإجراء عقابي داخل سجونها، حيث تصل مدته إلى شهور وسنوات طويلة، ويحرم خلالها الأسير من الزيارات والاختلاط بالآخرين وحتى رؤيتهم.
ويخضع الأسرى المعزولون لإجراءات أمنية مشددة ويحرمون من أبسط حقوقهم كالطعام والعلاج والمحاكمة العادلة.
"فلسطين" نقلت تجارب عدد من الأسرى الذين خضعوا للعزل الانفرادي خلال وجودهم في سجون الاحتلال.
ويقول المحرر علي دحبور لصحيفة "فلسطين": "غرفة العزل الانفرادي لا تتجاوز مساحتها مترًا مربعًا، ويقوم الاحتلال بوضع الأسرى بداخلها لمعاقبتهم، ومحاولة النيل من عزيتهم على إطالة مدة وجودهم في العزل".
ويضيف دحبور: "اعتقلت في سجون الاحتلال عام 1993 بتهمة طعن مستوطن، وخلال وجودي في السجون، عشت فترة العزل الانفرادي، وكانت صعبة جدًا للغاية، ولا تدخل الشمس الزنزانة".
ويوضح أن الاحتلال من خلال العزل الانفرادي يستفرد في الأسير، ويتعرض للقسوة بالمعاملة مع شرطة الاحتلال داخل السجن، حيث يتم عزله عن بقية الأسرى ولا يستطيع الدفاع عن نفسه.
ويبين أن خلال فترة وجوده بالعزل الانفرادي لم يسمح له الاحتلال بالخروج بفورة كون مدة عزله كانت قصيرة، ولكن الأسرى الذي يتواجدون في العزل لسنوات طويلة يتم السماح لهم فقط بالخروج لمدة ساعة طيلة الـ24 ساعة.
ويصف المحرر دحبور العزل الانفرادي بـ"الجحيم"، خاصة أن الأسير يحرم من الحديث مع أي أحد، وتمنع عنه الزيارة، بهدف محاولة تحطيم نفسيته بشكل كامل.
كذلك، يستذكر الأسير المحرر، تيسير محمود، الشهور الثلاثة التي قضاها بالعزل الانفرادي في سجن مجدو، والتي وصفها بأصعب أيام حياته، لأنه عُزل عن العالم بشكل كامل.
ويقول محمود: "في اليوم الأول من العيش بزنزانة العزل التي يوجد بها فرشة وغطاء خفيف، تدور مجموعة من الأفكار بداخل عقل الأسير، حول المدة التي سيقضيها بهذه الغرفة الضيقة، وطبيعة المعاملة التي ستكون معه من السجانين".
ويضيف: "عشت هذه الأيام وكانت أصعب أيامي خلال وجودي في الأسر، حيث توقفت معرفة جميع أخبار العالم وحتى أحوال زملائي في السجن، وتعرضت لمعاملة قاسية جدًا من السجانين".
ويتابع محمود: "كان سبب دخولي للعزل للانفرادي بسبب قيامي بضرب أحد السجانين، فقررت إدارة السجن بمعاقبتي ووضعي في العزل، لمدة 3 أشهر".
ويوضح أن العزل الانفرادي يعد من أقذر الأدوات التي يمتلكها الاحتلال داخل الأسر، حيث يعيش الأسير أوقات متعبة داخل العزل، بدءًا من حرمانه من النوم وصولًا إلى بعض الحقوق الخاصة.
بدوره، يروى المحرر إسماعيل بخيت الأيام التي قضاها في العزل الانفرادي خلال وجوده في سجون الاحتلال الإسرائيلي لمدة 19 عامًا.
ويقول بخيت: "العزل الانفرادي حول بمثابة رمي الأسير داخل حفرة تشبه القبر ونسيانه فيه لفترات قد تصل إلى 15 سنة، وخلالها لا أحد يعلم عن الوضع الصحي أو النفسي للأسير".
ويضيف بخيت الذي قضى في سجون الاحتلال 19 عامًا وخرج خلال صفقة "وفاء الأحرار": "خضت تجربة العزل الانفرادي ومكثت في تلك الزنازين قرابة عام ولكن بشكل متفرق".
ويوضح أن سجانين الاحتلال يعاملون الأسير داخل العزل الانفرادي بطريقة همجية جدًا، ولا يسمحون له بأي من حقوقهم، سواء كانت الزيارة، أو الخروج للفورة حسب المدة القانونية، أو حتى متابعة أي وسائل إعلامية.
ويشير إلى أنه تعرض خلال وجوده في العزل الانفرادي للضرب من السجانين وهو مكبل اليدين والقدمين، في الأيام الأولى من دخوله للعزل الانفرادي.
ويبين أن الزنزانة يكون بها حمام ضيق جدًا، وتنتشر بعض الحشرات، إضافة إلى أن سلطات الاحتلال تتعمد في بعض الأيام لتشغيل جهاز التكييف بدرجات حرارة منخفضة جدًا من أجل تعذيب الأسير.
كما يوضح الأسير المحرر إياد أبو نصر، أنه تعرض للعزل على مدار 18 عامًا من سجون الاحتلال، ولكن بطريقة مختلفة، هو العزل في عيادات ومستشفيات الاحتلال.
ويقول أبو نصر في حديثه لـ"فلسطين": "أُخضعت لعملية مرارة داخل سجون الاحتلال، وبعدها عزلت في سجن هداريم، وكانت أصعب الأيام حيث كنت مريضا، ولم تكن هناك أي خصوصية".
ويوضح أنه خلال فترة عزله حرم من حقوقه الطبية، ومساعدة الأسرى له، بعد إجرائه العملية الجراحية.