فلسطين أون لاين

ذبابة تقتل ملِكًا جبارًا حكم الأرض

...
صورة تعبيرية
د. زهرة خدرج- كاتبة وروائية فلسطينية

"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ".

حدثتكم يا أصدقائي سابقًا عن قصة نبي الله إبراهيم وكيف اهتدى إلى الله عز وجل بعد بحث طويل.. وكيف ذهب إلى أصنام قومه وحطمها، فقرروا حرقه والتخلص منه.. لأنهم لا يحتملون بقاء من يتحدث بسوء عن آلهتهم. ولكن الله نجَّاه فخرج سالمًا منها. وحدثتكم أيضًا عن الطيور التي ذبحها ووزع لحمها على الجبال ثم أحياها الله وأعادها له.

واليوم أُحدثكم عن قصته مع النمرود، الملك الجبار الذي خضعت الأرض كلها لحكمه، وطغى وتجبر وادَّعى أنه إله يُحيي ويميت ويرزق ويمنع.

ذات ليلة أفاق النمرود على حُلُم أشعره بالرعب: طلع كوكب في السماء من ناحية الشرق، غطى على ضوء الشمس حتى ذهب ولم يعد هناك ضوء.. نادى الكهنة والمنجمين فقالوا: "يولد هذا العام غلام من تلك الناحية يكون هلاكك على يديه".

أمر النمرود بقتل كل ولدٍ ذَكَر يولد في الشرق، وأراد الله أن تلد امرأة تعبد الأصنام غلامًا، سمته إبراهيم وأخفته عن العيون حتى كبر بسلام، أصبح إبراهيم شابًّا حين أخذ يبحث عن إلهه الحقيقي، فلا النمرود إله ولا أصنام قومه كذلك! وراح يناقش أهله وقومه طوال الوقت في عبادتهم للأصنام ويُسفِّه منها ويسخر منها لأنها مجرد حجارة لا تضر ولا تنفع فكيف لبشر عاقل أن يعبدها؟ وكيف يُعبد الحاكم؟ هو مجرد بشر مثلنا.. فلماذا نعبده؟ مهما كان يمتلك من قوة وسلطة.. هو بشر، أما الله فربٌّ قادر على كل شيء!

تعجب النمرود لنجاة إبراهيم من النار، فطلب من حرَّاسه أن يُحضروه.. وطلب أن يُناظره ويُؤكد له أنه مخطئ في سلوكه، فكيف يُعادي دين قومه؟

سأل النمرود إبراهيم:" ماذا يفعل ربك؟ وما الذي يميزه عني؟".

أجاب إبراهيم:" ربي يحيي ويُميت".. فقال النمرود:" وأنا أُحيي وأُميت".. نادي على الحرس وأمر أن يُحضروا له سجينين محكومًا عليهما بالموت.. فأمر بقتل أحدهما وعفا عن الآخر.. ضحك إبراهيم في نفسه من سفاهة النمرود الذي يظنُّ نفسه إلهًا حقًّا وقال له: "إذن: أحيي الذي قتلته!".

فغضب النمرود لأن إبراهيم يتحداه وتابع يقول:" أخبرني أيضًا ماذا يفعل ربك؟".

فقال إبراهيم: "إن ربي يُخرج الشمس من المشرق.. فأخرجها أنت إذا كنت إلهًا من المغرب!".

صدمت الإجابة النمرود، ولكنه أصرَّ على كُفره. فأرسل الله إليه مَلَكًا يأمره بالإيمان بالله مرات عدة ولكنَّه أصرَّ على كُفره، فقال له الـمَلَك اجمع جموعك وأَجمع جموعي.. فجمع النمرود جيشه القوي الكبير العدد ووقف ينتظر على رأسهم.. فأرسل الله إليهم ذبابًا حجب الشمس عنهم.. أكل الذباب لحومهم وتركهم عظامًا جرداء.. أما النمرود فدخلت ذبابة إلى منخره عذَّبه الله بها، فكلما تحركت سبَّبت له ألمًا رهيبًا حتى إنه كان يضرب رأسه بالجدران والأحذية وغيرها.. ليجعلها تتوقف عن الحركة.. فسبحان الخالق!