دعت فصائل وقوى فلسطينية دول الأمة العربية والإسلامية جميعها لتحمل مسؤولياتها تجاه ما يجري في المسجد الأقصى المبارك من جرائم احتلالية، والعمل نحو تحرك حقيقي لنصرة المسجد وأهالي مدينة القدس المرابطين.
دعوة الفصائل جاءت في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين"، وفي إطار تغول الاحتلال الإسرائيلي الكبير تجاه المسجد الأقصى الذي أعقب العملية الفدائية التي نفذها شبان ثلاثة من بلدة أم الفحم في الداخل المحتل في محيط الأقصى وأسفرت عن ارتقائهم شهداء, وقتل اثنين من جنود الاحتلال وإصابة 6 آخرين.
وفرض الاحتلال بعد العملية إغلاقًا كاملًا للمسجد حتى ظهر أمس الأحد، ليسمح بدخول المصلين الفلسطينيين عبر بوابات إلكترونية نصبها على بوابات الأقصى، وهو ما رفضه مدير المسجد وموظفو الأوقاف والمصلون.
استهتار بالمشاعر
المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حازم قاسم، قال إن إغلاق المسجد الأقصى بالطريقة التي رآها العالم أجمع هو استهتار بالمشاعر الدينية القومية لكل مكونات الأمة العربية والإسلامية، واعتداء على أحد أهم الرموز الدينية لجموع المسلمين.
وطالب قاسم وإزاء ما يجري في المسجد الأقصى بتحرك حقيقي للأمة العربية والإسلامية، ومعاقبة دولة الاحتلال على الجرائم التي تقترفها، بالحد الأدنى عبر مقاطعتها سياسيًا واقتصاديًا والضغط على الدول الفاعلة لإجبار الاحتلال على وقف عدوانه، ورفع قضايا في المحافل الدولية ضدها.
ودعا الأمة لتقديم الدعم المالي والسياسي والإعلامي للمرابطين في المدينة المقدسة وتوفير الحماية لهم وتعزيز صمودهم، فيما طالب السلطة الفلسطينية في رام الله بوقف سياسة إهمال المدينة المقدسة والتوقف عن تقديم التنازلات للاحتلال لأنه يشجع الأخير على جرائمه بحق الأقصى.
وطالب قاسم السلطة في ذات السياق بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال سيما وأن هذه السياسة تمنع مقاومة الاحتلال وجرائمه، ويدفعه إلى التمادي أكثر في عدوانه، داعيا من جهة أخرى الفصائل لصياغة استراتيجية وطنية مشتركة للدفاع عن المدينة المقدسة.
تحرك فعلي
المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي، داود شهاب، أكد أن "إغلاق المسجد الأقصى ما كان ينبغي أن يمر دون رد فعل قوي حتى يفهم الاحتلال عبره أن الرد على أي مساس بالأقصى لا يخضع لحسابات السياسة وأنه سيؤدي إلى خلخلة في الاستقرار بشكل عام".
وأضاف شهاب أن إغلاق المسجد الأقصى لمدة ثلاثة أيام، ومن ثم اتخاذ الاحتلال إجراءات أمنية هدفها فرض الأمر الواقع المتمثل بالقبول بسيادة إسرائيلية كاملة على المسجد الأقصى وداخله أمر لا ينبغي أبداً قبوله والصمت عليه".
وطالب شهاب الأمة ببدء التحرك الفعلي، سيما وأن الجميع (الأمة والفلسطينيين) تعرض خلال الأيام الماضية لاختبار حقيقي، وانكشفت حالة العجز التامة أمام إجراءات الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى.
ودعا المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي الجميع للعمل وبشكل فوري على البحث في أسباب عجز الفعل الرسمي والشعبي إزاء ما يجري في الأقصى والقدس وتوفير العوامل التي تعيد بعث الجهود الجادة والفاعلة لحماية وإنقاذ المسجد الأقصى المبارك باعتباره واجبا من أكثر الواجبات التي لا ينبغي أن ننصرف عنها أو ننشغل عنها.
من جهته، شدد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كايد الغول على أن المطلوب بداية وتجاه ما يجري في المسجد الأقصى من إجراءات احتلالية تعزيز الوعي الفلسطيني حول الأطماع الإسرائيلية التي تطال مدينة القدس والأراضي الفلسطينية.
وقال الغول: "إن دولة الاحتلال تحاول فرض واقع جديدة بإجراءاتها، تستكمل عبرها مشروع مدينة القدس الاستيطاني، والاستيلاء على كامل القدس وفرض إجراءات فاشية وعنصرية تجاه المسلمين إلى جانب تقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا".
ولفت إلى أن المطلوب في مواجهة الاحتلال وإجراءاته قيام الأمة بدعم سكان القدس وصمودهم بصورة حقيقية، والابتعاد عن الخطابات التي تشدد على مكانة المسجد الاقصى والقدس، دون أن يتبعها اجراءات سياسية واقتصادية.
وطالب الغول الفلسطينيين وفي ظل ما يجري من جريمة احتلالية بحق المسجد الأقصى بتوحيد صفوفهم، والاتفاق على برنامج سياسي بما يؤسس لمرحلة يتفرغ الجميع فيها للاحتلال ويعيد الطابع التحرري لمكانته.
مدخل للتهويد
من ناحيته شدد الأمين العام لحركة الأحرار، خالد أبو هلال، على أن استهداف المسجد الأقصى من قبل الاحتلال وصل إلى ذروته، وأن هذا الاستهداف ربما يشكل مدخلا حقيقيا لتهويد المسجد بشكل كامل أو هدمه.
وقال أبو هلال إن المسؤولية الكبرى تجاه ما يجري من "فصول إجرامية" تقع على عاتق كل من يعتبر المسجد الأقصى جزءا من عقيدته الإسلامية وهويته الوطنية والقومية وبما يكون من دول الأمة جميعها وحتى الفلسطينيين أنفسهم.
وأضاف: "إن الأمة مطالبة بالتحرك الجدي الحقيقي بعيدًا عن لغة الإدانة والاستنكار، لأنها لغة أثبتت عقمها على مدار التاريخ، مع تحمل مسؤولياتها بصورة جادة، متابعا "مطلوب أن يصوبوا البوصلة نحو فلسطين والأقصى وأن نرى حراكًا جادًا على كافة المستويات يحاصر عبرها السفارات الصهيونية في عواصم العرب".
ولفت أبو هلال النظر إلى أن المطلوب فلسطينيًا في هذا السياق تفعيل الانتفاضة كونها وسيلة ناجعة في صد الاحتلال ولجم عدوانه، وعدم الاعتماد على السلطة في موقف شرف تجاه ما يجري سيما وأنها تتماهى كاملا مع الاحتلال ولا ترفع يدها عن المقاومة.