فلسطين أون لاين

ناقة صالح وقوم ثمود

...
صورة تعبيرية

مدائن صالح، أو الحِجْر.. مدينة قديمة، في الشمال الغربي للجزيرة العربية على طريق القوافل التي تربط جنوب شبه الجزيرة العربية ببلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر. في هذه المدينة، عاش قوم نبي الله صالح.. ثمود، لا بد وأنكم سمعتم بهم من قبل، فقد تحدث القرآن عنهم في سور عدَّة.

كان ثمود أقوياء، فهم أول منْ نحت منازلهم داخل الصخور، وكانوا يعبدون الأصنام ويتخذونها آلهة. دعاهم نبي الله صالح إلى ترك عبادة الأصنام وتوحيد الله عز وجل، وذكَّرهم بنعم الله عليهم، وبقوم عاد الذين سبقوهم وأهلكهم الله بسبب إصرارهم على الكفر، فأرسل عليهم ريحاً شديدة الصوت باردة بدون أمطار. ولكن ثمود أصروا على كفرهم، واتهموا نبي الله صالح بالجنون والسّفاهة، وشتموه، وآذوه، ووصفوه بما ليس فيه، وحاولوا قتلَه للخلاص من دعوته.

ومع إلحاحه في دعوتهم للإيمان بالله، طلبوا منه معجزات تثبت نبوته وقدرة الله.. فطلبوا منه أن يخرج لهم ناقةً ضخمة من صخرةٍ على الجبل حددوها له، واشترطوا أن تكون النَّاقة حاملا، وأن يروا خروجها من الصَّخرة الصَّماء بأعينهم. فدعا ربه وأطال في دعائه أن يُرسل لهم ما طلبوه، وفعلاً أخرج الله لهم ناقة كما طلبوا تماماً.. وشاهدوا خروجها من قلب الصخرة بلا أم أو أب.

ولكن لكل شيء مقابلًا، فقد اشترط الله عليهم أن يكون لهذه الناقة يوم تشرب فيه ماء البئر التي يشربون منها، واليوم التالي يكون الماء لهم وتبتعد فيه الناقة عن البئر، واليوم الذي تشرب فيه الناقة، يُمنع عليهم مقاسمتها في الماء أو الشرب منه نهائياً، وفي يوم شربها، تحلب حليباً كثيراً يكفي قوم ثمود أجمعين.

كما حرَّم الله عليهم مضايقتها أو أذيتها أو ضربها أو ذبحها أو إبعادها عن الماء والعشب... وإلا سيحلُّ بهم عذاب الله إن هم فعلوا ذلك!!

آمنت ثمود بعد أن شهدوا خلق الناقة من الصخر.. وأخذت الناقة تأكل وتشرب وتنام هنا وهنا، وولدت ابناً يشبهها، كان يرضع من لبنها ويتبعها أينما سارت..

ولكن كان من ثمود منْ يكرهون نبي الله صالح، وتضرروا من إيمان القوم، فما لبث هؤلاء حتى كفروا وارتدُّوا عن دين الله، وأخذوا يتوعدون ناقة الله، ومنهم امرأة لها ماشية كثيرة وبنات جميلات، وامرأة أخرى جميلة وغنية، عرضتا على اثنين من المرتدين أن يقتلا الناقة ولكلٍ منهما زوجة جميلة.

قدَّار بن سالف أحمر الشعر قصير القامة، قيل أنَّه ابن زنا، والآخر مصدع بن مهزج.. ذهبا يحرضان القوم على قتل النَّاقة، حتى اجتمع تسعة رجال ليقتلوا الناقة.. ضربها مصدع بسهم فوقعت، فهجم قدار عليها ونحر عنقها، ثم سارع البقية ليقتسموا لحمها.. ثم لحقوا ابن الناقة يريدون ذبحه أيضاً، فهرب إلى الجبل مقترباً من الصخرة التي خرجت منها أمه، رآه نبي الله صالح، فبكى ولد الناقة، ورغى ثلاثة مرات، ثمَّ انشقت الصَّخرة، ودخل فيها كما خرجت أمه منها.

حزن نبي الله صالح لما حدث، وأنذرهم ثمود أنَّ عذاب الله سيأتيهم بعد ثلاثة أيام.. وفعلاً، بعد ثلاثة أيام جاءهم صوت مرتفع جداً، تفجرت رؤوسهم من قوتهم وتركهم صرعى في بيوتهم، ونجى الله القلَّة المؤمنة ونبي الله صالح.