عراقية تحظى باهتمام بالغ خلال شهر رمضان المبارك، ورغم تنوع الأصناف وانتشار الوصفات الغربية والشرقية، تحافظ الأطباق التقليدية على تفضلها وتعتبرها العائلات جزءا مهما من المائدة الرمضانية.
وتتربع "الدولمة" على عرش سفرة الطعام العراقي، وتتصدر قائمة مائدة المناسبات والضيوف في كل بيت، فلا منافس لها بين الأطباق الأخرى، حتى أصبحت سفيرة الأكلات العراقية في الخارج، والتي تحرص أغلب المطاعم العراقية في الخارج على تقديمها كطبق غني بالدسم والخضار والبهارات.
وتنشغل ربات البيوت بحفر الكوسا، والباذنجان، والفلفل الحلو، والطماطم، وسلق البصل، وورق العنب، والسلق، استعداد لحشوها بالأرز، واللحمة المفرومة، لصنع "الدولمة"، كما تخبر الفلسطينية ليلى الجاروشة والتي عاشت في العراق وتنقلت ما بين مدنه وأحيائه الشعبية مدة 22 عامًا، وكونت صداقات عدة من جميع الطوائف، وأحبت الأكل العراقي، وتعلمت طريقة صنعه.
تقول الجاروشة عن المطبخ العراقي في رمضان: "المشهد الأبرز هي الزلابيا التي تتنافس محلات الحلويات في صنعها وعرضها على شكل هرمي على الواجهة المتاجر".
وتتابع: "وفي داخل البيوت تبدأ العراقيات بالتحضير لأكلة الدولمة في ساعة باكرة من نهار رمضان لأنها تحتاج إلى وقت طويل، ما بين حفر الخضروات، وسلق بعضها، ونضجها على النار، والمميز فيها هي حشو ورق نبات السلق بشكل مربع في حال لم يتوفر ورق العنب".
وعن مكونات الدولمة العراقية، تذكر الجاروشة أنه يتم اختيار الكوسا، والباذنجان ذات الحجم الصغير، ويتم سلق البصل بضع ثواني حتى يمكن فك طبقاته، وغمر السلق بالماء الساخن، مبينة أن حشوة الدولمة تتكون من أرز متبل ببهارات عراقية، ويخلط بالخضار المفروم ناعما مع كل من الثوم، والبصل، والبندورة، والبقدونس، ويضاف لها اللحم المفروم ومعجون الطماطم.
وتشير إلى اعتماد هذه الأكلة على أضلع الغنم التي توضع في قعر قدر الطبخ، مع كمية من الماء والليمون، وتوضع في قدر محكم الإغلاق وتطبخ على نار هادئة، "لتعم بعد ذلك رائحتها الزكية أرجاء المكان".
وتقول الجاروشة، إن الدولمة أكلة عائلية ومتعة أكلها تكون بتجمع أفراد العائلة حولها، ولا تبدأ طقوس تناولها دون حضور الجميع على المائدة والتي تبدأ بقلب القدر على صينية مدورة ثم يرفع بعناية لتتوج سفرة الطعام، "كما تُحضر الدولمة للمغترب الذي يزور أهله بعد سفر طويل، فيرحب بهذه الأكلة ليسترجع الذكريات التي كان يحن إليها".
مذاقات مختلفة
ولأن العراق متنوع الثقافات والأعراق، فطبق الدولمة يتنوع أيضًا من حيث المذاق، بحسب طبيعة المحافظات العراقية، حيث يضيف جمعة عمر أن الدولمة يختلف مذاقها بحسب المحافظات العراقية.
فالمحافظات الشمالية مثلا تحبها حمراء، أي "يضاف إليها معجون الطماطم" وحامضة، أما محافظات الوسط والجنوب فتفضل أن يميل لونها إلى الصفرة، ويكون طعمها لاذعا، أي متبلة ببهارات حارة.
وللأسماك نصيب من المائدة الرمضانية العراقية المشهورة بـ"المسكوف"، وهو سمك يستخرج من نهري دجلة والفرات ويشوى على نار هادئة، كما تبين الجاروشة.
وتوضح أن السمك ينقل بعد تنظيفه وشقه طوليًا إلى دائرة كبيرة من الفحم والخشب المشتعل لإعداد وجبة السمك.
وتشير إلى أن شهرة "المسكوف" ارتبطت بمذاقه فبعد رش الملح الذي يتطابق به كل أنواع الشواء تضاف خلطة ونكهة خاصة قبل رفع السمك من الشواء بـ(10) دقائق، بالإضافة إلى طريقة استخدام النار الصحيحة للحفاظ على شواء السمك بصورة متناسقة.
وتضيف أن أصحاب الخبرة يفضلون الشواء بخشب شجرة الصفصاف، حيث تتوسط النار السمك إما بصفين متقابلين أو بطريقة دائرية لتوزيع النار بصورة متناسقة على السمك المعلق بخشبتين من أحد أطرافه.
ومن الأكلات التي يفضل العراقيون أكلها في كل وقت وفي كل حين الباتشا "الكرش والفوارغ"، توضح أن المحلات التجارية المتخصصة بصناعتها تعمل على مدار الساعة، حيث يعتبرونها وجبة إفطار، ويمكن أن تأكل في منتصف الليل أيضا.
وتلفت الجاروشة إلى أن العراقيين يفضلون مشاوي اللحم بكثرة ويطلقون عليها "شيش كباك" ولها مذاق مميز يختلف عن الكباب الفلسطيني، يضاف إليه نعناع، وسماق، ونوع من البهارات الخاصة بهم.
وعن الحلويات التي تشتهر في رمضان بالعراق، تلفت إلى الإقبال الكبير على شراء حلوى الهريسة والتي تصنع من الأرز يسمونه "عنبر" لرائحة العطرة، وكذلك حلوى الداطلي (بلح الشام).