قائمة الموقع

رمضان.. لا أثر للبهجة في بيوت الأطفال الأسرى

2022-04-15T10:50:00+03:00
الأسيران الطفلان طارق اشتيوي وعوض عبيد

تختفي ملامح البهجة في شهر رمضان من بيوتٍ بالضفة الغربية اقتيد أطفالها أسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فلا معالم للفرح والأم تفتقد ابنها المعتقل في كل لحظة، وتتذكره في كل زاوية من زوايا المنزل، وترى مكانه على مائدتيْ الإفطار والسحور فارغاً.

فلا طعم للفرح برمضان في بيت الأسير الفتى طارق اشتيوي من كفر قدوم قضاء قلقيلية، كما يبين والده حكمت، فوالدته لم تجف دموعها منذ دخول الشهر الكريم، تتذكره في كل لحظة.

يقول: "كلما دخلت والدته المطبخ لإعداد طعام الإفطار، يدخل البيت كله في حالة من الحزن الشديد، فهي تعد الطعام وهي تبكي".

ويضيف: "حرمتنا من أي طبخة يحبها طارق، مصممة ألا تطهو أي شيء يحبه وهو غير موجود، ويبقى قلبها معه تتساءل: ماذا أَفطر؟ هل هو جائع أو شبعان؟ أيشعر بالدفء أم البرد؟ هل يتعرض للتعذيب أو لا؟".

ومع شدة الحزن الذي أصابها لاعتقال الاحتلال لابنها البكر، فإن "أبو طارق" قطع خيط الزيارات العائلية والإفطارات عند الأقارب.

ويمضي إلى القول: "بالأمس رفضتُ دعوة من عمي لتناول طعام الإفطار في منزله، لأني أوقن بأن زوجتي لن تتمالك نفسها من البكاء هناك وستنقلب فرحة المدعوين للإفطار إلى غم".

ويشير إلى أنه يرفض أي دعوات للإفطار أو تنظيم أي عزائم في منزله بغياب طارق، مراعاة لمشاعر زوجته، التي دخلت في حالة نفسية صعبة، خاصة أن طارق بكرها الذي تحمل في قلبها "معزة خاصة" له وتخصه بالمصروف واللباس وكل شيء عن أشقائه الآخرين.

لحظة بلحظة

وما زاد عائلة اشتيوي ألماً أن طارق هذا العام في الثانوية العامة، "كنا ننتظر لحظةً بلحظة وصول أول ابن لهذه المرحلة ونتشوق للاحتفال بنجاحه"، يقول والده.

يشار إلى أن طارق شتيوي اعتُقل في الثلاثين من مارس على خلفية المشاركة في مسيرة كفر قدوم الأسبوعية ضد الاستيطان بشكل متزامن مع ثلاثة من أقرانه من المدرسة ذاتها، ولم يخضع لمحاكمة بعد.

ويبدي اشتيوي تخوفه على مصير ابنه لكون الاحتلال متجردا من الإنسانية وقد يفعل أي شيء بحق الأطفال الأسرى، "وأخشى أن يوقعوا عليه حكماً كبيراً ويضيعوا عليه امتحانات الثانوية العامة".

مقعد خالٍ

ولم يكن الأمر بأفضل عند أهل الأسير الفتى عوض عبيد (16 عاما) الذي يتقطع قلب أمه "ليلى عبيد" ألماً وهي ترى سريره فارغاً وكتبه متروكة على مكتبه ومقعده على مائدة الإفطار خالياً، ولكن يقينها أنه لا يوجد بيت فلسطيني لم ينل من عذابات الاحتلال نصيباً يهون عليها بعضاً مما هي فيه.

وتبين لـ"فلسطين" أن ساعات رمضان تمضي ثقالاً وهي تجهل مصير ابنها في سجون الاحتلال، وتفتقده في كل لحظة، تقول: "فابني الأكبر مشغولٌ بتخرجه من الجامعة والثاني مغترب، فكان عوض يدنا اليمنى أنا وأبيه في كل أمور المنزل والحياة".

فوالد عوض اعتقله الاحتلال في عام 2002م بعد إصابته بجروح بليغة وأفرج عنه بعد شهرين لصعوبة وضعه الصحي، فيحتاج لمساعدة في قضاء أمور المنزل لكون الإصابة تركت آثاراً بليغة على جسمه.

تقول عبيد: "أبنائي الأربعة تعرضوا للاعتقالات عدة مرات، فنحن دائماً على موعد مع اقتحامات لجيش الاحتلال لمنزلنا، إما لاعتقال أحد الأبناء وإما لمجرد التخريب والعبث والتنغيص".

وتشير إلى أن قوات الاحتلال اقتحمت منزلها في الثالثة فجراً من يوم الثلاثين من مارس، واعتقلت عوض بعد أن عاثت فساداً في المنزل، "كان هجوماً وحشياً ترك صدمة نفسية لدى شقيقتيه مرام 13 عاماً وملاك 11 عاماً، خاصة أنهم أعادوا الاقتحام في الخامسة فجراً فظننا أنهم أتوا لاعتقال صهيب 14 عاماً لكن تبين أنهم أرادوا مصادرة هاتف عوض".

شعور القلق

وتشعر عبيد بالقلق البالغ على حياة ابنها ومصير دراسته "في ظل عدم محاكمته حتى الآن"، "فلا نعرف ما إذا كان سيخرج ويتقدم للامتحانات في الخارج أو سيتقدم لها في السجن أو قد يكون السيناريو الأسوأ ألا يتمكن من التقدم لها أساساً، وهذا يعني ضياع جهدنا أنا وإياه منذ بداية العام".

تستطرد بالقول: "كنت أتابع دراسته لحظة بلحظة وأنتظر أن أحتفل بنجاحه لكن هذا هو ديدن الاحتلال، الذي حرمني منه وحرم أسرتي من أجواء شهر رمضان الكريم".

وتحاول عبيد التعالي على أحزانها وشد أزر أبنائها الآخرين الذين يعانون حالة نفسية سيئة بعد اعتقال عوض، "فقد أصبحت الاقتحامات والاعتقالات جزءاً من روتين حياتي منذ عام 1999، حينما بدأ الاحتلال بملاحقة زوجي واعتقاله مروراً باعتقالاته المتكررة لأبنائي".

ولكن في الوقت ذاته، ترفض عبيد أي دعوة للإفطار عند أهلها أو أهل زوجها، "فأنا متأكدة أنني لن أحتمل رؤية أقرانه وهم مجتمعون وسعداء وأنا لا أعلم عن عوض شيئاً، سأنهار بالبكاء وستنقلب الأجواء في تلك التجمعات للحزن، فاختصاراً لذلك أفضل البقاء في المنزل".

اخبار ذات صلة