قائمة الموقع

"دستارخان".. مائدة أوزبكية لا يجلس إليها المُضيف

2022-04-13T10:41:00+03:00
صورة أرشيفية

تقيم العائلات في أوزبكستان في شهر رمضان المبارك موائد إفطار جماعية تدعى "دستارخان" يدعون إليها جميع الجيران والأقارب والأصحاب، وقد يصل العدد إلى 300 شخص أحياناً.

تبدأ هذه التجمعات منذ مجيء اليوم الأول من شهر رمضان، إذ يدعون بعضهم البعض لحضور حفلات إفطار مبالغ فيها، حيث يأتي جميع الضيوف على صاحب الدعوة قبيل صلاة المغرب.

ويكون صاحب المنزل قد استعد للإفطار الجماعي بذبح عدد من المواشي وبتوفير طاقم خدمة من أهله وأقاربه لـخدمتهم، وما يميز تلك الحفلات عن غيرها من الدول الإسلامية أن أهل المنزل لا يجلسون مع الضيوف على الإفطار بل يبقون واقفين لخدمتهم.

ويعد لحم الضأن والخراف هو الطعام الرئيسي لتلك الإفطارات، ويقدم قطعًا كبيرة مع المرق والخبز الكبير.

وجرت العادة ألّا تقدم مائدة "دستارخان" الرمضانية دفعة واحد، حيث يتناول الأوزبك الطعام بأيديهم وهم جلوس على الأرض. ويبدأ الإفطار بتوزيع السلطة لجميع الحضور، ثم يقومون بجمع كافة الأطباق استعداداً لتقديم طبق الشوربة مع القليل من الخبز والزبيب، ثم يأتي وقت تجهيز طبق يسمى "السمسا" وهي فطائر محشوة باللحم، وعند الانتهاء يتم أخذ فترة راحة لصلاة المغرب.

ويعقب الراحة تناول وجبة الإفطار الرئيسية يليها تناول الشاي الأسود والأخضر مع المكسرات والفاكهة، كل ذلك وأصحاب البيت في حالة طوارئ لخدمة الضيوف.

وتتميز المائدة الأوزبكية باستخدام واسع من اللحوم، لحم الضأن، ولحم البقر، ولحم الخيل، وكل منطقة من أوزبكستان لها طريقة خاصة في الطهي، وطبق "البلوف" باللغة الروسية و"أش" باللغة الأوزبكية من أشهر الأطباق في البلاد، وهو عبارة عن الأرز واللحم المتبل، ويتم طهيه على نار هادئة.

ومن العادات الأوزبكية خلال شهر رمضان يقوم الأغنياء بذبح خروف أو أكثر وتوزيعه على الأقارب والجيران وتسمى "قربنليك" بالأوزبكية، وتعود بالأساس إلى كلمة قربان بالعربية.

جلسات سمر

وبعد الانتهاء من الطعام وأداء صلاة التراويح تُعقد جلسات للسمر يجتمع فيها الكثير يتجاذبون فيها أطراف الحديث حول تاريخ أجدادهم العظيم، وحضارتهم التي شهدت نهضة علمية واسعة حتى صارت قبلة للعلماء لتلقي العلم والمعرفة في مختلف العلوم الشرعية والفلكية والرياضيات والطب والفلسفة وغيرها.

ويحرص المسلمون خلال شهر رمضان الفضيل في أغلب المدن والقرى الأوزبكية على التزاور وصلة الرحم وتقديم الصدقات وتجهيز الموائد على رأس الطرقات للفوز بإفطار صائم.

وتزدحم المساجد في أيام الشهر الكريم يكون بشكل غير مسبوق من قبل، وتستشعر في صلاتهم وترتيلهم لآيات الذكر الحكيم أنهم أهل لغة القرآن، رغم أنهم بعد الصلاة لا يستطيعون التحدث بكلمة عربية واحدة، لكنهم يتقنون قراءته.

وعلى مدار تاريخها الطويل، قدّمت جمهورية أوزبكستان مئات العلماء والمفكرين الذين أثروا الحضارة الإسلامية بجهودهم الجليلة في مختلف العلوم الشرعية والفلكية والرياضيات والطب والفلسفة وغيرها، وارتبطت مدن أوزبكستان بالتاريخ الإسلامي منذ بدايته وشهدت نهضة علمية واسعة وارتحل إليها العلماء من كل حدب وصوب لتلقي العلم والمعرفة كسمرقند وطشقند وخوارزم وترمذ وبيروني.

وكان من بين هؤلاء العلماء الذين ولدوا في أوزبكستان الإمام البخاري صاحب المصنفات العديدة، وأهمها صحيح البخاري، كما خرج منها الفيلسوف والطبيب الأشهر ابن سينا، والخوارزمي والبيروني والنسائي والزمخشري والترمذي وأبو داوود والقفال الكبير، وغيرهم الكثير.

اخبار ذات صلة