فلسطين أون لاين

كل فتاة بأبيها معجبة

...
صورة تعبيرية

روي أن العجفاء بنت علقمة السعدي، وثلاث نسوة من قومها، خرجن فقعدن بروضة يتحدثن فيها، فوافين بها ليلًا في قمر زاهر، وليلة طلقة ساكنة، وروضة معشبة خصبة؛ فلما جلسن قلن: ما رأينا كالليلة ليلة، ولا كهذه الروضة روضة أطيب ريحًا ولا أنضر، ثم أفضن في الحديث؛ فقلن: أي النساء أفضل؟ قالت إحداهن: الخرود (طويلة السكوت) الودود الولود. قالت الأخرى: خيرهن ذات الغناء (الكفاية والمنفعة)، وطيب الثناء، وشدة الحياء.

قالت الثالثة: خيرهن السموع الجموع (تسمع القول)، النفوع غير المنوع. قالت الرابعة: خيرهن الجامعة لأهلها، الوادعة الرافعة، لا الواضعة.

قلن: فأي الرجال أفضل؟ قالت إحداهن: وفي بعض الروايات أن إحداهن قالت: إن أبي يكرم الجار، ويعظم الخطار، وينحر العشار، بعد الحِوار (ولد الناقة)، ويحمل الأمور الكبار، ويأنف من الصغار؛ فقالت الثانية: إن أبي عظيم الخطر، منيع الوزر (الملجأ)، عزيز النفر، يحمد منه الورد والصدر؛ فقالت الثالثة: إن أبي صدوق اللسان، حديد الجنان، رذوم (واسع) الجفان، كثير الأعوان، يروي السنان، عند الطعان، قالت الرابعة: إن أبي كريم النزال، منيف المقال، كثير النوال، قليل السؤال، كريم الفعال.

ثم تنافرت إلى كاهنة معهن في الحي؛ فقلن لها: اسمعي ما قلنا، واحكمي بيننا واعدلي، ثم أعدن عليها قولهن؛ فقالت لهن: "كل واحدة منكن ماردة (بلغت الغاية)، بأبيها واجدة (تحب والدها)، على الإحسان جاهدة، لصاحباتها حاسدة؛ ولكن اسمعن قولي: خير النساء المبقية على بعلها، الصابرة على الضراء مخافة أن ترجع إلى أهلها مطلقة؛ فهي تؤثر حظ زوجها على حظ نفسها؛ فتلك الكريمة الكاملة، وخير الرجال الجواد البطل، القليل الفشل، إذا سأله الرجل، ألفاه قليل العلل، كثير النفل (العطية)، ثم قالت: كل واحدة منكن بأبيها معجبة.