فلسطين أون لاين

​مشاريع التخرج.. ضحية حصارٍ يغيِّب مستلزماتها

...
أحد مشاريع التخرج الغزية (أرشيف)
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

باءت جميع محاولات الفلسطيني "زياد الدحدوح" لإجراء تجارب أولية على فكرة مشروع تخرجه بالفشل، نظرا لغياب المواد اللازمة لذلك من أسواق قطاع غزة المحاصر إسرائيليًا منذ قرابة العشر سنوات.

وعمل الدحدوح على مدار عام كامل، برفقة ثلاثة من زملائه في قسم الهندسة المدنية بالجامعة الإسلامية على تجهيز مشروع تخرجه، المتمثل بإنتاج نموذج أولي للإسفلت المسامي "النفاذي" الذي يهدف إلى إيجاد حل لمشكلة تراكم مياه الأمطار في الشوارع وبمرافق البنية التحتية عموما.

اصطدمت بالواقع

وشرع الدحدوح بالتجهيز لفكرة مشروع التخرج بمطالعة الأبحاث والدراسات العالمية المتعلقة والقريبة من الفكرة "الإسفلت المسامي"، قبل أن تبدأ بعد أربعة أشهر مرحلة إجراء التجارب الأولية وإعداد النموذج الأولي والعينات المطلوبة بإشراف الدكتور شفيق جندية أستاذ هندسة الطرق والبنى التحتية في الجامعة.

ولكن مرحلة التحضير وإجراء التجارب الأولية لم تجرِ على ما يرام، إذ اصطدمت بمشاكل متعددة يرجع سببها الأساسي إلى منع الاحتلال إدخال الكثير من المواد الخام عبر المعابر التجارية الخاضعة لسيطرته، والتي تعد عنصرًا أساسيًا في إكمال مشاريع التخرج الجامعية وتحديدا الهندسية منها.

وعن المشاكل التي واجهت طريق الدحدوح ورفاقه الثلاث، قال لـ"فلسطين": "تمثلت المشاكل الأساسية في عدم توفر عدد من المواد الرئيسية في إنتاج العينات الأولى مثل (البيتومين) فائق القوة، وغياب مادة مواد (الفايبر)، فضلا عن غياب نسخ ورقية من كتب المواصفات والمقاييس والفحوصات".

وأضاف خريج كلية الهندسة: "كان من ضمن الإجراءات المنوي تنفيذها القيام باختبارات على المخرج الأولي ولكن لم نتمكن من التطبيق لذات السبب السابق"، مشيرا إلى أن فريق العمل حاول إدخال المواد المطلوبة عبر منافذ أخرى، ولكن واجه صعوبات في ذلك لسياسات الحصار المشدد".

وتغلب الفريق الهندسي على تلك المشاكل باستخدام بعض طرق الاختبار القديمة، واللجوء إلى مواد بديلة ولكنها ليست بذات الجودة، أو محاولة إنتاج مواد معنية ولكنها باءت بالفشل.

وأشار الدحدوح إلى أن النتائج التي توصل لها الفريق في ختام مرحلة إعداد النموذج الأولي كانت مقبولة بنسبة كبيرة لدى لجنة المناقشة، رغم سعي الفريق الطلابي إلى إجراء المزيد من البحوث على فكرة مشروعهم الساعية بشكل أساسي لتحفيف الهدر الكبير لمياه الأمطار، وزيادة المخزون الجوفي من خلال دور الاسفلت في تجميع المياه، وحقنها في باطن الأرض.

المعاناة تتكرر

المشاكل التي اصطدم بها الدحدوح خلال مرحلة الإعداد لمشروع التخرج لم تختلف تفاصيلها كثيرا عن الواقع الذي عايشه خريج كلية الهندسة وتكنولوجيا المعلومات من جامعة الأزهر محمد نعيم برفقة زميليه، سليمان حمادة ومحمد مصطفى.

وحاول نعيم منذ بداية تنفيذ مشروعه تفادي الاصطدام بمشاكل الحصار ومنع الاحتلال إدخال الكثير من متطلبات مشاريع التخرج، عبر البحث عن أفكار لمشاريع تحقق رغبته بالتميز بين طلبة قسم هندسة الميكاترونكس، وتقديم فائدة للمجتمع المحلي، وفي الوقت ذاته تكون متطلبات تنفيذها متوفرة في أسواق القطاع.

وشرع فريق العمل الثلاثي بتنفيذ فكرة مشروع التخرج، وهو عبارة عن ماكينة تختص بتصميم وإنتاج الأشكال الهندسية المعقدة والزخارف بأنواعها على مختلف المواد الخام، كالخشب والبلاستيك والألمنيوم، في مطلع عام 2014، ولكن سرعان ما بدأت التحديات تظهر.

ويوضح نعيم: "كانت أولى المشاكل متمثلة بندرة الخبرة المحلية المتعلقة بالمجال الذي نعمل به، وكذلك اصطدمنا بغياب عدة قطع إلكترونية أساسية في تنفيذ المخرج الأول للمشروع، لذلك حاولنا إدخالها عبر معبر رفح البري أو من خلال معبر كرم أبو سالم التجاري، إلا أن المحاولات فشلت، والسبب الحصار لا غير".

وقال نعيم لـ"فلسطين": "رغم كل تلك المشاكل جهزنا النسخة الأولى من الماكينة في منتصف العام، أي بعد ستة أشهر من انطلاق مرحلة التنفيذ، قبل أن نعود إلى نقطة الصفر بعدما قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية منزل أحد أعضاء الفريق خلال الحرب الأخيرة، فتحولت الماكينة إلى رماد وقطعة متناثرة بين الركام".