فلسطين أون لاين

تقرير في قرى فلسطين يستقبلون رمضان بالأبيض والأخضر و"فقدة الولايا"

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم الشوبكي:

في رمضان تستقبل ختام خضر أخوات وإخوة زوجها، إذ تستيقظ في الصباح الباكر لتحضر المنسف الذي تشتهر به قرية بيتا شرق نابلس، فتبدأ بسلق لحم الضأن الذي يحتاج إلى ساعات طويلة على النار حتى ينضج بلبن الجميد المصنوع من حليب الماعز في العادة.

ومن ثم تبدأ خضر (63 عامًا) بتحضير القطائف، والفطير الذي تشتهر به القرية، والذي يُحشى بالقشطة، أو الجبن، أو المهلبية والتي تلقى رواجًا كبيرًا من سكان القرية، حيث يزداد صنعها والإقبال عليها في هذا الشهر.

ووليمة الأرحام، تقابلها "فقدة الولايا" حيث يجتمع رجال العائلة الواحدة من أجل زيارة بنات الإخوة، والأخوات، والعمات، والخالات، وفي العادة يهدونهن مونة لأكلة كاملة، كالأرز، والدجاج، واللبن، وغيرها، كما تبين خضر.

وتقول لـ"فلسطين": "أول يوم رمضاني يكون إما أبيض وإما أخضر، وفي العادة أعد الملوخية المحببة لدى أفراد عائلتي، وبعض عائلات القرية تعد طبيخ اللبن إلى جانب طبق شوربة الشعيرية أو الفريكة أو العدس".

وتتابع: "وفي الولائم الكبرى نُعدُّ المسخن أو المفتول أو المنسف وهي الأطباق الرئيسة تكون سيدة مائدة الإفطار، بجانب المقبلات كالكبة وورق العنب والأوزي".

عادات بيتا

ومن عادة أهل بيتا، وفق خضر، الإقبال على محلات العصائر والمشروبات الرمضانية يوميا، حيث يبتاعون عرق السوس، والتمر الهندي وهما المشروبان الأكثر شهرة في رمضان.

وتوضح أن مائدة السحور لا يغادر طبق قمر الدين المخفف بالماء ليصبح كقوام الشراب، والحلاوة الطحينية، والجبنة البيضاء غير المملحة، والصفراء أيضًا.

وتفتقد خضر إلى صوت طبلة المسحراتي الذي غاب منذ سنوات طويلة عن قريتها، حيث يعتمد السكان على صوت المساجد وتكبيراتها لإيقاظهم على السحور.

وتلفت إلى أن المساجد تقيم "أذان الرفع" قبل نصف ساعة من أذان الفجر، من أجل تنبيه الناس على أن وقت السحور قد يبدأ ينفد.

ومن العادات الجميلة أيضًا في بيتا هي اجتماع نساء القرية في بيت إحدى السيدات حيث يقمن صلاة التراويح جماعة كل يوم في بيت إحداهن لكسب الأجر والثواب.

ومن العادات التي ما تزال تحرص خضر على القيام بها في رمضان، التطوع لإعداد الأكل لمسنات القرية في إحدى الجمعيات الخيرية، حيث تتم دعوتهن للإفطار أكثر من مرة طوال الشهر الفضيل والاستئناس بهن، بالإضافة إلى توزيع السلال الغذائية على العائلات المحتاجة.

الحلاوة والفلافل

ورمضان هو شهر اجتماع العائلة بالنسبة لفخر الرنتيسي وتحديدًا في العشرية الأولى إذ يجتمع وإخوته الثلاثة في بيت والدتهم في قرية رنتيس في رام الله.

ويقول الرنتيسي لـ"فلسطين": "ليلة القدر كانت ليلة مميزة بالنسبة لنا في الصغر، حيث يجتمع أطفال الحارة ويشعلون "سلك الجلي"، فيلفونه ليصدر أشكالا مضيئة في الهواء، ويستمرون في اللعب حتى ساعات الفجر".

وهذا العام سيشهد أهل القرية مسابقات رياضية بعد صلاة التراويح، حيث ستقام مباريات كرة القدم، والطاولة "التنس"، كنوع من الأنشطة التي سيكون لها صدى في قرية رنتيس، وتتمنى الرنتيسي أن تصبح طقسا رمضانيا يقام كل عام.

ويشير الرنتيسي إلى أن أهل القرية يقبلون على شراء الحلاوة الطحينية، وقمر الدين اللذين يغيبان تقريبًا عن المائدة، ويعود هلالهما إلى الظهور في الشهر الفضيل.

وعن أشهر الأطباق التي يحرص عموم أهل رنتيس على صنعها على مائدة الإفطار، المقلوبة والمنسف، والزرب "المندي".

ويلفت الرنتيسي إلى أن القرية تشهد موسم العكوب حاليًا، حيث تستمر ربات البيوت في إعداده باستمرار مع لبن الجميد لأن موسمه قصير.

ويذكر أن الحركة التجارية تنشط في الشهر الفضيل، حيث يظهر فجأة باعة القطائف، والفلافل الذي يحرص أهل القرية على شرائه يوميًا كمقبل أساسي على مائدة الإفطار، ويختفي بقية أشهر السنة.

وليمة الولايا

بينما في قرية قريوت يحرص سكانها على تزيين الحارات، والبيوت بأحبال إضاءة تحول ليالي رمضان إلى نهار، تبعث البهجة في نفوس الناس.

ولمات العائلة هي الطقس الأبرز في قريوت حيث تتجلى معاني التكافل الاجتماعي في ولائم الأرحام والولايا، واجتماع العائلات الممتدة على مائدة إفطار واحدة، وتقام عادة في أرض واسعة للعائلة تسع الأعداد الكبيرة، كما بين محمد القريوتي.

ويوضح القريوتي لـ"فلسطين" أن السهرات العائلية تمتد إلى وقت السحور ولا سيما في فصل الصيف، ومن ثم ينفض الجمع كل إلى بيته لتناول السحور.

ويمضي إلى القول: "نظرًا لاتساع رقعة العائلة، فلم تعد وليمة الولايا تقتصر على بنات الإخوة، والأخوات، بل امتدت لبنات بناتهن المتزوجات، لذا يقوم الداعي بذبح ذبيحة في رمضان وتوزيعها عليهن بديلا عن جمعهن في مكان واحد".

القطائف هي سيدة الحلويات لسكان قريوت، وفي العزائم يقدم الفطير المحشو والمُسقى بالقطر، أو صدور الكنافة النابلسية الخشنة لأنها يمكن أن تقدم بادرة.

ويلفت القريوتي إلى أن الفول الأخضر بلبن الجميد، والمنسف طقس عائلي يبدؤون به شهر رمضان، ويعتمدون على العصائر الطبيعية بعيدًا عن المشروبات الغازية، ويفضلون تناول اللبن "المخيض" الذي يكون أساسيًا على مائدة الإفطار، والتمر الهندي، والعرق سوس.