فلسطين أون لاين

تقرير تحليل: عمق العمليات الفدائية يوجع (إسرائيل) أمنيًا وعسكريًا

...
عملية فدائية في الداخل المحتل (أرشيف)
غزة/ أدهم الشريف:

رأى مراقبون سياسيون وعسكريون أن العمليات الفدائية التي شهدها عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤخرًا، يوجع (إسرائيل) من الناحية العسكرية، فهي رغم قدراتها المتقدمة في هذا المجال إلا أنها لم تتنبأ بأيٍ منها.

ومنذ 22 مارس/ آذار الماضي، حتى مساء الـ 7 من ابريل/ نيسان الحالي، نفذ فدائيون فلسطينيون 4 عمليات -إحداها طعنًا و3 إطلاق نار- أسفرت عن مقتل 14 إسرائيليًا بينهم مجندين في جيش الاحتلال.

وردًّا على ذلك استنفر جيش الاحتلال أجهزة أمنه في الأراضي المحتلة، بأعداد كبيرة جدًا، حتى أنه بعد عملية رعد حازم في شارع "ديزنغوف" الخميس الماضي، استدعى وحدات "سيريت متكال" الخاصة والتي لم تنزل شوارع "تل أبيب" منذ العملية التي نفذتها دلال المغربي عام 1978، واستشهدت بعدها.

هستيريا في (إسرائيل)

وبينما يرى الأكاديمي والمحلل السياسي د. شريف الحلبي، أن الاحتلال أصيب بحالة "هستيريا" بسبب العمليات الفدائية وخاصة التي وقعت الخميس الماضي في شارع "ديزنغوف"، يؤكد أن ذلك ناتج عن نجاح الفدائيين في الوصول بأسلحتهم إلى أماكن حساسة جدًا بالنسبة للاحتلال، وما رافق ذلك من "إبداع وبطولة منقطعة النظير في تنفيذ العمليات".

ونبَّه الحلبي خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، إلى أن عملية رعد حازم، وينحدر من مدينة جنين، جرت في شارع "ديزنغوف" من أهم وأكثر الشوارع حيوية في "تل أبيب" التي تحتفظ بأهمية سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية كبيرة جدًا بالنسبة للاحتلال، عادًّا أن ذلك لم يفاجئ الاحتلال فحسب، بل جميع من تابع العملية الفدائية وقد أثارت تفاعلاً كبيرًا معها.

وأشار إلى عدة عوامل ينطلق منها الفدائيون الفلسطينيون، أولها إسلامية الأيدولوجيا التي يؤمنون بها، والشعور بالمظلومية لدى جميع أبناء شعبنا، وخاصة هؤلاء الفدائيون الذين يشاهدون أصدقاءهم يقتلون عند الحواجز بالقدس والضفة الغربية، وتهدم منازل عوائلهم وتهود مقدساتهم.

ومن بين هذه العوامل، بحسب الحلبي، الإرادة والشجاعة والجرأة التي يتمتع بها الفدائيون، وكذلك عامل الثأر والانتقام ردًّا على الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق أبناء شعبنا.

وبيَّن أن اقتحام قوات كبيرة من جيش الاحتلال مدينة جنين، جاء محاولة من (إسرائيل) لـ"استعادة الهيبة وقوة الردع بعد العمليات الفدائية، لكنها دائمًا تفشل في ذلك نتيجة تصدي فصائل المقاومة لها ووقوع إصابات في صفوف جيش الاحتلال، ولم يتمكن من تنفيذ مهماته العسكرية التي جاء لأجلها.

"وبناء على ذلك، فإن الاحتلال يعيش حالة تخبط وهستيريا نتيجة شعوره بزلزال يضرب الكيان، وقد انعدم الأمن وهو المرتكز الأساسي بالنسبة للمشروع الصهيوني إضافة إلى الهجرة للأراضي المحتلة والاستيطان والقتال خارج الحدود" والقول للحلبي.

وتابع: "عندما يُضرب مرتكز أساسي من هذه المرتكزات وهو الأمن؛ هذا يعني أن هناك خطرًا استراتيجيًا ووجوديًا يهدد المشروع الصهيوني، وهذه بشرى لأبناء شعبنا الفلسطيني وأمتنا".

ورأى أن "الشعب الفلسطيني على أعتاب المرحلة الحاسمة التي سيتم فيها إنهاء كيان الاحتلال وفكفكة مشروعه الغاشم الجاثم على أرضنا".

وكانت الفصائل الفلسطينية هددت في حال تصعيد جيش الاحتلال من انتهاكاته في المدن والمخيمات بالضفة الغربية، فإنها ستتصدى للانتهاكات وتصعد ضد الجيش.

وتزامن اقتحام جنين، أمس، مع حلول الذكرى الـ 20 لمقتل 13 جنديًا إسرائيليًا في معارك بمخيم جنين خلال ما تسمى عملية "السور الواقي"، في مثل هذا اليوم من عام 2002.

اختراق أمني

من جهته قال الخبير في الشؤون العسكرية اللواء متقاعد يوسف الشرقاوي، إن العمليات الفدائية هذه تشكل اختراقًا لمنظومة أمن الاحتلال الإسرائيلي، وقد يبنى عليها مستقبلاً.

وعدَّ الشرقاوي في تصريح لـ "فلسطين"، أن العمليات الفدائية وما يترتب عليها من ضحايا في صفوف الاحتلال ومستوطنيه تتصدر المشهد الفلسطيني، في وقت للأسف الشديد ما زال فيه طرف يراهن على المفاوضات.

وعدَّ أن ما يجري حاليًا يعكس معركة التحدي التي يخوضها شبان فلسطينيون في مواجهة جيش الاحتلال الذي يملك ترسانة عسكرية متقدمة جدًا، مشيرًا إلى تصاعد كبير في الجرأة لدى منفذي العمليات، وكل واحدة أجرأ من سابقتها.

ولفت إلى أن هذه العمليات إن كانت تنفذ ضمن حاضنة منظمة لها، فهي ستنجح وسترعب الاحتلال، لكن إذا كانت فردية موسمية فالأفضل لها أن تكون ضمن استراتيجية لقيادة هذه العمليات.

واعتبر ردود فعل الاحتلال بتنفيذ اقتحامات واعتقالات واسعة ضد عوائل منفذي العمليات، ضمن العوامل الانتقامية لدى الاحتلال.

وأوصى بضرورة إيجاد موقف فلسطيني موحد في الوطن والشتات على مواجهة الاحتلال.

من جهته قال الخبير العسكري اللواء متقاعد واصف عريقات، إن العمليات في الداخل المحتل مؤلمة وموجعة للاحتلال، مدللاً على ذلك باعتراف الاحتلال ووسائله الإعلامية بذلك.

وأضاف عريقات لـ "فلسطين"، أن العمليات نوعية حقًا، تمكن من خلالها الفدائيون الفلسطينيون كسر هيبة الأجهزة الأمنية والاستخبارية للاحتلال، واخترقوا جميع مقدراتهم الأمنية، وهذا يدل على أن المقاوم الفلسطيني يطور نفسه أكثر بكثير مما يعلن عنه الاحتلال دائمًا أنه يستفيد من دروس الماضي.

وعدَّ أن عملية الشاب رعد حازم في شارع "ديزنغوف" شكلت ضربة موجعة وخاصة لرئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت، الذي أعلن اتخاذ كل الإجراءات لمنع العمليات وتخلل ذلك إغلاق جميع الفتحات والممرات، مع نشر أعداد كبيرة من جنود الاحتلال في الداخل المحتل.

وبشأن الاقتحامات التي نفذها الاحتلال في مخيمات بالضفة، وارتكب خلالها سلسلة انتهاكات أدت إلى استشهاد مقاوم في جنين، قال عريقات إن ما يقوم به الاحتلال يعكس عدم قدرته على تحمل الضربات في (تل أبيب) وغيرها، ويحاول استرداد هيبته ومعنويات الجبهة الداخلية الإسرائيلية التي تتهمه بالصوت العالي أنه لا يقدر على تأمينها.

ووصف انتهاكات الاحتلال هذه بأنها "عمليات حقد وجرائم ترتكب بحق الشعب الفلسطيني المعتاد عليها منذ سنوات، لكن هذه المرة الجرائم مضاعفة أكثر لأن الوجع لدى الإسرائيليين أكبر".

وبينما نبَّه إلى أن الجدار العازل الذي بناه الاحتلال حول الضفة وكلف المليارات بهدف منع عمليات المقاومة، لم ينجح في ذلك، فإن نشر (إسرائيل) 15 كتيبة من جيش الاحتلال بعد عملية "ديزنغوف" لم ينجح لاحقًا في منع تنفيذ عمليات جديدة.

وأستدرك: الفلسطيني لا يعدم الوسيلة إذا ما قرر أن يقاوم وينفذ عمليات فدائية.