فلسطين أون لاين

تقرير المخيمات الفلسطينية في لبنان تؤمّن "لقمة الفقر" بشق الأنفس

...
المخيمات في رمضان (أرشيف)
بيروت/ انتصار الدّنّان:

يعيش الفلسطينيون في مخيمات لبنان أوضاعًا اقتصادية وإنسانية صعبة، فاقمتها ارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار العملة الوطنية في لبنان، وحرمان الفلسطيني من العمل، وارتفاع أسعار السلع كافة، حيث بات أكثر من 80% من الفلسطينيين المقيمين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر.

يقول تامر، وهو صاحب محل لبيع الفرّوج النيئ في مخيم عين الحلوة: "لم نشهد في تاريخ وجودنا في لبنان أزمة كالتي نعيشها اليوم، فارتفاع الأسعار بشكل جنوني حرم غالبية سكان المخيم من شراء هذه السلعة المهمة في الغذاء، وتحديدًا في شهر رمضان المبارك".

ارتفاع جنوني بالأسعار

ويشير إلى أنه قبل شهر من دخول رمضان كان سعر كيلو الدجاج بـ50 ألف ليرة لبنانية (33 دولارًا)، اليوم ومع اقتراب حلول شهر رمضان الكريم تعدى سعره الـ75 ألف (49.5 دولار)، فالعائلة التي كانت في السابق مع بدء ارتفاع الأسعار، كيف ستشتري الفرّوج؟ خاصة إن كان رب البيت لا يعمل، أو يعمل بيومية لا تتعدى 75 ألف ليرة لبنانية، فربطة الخبز بـ13 ألف (8.5 دولارًا)، والسلع كافة ارتفعت، حتى إن الزيت ارتفع سعره بشكل خيالي، ولم يعد بإمكان الناس شراء مادة الزيت الضرورية للطعام".

يتابع، لن يكون الناس بخير في شهر رمضان المبارك، سيحرمون أنفسهم من العديد من الأطباق الرمضانية، كالفتوش، وغيرها، حتى البطاطا التي كانت تعد لقمة الفقير لن تستطيع العائلة تزيين سفرتها بها.

يرد تامر ارتفاع سعر السلع إلى الحرب بين أوكرانيا وروسيا، وارتفاع أسعار النفط، وكذلك فقدان السوق من سلع عديدة كالسكر والطحين والزيت.

يفطرون على الخبز

أما "أم زهير"، وهي أم لأربعة أطفال، تعمل في جمع الخضروات لتعيل أطفالها بعد أن تعرض زوجها لحادث سقوط في عمله، وتعرض لكسر في الحوض، ولم يعد يعمل، قالت: "أخرج من بيتي صباحًا عند الخامسة، أجمع الخضراوات من النفايات، وأبيعها حتى أستطيع أن أؤمن لأولادي معيشتهم ودواء زوجي، فلا معيل لي وحتى المؤسسات لا تلتفت إلى أمرنا".

وتشير إلى أن الأدوية التي يحتاج إليها زوجها في علاجه غالية الثمن وغير موجودة في عيادة الأونروا، "وتقدمت من المؤسسات بالطلب منها بتأمين الدواء لزوجي غير أنها لم ترد عليّ ولم تؤمن له الدواء، لذلك أنا مضطرة للعمل من أجل تأمين العلاج".

وتعيش "أم زهير" في بيت مؤلف من غرفتين بالإيجار، ولا يزال أولادي صغارًا، يتعلمون في المدرسة، وتحتاج كل يوم إلى ربطتي خبز سعر الواحدة 13 ألف ليرة لبنانية، هذا عدا تأمين وجبة الطعام.

وتبين أن مدخولها في معظم الأيام التي تعمل فيها لا يتعدى الـ50 ألف ليرة، "فنضطر إلى أن نأكل الخبز لوحده من دون شيء معه".

وعن شهر رمضان، قالت: "في الأيام العادية لا نستطيع شراء الدجاج واللحم وحتى الخضار لطهيها فما بالنا في شهر رمضان الذي بدأت الأسعار فيه بالارتفاع، فإذا كان سعر صحن الفتوش سيكلف أكثر من 150 ألف (99 دولارًا) فكيف سنؤمنه. كان البيض ملاذنا إذا جعنا، اليوم ثمن البيضة الواحدة تعدى الـ5 آلاف ليرة (3 دولارات)".

وتنتظر "أم زهير" بفارغ الصبر أن تمن علينا أي مؤسسة بتقديم كرتونة مؤونة، حتى يتسنى لها طهي الأرز والعدس الذي فيها.

رمضان بلا حلويات

في حين يقول أبو قاسم، وهو من سكان مخيم عين الحلوة، وصاحب محل لبيع الحلويات: "في السابق كنا ننتظر شهر رمضان بفارغ الصبر حتى نعوض خسارتنا عن عدم بيعنا في الأيام العادية، لكننا هذا العام لا نتأمل خيرًا، لأن الناس ليس بإمكانهم إعداد وجبة الإفطار لهذا الشهر الكريم، فبالطبع سيستغنون عن حلويات رمضان إلا في حال تكرم عليهم الجوادون وقدموا الحلويات بصفة تبرع".

تابع، الوضع جدًا مزري، ووضع الناس صعب جدًا، لذلك يجب أن تلتفت إليهم فصائل منظمة التحرير وتؤمن لهم بالحد الأدنى من احتياجاتهم، وكذلك يجب عليهم الضغط على الأونروا لتتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني.

ومضى إلى القول بأن الأشخاص الذين ما زالوا يعيشون بنوع ما من البحبوحة هم الذين يتقاضون رواتب بالعملة الصعبة من المنظمة وكذلك الأونروا والمؤسسات، وأنا أطلب من فصائل المنظمة أن تلتفت لفقراء المخيم، وتحسم من راتب كل شخص متفرغ دولارين فقط، وتقدمه للأشخاص الذين لا يتقاضون رواتب، ليكن ذلك تكافلًا اجتماعيًا.