فلسطين أون لاين

تقرير "الفتة المصرية".. طبق فرعوني يخترق حصون البطون الجائعة

...
القاهرة-غزة/ مريم الشوبكي:

رائحة الثوم التي تفوح من طبق الفتة المصرية كفيلة أن تُسيل لاعبك وأنت تنتظر مدفع الإفطار أن يُطلق، هي طبق تقليدي فرعوني، يتكون من الخبز المحمص الذي تعلوه طبقة أرز وقطع من اللحم المسكوب عليها "طشة" البندورة بالثوم والخل.

الفتة المصرية الأصيلة تتميز عن مثيلاتها في الدول العربية الأخرى التي عادة تعدها من الدجاج، أما في مصر فتعد عادة من اللحم البلدي "الضأن"، وهي أساس ولائم شهر رمضان، وأساس السفرة في أول أيام عيد الأضحى المبارك.

ليل مدينة الجيزة التي تقطن فيها إيمان دلول يتحول إلى نهار، فالأضواء التي تعكسها أحبال الزينة التي تزين شوارعها ابتهاجًا بقدوم الشهر الفضيل، وأصوات مكبرات الصوت لا تهدأ بـ"هاتوا الفوانيس يا ولاد هاتوا الفوانيس يا ولاد ح نزف عريس، ح يكون فرحه 30 ليلة" وحي ويا وحي ايااحة".

دلول غزية تزوجت من مصري قبل عشر سنوات، وأصبحت ملمة بالأكل المصري وأصول صناعته، وأصبحت تمارس نفس طقوسه في استقبال الشهر، فمن عادة ربات البيوت تفريز الخضار، والفواكه قبل قدوم رمضان.

تقول دلول (37 عاما) لـ"فلسطين": "أفضل الفتة الغزية عن المصرية، ولكن بسبب حب زوجي لها تعلمتها من حماتي، تعلمت كيفية صناعة صلصة البندورة، وطشة الثوم والخل، ومذاقها يختلف كليًا عن فتتنا التقليدية".

وتتابع: "في الفتة المصرية نقطع العيش البلدي "الخبز" ويتم تسقيته بمرق اللحم الساخن، ومن ثم يتم وضع الأرز الأبيض المضاف إليه السمن البلدي الحيواني، ويتم رص قطع اللحم عليه، ويتم وضع صلصلة البندورة التي يتم طهيها بتقليب القليل من الثوم مع السمن اللذين يضاف إليهما عصير البندورة ويقلب الخليط على النار حتى يثقل مع القليل من الملح، والفلفل الأسود، والكمون، وبعدها يسكب عليه القليل من الخل".

وتضيف دلول: "عادة يذبح أهل زوجي خروفا كل مدة، ولا سيما في شهر رمضان، حيث نقيم عليه وليمة يجتمع عليها الإخوة، والأخوات، والخالات، والأخوال، وغالبًا ما نصنع الفتة المصرية".

وتتابع: "الفتة على لحم الضأن هي أساس لدى المصريين، وابتكروا طرقا أخرى كفتة الكوارع المشهورة للغاية لدى جميع الأسر المصرية، ويزداد الطلب عليها في المطاعم في رمضان".

أطباق أخرى

والفتة ليست الطبق الوحيد المشهور لدى المصريين، فهم يتميزون بالمحاشي وخاصة محشي الكرنب (الملفوف)، والملوخية بالكزبر الجافة والثوم وعادة ما يقدمونها مع الأرانب، والحمام المحشي، والكشري، الممبار المحشو بالأرز (أمعاء العجل أو الخروف)، والسجق، والحواشي.

وتذكر دلول أن عصير الخشاف هو أهم العصائر التي تعدها ربة البيت المصرية، وهو يتكون من الفواكه المجففة، وقمر الدين، والمكسرات، ومشروب السوس، والكركديه، والتمر الهندي.

أما الكنافة فسيدة الحلويات الرمضانية المصرية، وهي الكنافة الشعرية المحشوة بالقشطة أو المكسرات، وأدخلوا عليها تطورات كالكنافة بالمانجو، وبالشوكولاتة، في حين تتنافس محلات الحلويات في صناعة القطائف بألوان وأطعمة مختلفة.

وبحسب موقع "الجزيرة نت" يعتقد البعض أن المصريين عرفوا الفتة مع الفتح الإسلامي، لكون اللحوم والثريد ليسا من الأكلات التراثية المصرية المعروفة التي اعتمدت على الوصفات النباتية كالفول والعدس والملوخية.

لكن نقوش معبد سوبيك، تشير لقصة الفتة المتوغلة في التاريخ الفرعوني، حتى أن الكاهنة المصرية كارا ذبحت خروفا، وحشته بالبرغل والبصل والباذنجان، و"فتت" فيه قطع الخبز، وأضافت البصل والثوم والخل وغمرته بالمرق، ثم وزعته على زوار معبد الإله، في يوم العيد للتبرك بالمعبود.

وعرف المصريون "الفتة" منذ القدم، وتحتل مكانة مميزة على موائدهم في عيد الأضحى، مع أطباق الكبدة والممبار والأشكال والطرق المختلفة لإعداد اللحوم، لكن تبقى الفتة الطبق الأصلي ذا الطعم الذي لا ينافسه شيء.