قائمة الموقع

في الذكرى الـ20 لمعركة جنين.. روح "خليل طوالبة" توقد شعلة الثورة

2022-04-08T10:10:00+03:00
الشهيد خليل طوالبة

ببزةٍ عسكريةٍ يتسابق المقاومون بمخيم جنين على ارتدائها، جال خليل طوالبة ورفاقه صائب عباهرة وسيف أبو لبدة، في شوارع المخيم في عرضٍ عسكري أحيوا فيه الذكرى العشرين لمعركة جنين التي حدثت في الثالث من أبريل/ نسيان 2002، حمل الثلاثة بنادقهم في يدٍ وفي الأخرى رفعوا صورة لأحد فرسان المعركة الشهيد "محمود طوالبة" أحد أبناء عمومة خليل.

حاول خليل ورفاقه المشاركون في العرض، إنزال رايات الحداد التي نكس فيها المخيم أحزانه بعد ارتقاء شهيدين، مستحضرين صورًا لأبطال المخيم الذين هدموا "السور الواقي" وهو اسم العملية التي أطلقها الاحتلال عندما اجتاح المخيم آنذاك، مؤكدين أن الجيل الحالي لم يسقط راية المقاومة التي بقيت مشتعلة في المخيم وأن رياح الثورة ستغير على "كاسر الأمواج" وهو اسم أطلقه الاحتلال للتصدي لعمليات المقاومة المتصاعدة بالضفة.

بعد انتهاء العرض، ظلت عيون الاحتلال تراقب الثلاثي المقاوم وتتبع وحداته الخاصة تحركات سيارتهم، حتى تقابلوا وجهًا لوجه مع قوات الاحتلال التي نصبت كمينا لخليل ورفاقه قرب بلدة عرابة وخاضوا اشتباكًا أصيب فيها أربعة عناصر من وحدة "اليمام" الخاصة، واستشهد خليل ورفيقاه سيف وصائب، فجر السبت الماضي.

20 عامًا بين بطلين

عشرون عامًا هي المسافة الفاصلة بين استشهاد خليل والقائد محمود طوالبة، وطوال هذه السنوات حاول الاحتلال تطويع المخيم عبر الحصار والتضييق على أبنائه وقتلهم، وحرمانهم من التصاريح وغير ذلك من الإجراءات، التي زادت تعلق خليل وأبناء المخيم بقضيتهم، وأصبح المخيم يمثل رعبًا للاحتلال.

على الطرف الآخر من سماعة الهاتف، يبوح والده لصحيفة "فلسطين" بآخر اللحظات التي جمعته بنجله قائلا: "عند الساعة العاشرة مساءً أوصلني بسيارته إلى بيت عمته القريب من منزلنا، وعندما رجعت إلى البيت خلدت إلى النوم، لكن الساعة الثانية فجرًا أيقظني ابني الآخر بصوتٍ مذعور يخبرني أن هناك "شبانًا يتجمعون على باب المنزل وأن خليل ارتقى شهيدًا في اشتباك مع قوات الاحتلال".

نزل الخبر الصادم كالصاعقة على قلب والد خليل الذي لم يستوعب الخبر حتى اللحظة "تلقينا نبأ اغتيال خليل بصدمة، لأنه لم يكن مطلوبًا للاحتلال".

تخرج خليل في الجامعة الأمريكية في جنين من كلية "التمريض" وامتاز وفقًا لوالده، بالذكاء طيلة فترة مراحله الدراسية، وقدم لطلب الحصول على وظيفة لدى السلطة مرتين، لكن في وقتٍ سُدت في وجهه أروقة الدوائر الحكومية التي لم تقبل شهادته الجامعية المتفوقة، فُتحت له أبواب السماء بشهادة "رفعت رأس عائلته" وضمدت بها جراح المخيم وجراح فلسطين.

لم يستسلم خليل لانغلاق الأفق أمامه، وافتتح مشروعًا شخصيًا وأنشأ مطبعة قريبة من منزله، وفي كل وقتٍ كانت أصوات الرصاص تعلو في المخيم معلنة بوجود اقتحام لقوات الاحتلال كان لا يتخلف عن تلبية النداء.

والده الذي ألقى على روحه السلام يعلق على شخصية ابنه واصفًا إياه بأنه "صاحب أخلاق عالية، محبوب وطنيًا، غيور على وطنه وشهم، يحب جيرانه وإخوته، رفض أن ينضم للمتعطلين عن العمل وأصرَّ على بناء مستقبله".

طريق مفروش بالدم

غاب خليل وغابت طلته وابتسامته عن قلوب إخوته، شقيقه قصي (30 عامًا) يستحضر آخر صورة له "رأيتهُ سعيدًا جدًا في آخر يوم له، وكأنها إشارات الوداع التي لم نعرفها، وأخي معروف بخفة ظله وحبه لرسم الابتسامة على قلوبنا في كل شيء، وفراقه رغم فخرنا بشهادته مؤلم لنا، أمضى آخر ساعاته بيننا وكان يسأل عن الجميع ويريد الاطمئنان ثم تناول طعام العشاء مع أمي وأوصل أبي لبيت عمتي".

"نحن أبناء مخيم حب الوطن يسري في دمائنا، فنحن عشنا جميع مراحل المقاومة والنضال الوطني، كذلك نحن أبناء عائلة مقاومة من أصغرنا لأكبرنا (..) اليوم نفتخر بأخي خليل وقبله افتخرنا بالشهيد القائد محمود طوالبة، الذي يعد رمزًا لنا ولأخي الذي سار على دربه واستشهد في نفس تاريخ معركة جنين" يرثي قصي لـ"صحيفة فلسطين" شقيقه.

بينما تسابق الصائمون إلى مائدة السحور في اليوم الأول من رمضان بعد ثبوت ميلاد هلال شهر رمضان، سطعت أسماءُ خليل وصائب وسيف في سماء الوطن معلنة ميلاد أبطال نذروا أنفسهم وأرواحهم لأجل فلسطين، دوَّخوا الاحتلال في شوارع جنين وارتقوا شهداء.

"هنا جنين" عبارة كتبت من تجميع الظروف الفارغة للرصاصات التي تركت في ساحة الاشتباك مع القوة الخاصة، وحولها بقع دماء ارتوت منها فلسطين، وهي تبعث برسائل لقوات الاحتلال بكل وحداته أن الطريق إلى جنين ليس مفروشًا بالورود.

اخبار ذات صلة