فلسطين أون لاين

تطبيق الجوال الأول عالميًا

خليل سليم.. يفكّ عزلة الصُم عبر "نظام الأمل"

...
غزة - هدى الدلو

آلمه كثيرًا شعوره بفئة الصمّ المهمشة والمنعزلة إلى حد ما، إذ كان يرى أنهم لا يتواصلون إلا مع من يقاسموهم المعاناة، وتأكد من ذلك عندما طلب منه صديقه مساعدة فتاة من أقاربه في إصلاح حاسوبها، وكانت تعاني من إعاقة سمعية، فواجه صعوبة كبيرة في التواصل معها، مما جعل حل مشكلة جهازها تستغرق وقتا مضاعفا، الأمر الذي دفعه إلى البحث عن برمجيات تساعد على التواصل مع الصم، ولكنه لم يجد مراده، لذا قرر أن يتخذ الخطوة بنفسه، فبدأ عصفا ذهنيا قويا ليصل إلى فكرة يساهم من خلالها في دمج الصم بالمجتمع، وتسهيل عملية تواصلهم مع غيرهم، إلى أن وصل إلى "نظام الأمل لذوي الإعاقة السمعية".

"نظام الأمل" هو تطبيق للهواتف المحمولة، وهو الأول عالميًا لمخاطبة الصم دون الحاجة إلى تعلم لغة الإشارة، أنجزه مهندس البرمجيات "خليل سليم"، مما جعله يردد: "الآن أصبحت أقول: على هذه الأرض ما يستحق الحياة".

المهندس سليم هو مدير شركة "المطورون بلس"، وصاحب عدة مشاريع ريادية، وحاليا يعمل مع فريق على تطوير نظام لذوي الإعاقة السمعية يهدف إلى دمجهم في المجتمع وتمكينهم التواصل مع من حولهم بسهولة.. "فلسطين" حاورته للتعرف على فكرته..

لتحقيق الأهداف

أوضح سليم أن فكرة "نظام الأمل للإعاقة السمعية" تقوم على إيجاد نظام متكامل يمكن أي شخص من التواصل بشكل سهل مع الصم، وكذلك تسهيل التواصل مع المجتمع بالنسبة للصم، إذ يساعدهم التطبيق على ممارسة أبسط تفاصيل الحياة اليومية التي حرموا منها، كالاستماع لما يُبث عبر المذياع والتلفاز، ومكالمات الجوال، من خلال تحويل الصوت إلى لغة إشارة يفهمها الأصم، لافتا إلى أنه يعمل التطبيق باستخدام خوارزميات برمجية لتحويل الصوت إلى نصوص مكتوبة، ومن ثم ترجمتها إلى لغة الإشارة.

التحق سليم بدورات لتعلم لغة الإشارة، ولكنه وجد أن مشكلة الأصم أعمق من أن يتواصل مع غيره، فالمشكلة الحقيقية هي الانعزال الكلي عن العالم، إذ إن الصم لا يستطيعون سماع ما يدور حولهم.

وقال: "المعرفة الحسية والوجدانية كلها تأتي عن طريق السمع، مما يعني أن الصم محرومون من الوصول إلى هذه المعرفة، بالتالي كان لا بد من إيجاد حل يخدم ذوي الإعاقة السمعية في التواصل مع الآخرين، ويخدم غير الصم أيضا في تمكينهم من التواصل مع الصم"، مضيفا: "التواصل بسهولة مع ذوي الإعاقة السمعية هو هدف التطبيق".

وتابع حديثه: "كما سعيت من خلال التطبيق لتحقيق أهدافي الخاصة، في أن يكون مشروع الأمل مصدر دخل لي ولفريقي البرمجي الذي سيعمل معه، وسنعمل على تطويره ليكون قابلا لمواكبة التغييرات والمتطلبات التكنولوجية الحديثة".

التطبيق الأول عالميًا يقدم مجموعة من الخدمات المتكاملة، منها خدمة كتابة النصوص، وتكبيرها، ويوتيوب للصم، ومعلومات ثقافية عامة، وعرض لأحدث الأخبار التي تنشرها المواقع الالكترونية مع تحويلها إلى لغة الإشارة، بالإضافة إلى خدمة القاموس التي تستخدم في تحويل الكلمات إلى لغة إشارة، ويبلغ عدد الكلمات في التطبيق نحو 4600 كلمة مستخدمة في اللغة العربية، ويدعم تحويلها إلى 17 لغة معتمدة في الأمم المتحدة.

ونوه سليم إلى أن مبلغ الاشتراك بالتطبيق هو خمس دولارات فقط، تُدفع مرة واحدة لجميع الخدمات التي يوفرها البرنامج، ويبلغ عدد مستخدمي التطبيق 600 ألف مستخدم من مختلف دول العالم، حيث قام بطرحه بعدة لغات، واختارته مايكروسوفت كأحد أفضل التطبيقات في متجرها.

تخطٍ للعقبات

"لا يوجد شيء سهل، ويُقدم على طبق من ذهب، فهناك الكثير من العقبات التي واجهتني، كان أبرزها فهم لغة الإشارة وتحويل الجملة المكتوبة بالأحرف العربية إلى جملة يفهمها ذوو الإعاقة السمعية، فالجملة في لغة الإشارة تختلف في بنيتها عن الجملة العادية، فاضطررنا إلى برمجة خوارزميات تقوم بإعراب الجمل العربية، وإعادة صياغتها بلغة الإشارة، وكان علينا تحديد أسماء الشخصيات والمدن والمنظمات، كذلك تحديد الكلمات الغريبة والمصطلحات وشرحها بالصور للصم، وهذه المشاكل لا يُستهان بها، فقد كانت سببًا في إعاقة أي عمل سابق لذوي الإعاقة"، حسب قول سليم.

وأضاف: "هذه العقبات أعاقت إنجاز العمل، وبدلا من أن ينتهي في عام واحد، استغرق ثلاثة أعوام"، متابعا: "إغلاق المعابر حال دون السفر إلى الخارج وزيارة مؤسسات الصم وجلب الاستثمارات".

لن تقف عجلة تطوير التطبيق عند هذا الحد، بل سيسعى سليم إلى الارتقاء به أكثر، فهدف البرنامج الأساسي هو تحويل الصوت إلى لغة الإشارة التي يفهمها الصم، حيث يستطيع الأصم الاستماع إلى المذياع والتلفاز وأحاديث الناس، وزيارة الأماكن بشكل عادي.