عادت ساحة باب العامود في مدينة القدس المحتلة، مجددا، للمواجهة بين المصلين والزائرين للمسجد الأقصى المبارك وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
ولعقود طويلة، شكلت ساحة باب العامود متنفسا لسكان مدينة القدس، حيث كانوا يلجؤون إلى مدرجاته للترويح عن أنفسهم، وتناول المشروبات في مقاهيه، ويرتاده الرسامون والسياح ليلتقطوا الصور التذكارية.
وخلال السنوات الأخيرة، أصبح هذا الباب رمزاً للسياسات الإسرائيلية بالمدينة، بدءاً من القمع والاغتيال، مروراً بمحاولات تهويده، والتضييق على ساكنيه. وخلافاً لسائر أبواب البلدة القديمة، فإن لباب العامود مدرجاً كبيراً يؤدي إلى الباب الذي أقامه السلطان سليمان القانوني سنة 1538.
وعقب أداء صلاة التراويح في المسجد الأقصى، سرعان ما تتحول ساحة باب العامود لساحة مواجهة وصراع رفضًا لمحاولات ومخططات الاحتلال الإسرائيلي السيطرة على المكان وطمس هويته.
وشهدت الليلة قبل الماضية، اندلاع مواجهات مع قوات الاحتلال، في ساحة باب العامود، ما أدى لإصابة عشرات المواطنين واعتقال آخرين، بعد نصب سياجًا حديديًا ومركزًا متنقلًا في المنطقة، وقيام وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، بجولة هناك.
وفي شهر رمضان العام الماضي، وضعت قوات الاحتلال حواجز حديدية على مدرجات باب العمود، ومنعت الأهالي والشبان من الجلوس والتجمهر هناك، ما أدى لاندلاع مواجهات عنيفة استخدم خلالها الاحتلال القوة والعنف، والرصاص المطاطي والقنابل والمياه العادمة، لكن سرعان ما تحولت شرارة المواجهات إلى حراك شعبي واسع عم أرجاء المدينة، انتهت برضوخ الاحتلال لمطالب المقدسيين وإزالة تلك الحواجز.
ساحة مواجهة
وقال رئيس مركز القدس الدولي حسن خاطر: رغم ضيق مساحة البلدة القديمة يعتبرها المقدسيون متنفسهم الوحيد والمحدود ومنها منطقة باب العمود ومحيط شارع صلاح الدين، مؤكدًا أن المنطقة يميزها عن غيرها في الصمود والتحدي ومواجهة الاحتلال والإصرار.
وأضاف خاطر، لصحيفة "فلسطين": إن الاحتلال يحاول من خلال نصب سياج حديدي في منطقة باب العمود، تقييد حركة وتواجد المقدسين هناك بهدف السيطرة على المكان وطمس هويته.
وأضاف: إن تواجد المقدسيين وتجمعهم في منطقة باب العمود بهدف التنفيس عن غضبهم، وإفشال مخططات الاحتلال ورفضهم لسياساته وللتأكيد أن القدس عربية ويوجد من يدافع عنها وأن إرادة المقدسيين لا يمكن تجاوزها بإجراءات الأمن التي يقوم بها الاحتلال، مردفًا: "من يذهب لباب العمود يدرك أنه سيصطدم مع الاحتلال.
وأكد أن الأهالي هناك مستعدون لدفع الثمن، مدللاً على ذلك المواجهات التي اندلعت مساء أول أمس، في باب العمود ونجم عنها إصابة عشرات المقدسيين واعتقال آخرين خلال تصديهم لمحاولات الاحتلال التي أرادت طردهم من المكان.
وتوقع أن تتطور الأحداث في منطقة باب العمود وتتحول إلى مواجهات وحراك شعبي واسع في مختلف أنحاء المدينة، في استمرت الجرائم التي يرتكبها الجيش بحق الأهالي.
وأكد أن الاحتلال يريد إشعال الحرب في المدينة المقدسة واستعادة هيبته التي فقدها العام الماضي خلال معركة "سيف القدس"، مشيرًا إلى أن إصابة عدد من الجرحى واعتقال العديد من المواطنين تؤشر أن الأمور أهبة نحو التصعيد.
إفراغ المنطقة
بينما قال المتخصص في شؤون القدس زياد الحموري: إن الاحتلال يحاول استعادة هيبته التي فقدتها خلال تصدي الأهالي هاجمتها العنصرية ضد قرى وبلدات النقب في الداخل المحتل، من خلال تغولها على المقدسيين ومحاولة منعهم من الوصول والتواجد في منطقة باب العمود.
وأكد الحموري، في حديث مع صحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يتخوف من انفجار الأوضاع في القدس خلال شهر رمضان، ويحاول تغيير الواقع الميداني من خلال نشر أكثر من 3 آلاف جندي في البلدة القديمة، والاعتداء على المقدسيين بالضرب والاعتقال ونصب سياج حديدي ومركزًا متنقلًا في المنطقة دون أن يترك مكانًا لجلوس المقدسيين.
وأرجع المختص في شؤون القدس، أسباب نشر قوات من الشرطة الإسرائيلية بأعداد كبيرة بمنطقة باب العمود والبلدة القديمة، ونصب كاميرات مراقبة وإقامة نقطة شرطية؛ لإفراغ المنطقة من الوجود المقدسي، مشددًا "لكنها ستبوء بالفشل أمام صمود الأهالي".
وأشار إلى أن محاولات الاحتلال وارتكاب جرائمه بحق المقدسيين بمنطقة باب العمود ومنع الأهالي من التعبد وفرحتهم في استقبال شهر رمضان وأداء صلاة التراويح وتنفيذ حملات اعتقال واعتداء عليهم لا يبشر بخير.
ورأى أن اقتحام وزير الخارجية يائير لبيد، مساء أول أمس، منطقة باب العمود، ينذر بمزيد من التوتر وربما تندلع مواجهات خلال الأيام القادمة تمتد لمختلف الأراضي الفلسطينية، أسوة بالمواجهات التي اندلعت في شهر رمضان العام الماضي، عندما وضعت قوات الاحتلال حواجز حديدية على مدرجات باب العمود، ومنعت الأهالي والشبان من الجلوس والتجمهر.
وبين أن الاحتلال يحاول خلق واقع جديد له في القدس خلال كل عام وذلك بالتزامن مع الأعياد اليهودية التي تصادف الشهر الجاري، وصولًا لتنفيذ مخططاته بهدم القدس والمسجد الأقصى المبارك.
وأردف: يعيش الاحتلال أزمة ويحاول ألا يعيد التوتر الذي تم خلال العام الماضي، والضرب بيد من حديد لتجنب تكرار معركة "سيف القدس".

