فلسطين أون لاين

الأزمة تحرم المواطنين من شراء الدواجن

تقرير هل تلاعب كبار التجار بأسعار الدواجن عملا بسياسة "تعطيش السوق"؟

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

بعد انتظار دام سبعة عشر يومًا، حصل المزارع "أبو يزن" والذي يملك مزرعة دواجن شرق محافظة خان يونس، على 200 صوص لاحم رغم أنه طلب ألفًا منها، بسعر أربعة شواقل ونصف الشيقل لكل صوص أي بضعف السعر الذي كان يشتريه قبل أزمة غلاء أسعار الدواجن التي يشهدها قطاع غزة حاليًا نتيجة قلة استيراد البيض المخصب من دولة الاحتلال وأوروبا بسبب انتشار مرض "انفلونزا" الطيور فيها، ما جعل وزارة الزراعة تفرض إجراءات رقابية صارمة لعدم دخول المرض لغزة.

ليس وحده سعر الصيصان المختلف على المزارع "أبو يزن" الذي رفض الكشف عن هويته، فقد ارتفع طن العلف الذي كان يشتريه بالوضع الطبيعي بمبلغ 2200 -2400 شيقل، إلى 3000- 3200 شيقل.

يُدخل المزارع صحيفة "فلسطين" في قلب الأزمة التي يعيشها بنبرة صوتٍ غاضبة "للأسف كنا في السابق نشتري الصيصان من التجار، بفئات "أ" (ذات جودة عالية خالية من الأمراض)، وفئة "ب" (أقل جودة) وفئة "ج"، لكننا اليوم وأمام حالة الإرباك نشتري كل الصيصان بنظام فئة "أ" دون أن نعرف نوعها ووضعها الصحي".

يتساءل بحرقة "ليش طن العلف غلي 800 شيقل!؟ وكيف وصل سعر الصوص لـ 5.5 شواقل".

ضياع الموسم

ويفيد هذا المزارع أن مستورد الصيصان يشترط عليه شراء الأعلاف منه وإلا قد يحرمه من كمية الصيصان في حال رفض لذلك، مشيرًا إلى أن تكلفة الإنتاج في تربية الصيصان أصبحت تبلغ 14 شيقلا على المزارع إذ يضطر لتشغيل سبع إسطوانات غاز لتدفئة 200 صوص وهذا ما يرفع كلفة الإنتاج.

إبراهيم البريم، يملك عشر مزارع في منطقة خزاعة وعبسان شرق محافظة خان يونس، كانت مزارعه تمتلئ بالوضع الطبيعي بنحو 50 ألف دجاجة، الآن يتواجد فيها 4 آلاف دجاجة فقط يبلغ عمرها حاليًا 27 يومًا ستكون جاهزة لطرحها في الأسواق نهاية شهر رمضان، وهذا يعني حرمانه من الاستفادة من الموسم.

يقول البريم في حديثه لصحيفة "فلسطين" عن عدم مقدرته على شراء الصيصان من الفقاسات: "عندما ذهبت لشراء الصيصان وجدت أن اسمي غير موجود، وتأكدنا أنه يذهب لأشخاص معينين".

وأضاف بحسرة: "كنت أنتظر موسم شهر رمضان بفارغ الصبر لتعويض خسارتنا ولسداد ديوننا المتراكمة، لكن الديون بقيت متراكمة وباتت مزارعنا شبه خالية".

أمام هذه الأزمة أعلن متجر "البشير" بمدينة غزة إيقاف عمل قسم الدواجن الطازجة داخل المول نتيجة ما وصفه بـ"التلاعب المؤسف والكبير من المحتكرين والذي يقع ضحيته المواطن البسيط" حسب البيان.

صاحب المتجر عماد البزم، علّق لصحيفة "فلسطين" على هذا القرار واصفًا أسعار الدواجن بـ"الجنونية" والتي تشهد فوضى، مبينًا، أن وزارة الزراعة حددت سعر بيع كيلو الدجاج بسعر 14 شيقلا أول من أمس، لكن المربين كانوا يبيعونه بـ 16-17 شيقلًا، وهذا ما أحدث بلبلة لدى زبائن المتجر، وقال: "خشينا أن نتهم بالاحتكار لذلك قمنا بإطلاق حملة مقاطعة الدواجن وذلك لإجبار التجار على خفض الأسعار".

ويتهم البزم مستوردي البيض المخصب بتعمد عدم إعطاء البيض لـ "صغار المزارعين" وإعطائه لكبار التجار وذلك لـ "احتكار السوق والتحكم به"، معللًا ذلك، بأنهم لو قاموا بإعطاء الصيصان للمزارع البسيط فإنه سيبيعه بأي سعر، بالتالي التحكم بالسوق أثّر على أصحاب الدخل المحدود بعدم قدرتهم على شراء الدجاج".

ويؤكد وجود تلاعب من بعض التجار المستوردين للبيض المخصب الذين رفعوا سعر البيض على المزارعين حتى يبتعد عن شراء الصوص.

إرباك بالاستيراد

رئيس نقابة مربي الدواجن مروان الحلو، يشير إلى أنه ومنذ خمسين يومًا حدث إرباك في استيراد البيض المخصب، بعدما كان قطاع غزة يستورد 3 ملايين بيضة مخصبة من الاحتلال ودول أوروبية، انخفضت الكمية بسبب انتشار مرضى انفلونزا "الطيور"، وهذا السبب الحقيقي للأزمة التي يتوقع أن تنتهي بعد العاشر من رمضان ويكون هناك وفرة في الإنتاج بكميات كافية للأسواق".

ويحمل الحلو في حديثه لصحيفة "فلسطين" المسؤولية لبعض تجار الأعلاف وبعض كبار موزعي الدواجن وأصحاب الفقاسات، بأنهم قاموا بتربية الصيصان بعد فقسه في مزارعهم الخاصة وأن الأمر اقتصر على عشرة من كبار التجار ويقومون بالتواصل مع بعضهم البعض لتعطيش السوق وعدم إعطاء السوق الأولية".

وأضاف: "قمنا بإبلاغ الجهات الحكومية المختصة بالأمر"، مشيرا إلى أن المزارع البسيط وصغار المربين لم يستطيعوا الحصول على الصيصان لتربيتها بمزارعهم.

وتابع: "هذا احتكار واضح وصريح"، منوها إلى أنه استيراد البيض المخصب لم يتوقف في غزة، بل كان هناك نقص في الكمية المستوردة"، وتساءل "أين الدجاج الذي ينتج؟".

وبحسب الحلو، يبلغ عدد مربي الدواجن 6500 مزارع، لديهم 4500 مزرعة منتشرة بمحافظات القطاع، لافتًا إلى أن قطاع غزة يحتاج في رمضان 4 ملايين ونصف المليون بيضة مخصبة، بالتالي هناك عجز يصل 20- 30% في مجمل الكمية.

وطالب الحلو بالمراقبة على كل حلقات إنتاج الدواجن، لضبط الأمر، مشيرًا إلى وجود 20 فقاسة للبيض المخصب منتشرة في غزة تقوم باحتضان البيض لمدة 21 يومًا، ثم يطرح الصوص في عمر يوم للسوق ويتم تربيته في المزارع، لكن مستوردي البيض وأصحاب الفقاسات يقومون بأخذ الصوص لمزارعهم وحرمان "المزارع البسيط" منه.

مراقبة حكومية مستمرة

من جانبه، يؤكد مدير دائرة الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة طاهر أبو حمد وجود مراقبة مستمرة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد للأزمة التي ارتفعت فيها أسعار الدواجن نتيجة انخفاض استيراد كميات البيض المخصب، وحدوث تغييرات اقتصادية في أسعار الأعلاف عالميًا، تأثرت فيها الدول الإقليمية المجاورة وحتى الضفة الغربية، أدت لارتفاع سعر الأعلاف بنسبة 30 – 40% وهذا انعكس على زيادة التكلفة الانتاجية.

يقول أبو حمد لصحيفة "فلسطين": إن الإشكالية والأزمة سببها قلة استيراد البيض المخصب، ما أدى لقلة العرض من الدواجن وزيادة التكاليف وكثرة الطلب بحيث أصبح سعر البيضة المخصبة 2.5 شيقل بدلا من 1.5 شيقل سابقا، وهذا ما أدى إلى الضغط وزيادة الأسعار، بالتالي صار الذي يدفع أكثر يحصل على الصيصان".

ورغم أن احتياجات قطاع غزة الشهرية تبلغ مليوني ونصف المليون بيضة، يلفت أبو حمد إلى أنه في شهر فبراير/ شباط الماضي توفر في القطاع مليون ونصف المليون من الصيصان فقط وهذا أقل من الكميات التي تنتج شهريًا، ما أدى لارتفاع أسعار الصيصان للمزارع والدجاج للمواطن.

ولدى سؤاله، عن عدم التزام المربين ببيع سعر الدواجن حسب تسعيرة الوزارة التي نشرتها أمس بسعر 14 شيقلًا للكيلو الواحد، أكد أنها تبذل جهودا لتثبيت التسعيرة، مستدركا: "لكن شدة الطلب هو ما أوصلنا لهذا الواقع الذي يتحكم فيه العرض والطلب".

وحول وجود احتكار من كبار التجار، قال: "هناك احتكار بنسبة محدودة والكثير من المعلومات التي تنشر عبارة عن شائعات"، وهذا ليس له تأثير على زيادة الأسعار الذي له علاقة بقلة العرض، والتي تبذل الوزارة جهودا كبيرا لحلها.

وأفاد أبو حمد أنّ وزارته وفّرت ثُلثَي احتياج القطاع من الدواجن في شهر رمضان من خلال استيراد بيض التفريخ من الخارج وإنتاجها داخل حضّانات في مزارع تربية الدواجن والتي تستغرق فترة التربية ما بين 35-40 يومًا سيتمّ طرحها في الأسواق، مُشيرًا إلى أنّ احتياج القطاع من البيض خلال شهر رمضان يبلغ 3 ملايين و700 ألف بيضة، تُنتج مليونين ونصف المليون دجاجة لاحمة.