يقضي الليبيون ليالي رمضان في إقامة حفلات "المديح النبوي" ويتوافد المصلون الرجال فور الانتهاء من إقامة صلاة التراويح، للتجمع من جديد في مزرعة أو حوش أحدهم لقضاء ليلة مع المدائح النبوية، فيبدأ المنشد في تلاوة أول بيت من القصيدة، والجمع يردد من خلفه.
ومن أبرز قصائد المديح:
حب النبي الهاشمي شجاني*** وأذاب قلبي والمنام جفاني
والشوق أضنى في جواه حشاشتي*** وفقدت في حب النبي كياني
ومنها أيضاً:
هم الأحبة إن جاروا وإن عدلوا***فليس لي معدل عنهم وإن عدلوا
إني وإن فتتوا في حبهمْ كبدي***باقٍ على ودهم راضٍ بما فعلوا
وبينما يقضي الرجال وقتهم في "حفلات المديح" تقيم النساء حفلاتهن الخاصة المعروفة بـ"السهريات" وتتم بالتناوب كل ليلة في بيت إحداهن، وما يميزها عن سهريات الرجال هو مشاركة الأطفال فيها حيث يتعلمون من خلالها العديد من العادات والتقاليد التي ترسخ فيهم قيم الانتماء لثقافتهم والتمسك بهويتهم.
ويتم في هذه الجلسات لعب بعض الألعاب النسائية مثل “الخميسة” كما يتم فيها رواية القصص والحكايات الشعبية ”تينفاس” ومسابقات الأحاجي والألغاز ”تيملوين” مع بعض المدائح والأذكار والابتهالات ”المديح”.
وقد اشتهرت بعض النساء كبيرات السن في إدارة هذه السهرات لكونهن يتميزن بالمهارة في رواية الحكايات الشعبية وحفظ الألغاز والأحاجي والمدائح والأذكار التي رددتها أمهاتهن وجداتهن أمامهن ذات يوم وانتقلت إليهن شفهياً وتعلمنها بالممارسة.
ومن التقاليد التي يتميز بها الليبيون في شهر رمضان عادة "تيمشراط" وهي تقليد أمازيغي قديم وعريق، ما زال البعض يحتفظ به، وتعرف هذه العادة أيضًا باسم "القسمية" خاصة في أواخر شعبان وبداية شهر رمضان، وهي اشتراك مجموعة من سكان الحي الواحد أو الأقارب في شراء جدي أو خروف وأحيانا ثور صغير أو قعود ويذبحونه ويقسمونه بالتساوي بين جميع المشتركين في دفع ثمنه.
ويأخذ كل مشترك نصيبه من كل شي في الذبيحة، ويعطون للمحتاجين والفقراء الذين يدفع بعض منهم مساهمة رمزية أو لا يدفع أي شيء.
ويعد شهر رمضان بالنسبة للأسر الليبية شهر التلاقي والتسامح والبركة والإيمان والاجتماع في بيت الجد يومياً فيما يعرف بـ" اللمة" لتناول طعام الإفطار سوياً مع العائلة طوال الشهر الفضيل، ولكن مع تقلص هذه العادة بمرور الزمن فإن الليبيين يحرصون على أن يفطروا أول أيام رمضان وليلة القدر في بيت الجد.
ويعد شهر رمضان فرصة لصلة الرحم حيث إن "الليبيين يحرصون في شهر رمضان على زيارة الأهل والأقارب والأصدقاء في زيارات وسهرات تمتد من بعد صلاة التراويح لقبيل الفجر.