استعرض رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير الفلسطينية بالداخل المحتل محمد بركة، ود. جمال زحالقة رئيس التجمع الوطني الديمقراطية أحوال فلسطينيي الـ 48، أهم المشكلات التي يواجهُها فلسطينيو الداخل المحتل، والعراقيل التي يضعها الاحتلال أمامهم.
جاء ذلك خلال ندوة حوارية بعنوان (فلسطينيو الـ 48.. نظرة من الداخل)، نظّمها مركز حوار للدراسات بغزة، وحضرها لفيف من الكُتّاب والمحللين السياسيين والمُختصين في الشأن الفلسطيني، ضمن سلسلة ندوات حوارية فكرية ينظمها المركز للاطّلاع على أحوال فلسطينيي الـ 48.
وعرّج بركة على الواقع الفلسطيني السياسي بالداخل المحتل، والعلاقات الداخلية البينية، إلى جانب العلاقة مع الأطراف الإسرائيلية والسياسات الاحتلالية التي تستهدف الوجود الفلسطيني في الداخل، وقال إنّ "الظروف مهما بلغت الاختلافات، فعلينا أن نحافظ على وحدة هيئاتنا الوطنية؛ لأنّ الضرر الناجم عن الانفصال أكبر بكثير مما تحدثه الاختلافات، خاصّة في ظلّ استمرار محاولات الاحتلال تفكيك المجتمع الفلسطيني بطرقٍ شتّى".
وأشار بركة إلى وجود حالة استهداف للمدن التاريخية مثل حيفا ويافا وعكا؛ لمحو تاريخها وهويتها الفلسطينية في الداخل، لافتًا إلى تعمُّد الاحتلال إنشاء مدنٍ بجوارِ المناطق الفلسطينية بالداخل في محاولة؛ لتخريب الواقع الديمغرافي والتاريخي الفلسطيني بالداخل.
وأكد بركة أنهم لا يزالون في حالة اشتباك مع الاحتلال، مُشدّدًا على ضراوة المعركة الدائرة الآن في النقب خاصة في ظلّ مُمارسات الاحتلال التي تُساند العصابات الصهيونية هناك، والمُعاناة الكبيرة التي يعيشها أهلنا في النقب "وهم يتعرضون لعملية تدمير متواصلة للبيوت في القرى والمناطق الفلسطينية".
كما شدّد على امتلاك المُجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل كفاءات وطنية علمية وأكاديمية عالية المستوى في مجالات متعددة كالهندسة والطب والاقتصاد وغيرها.
وأشار بركة إلى تجربتهم في الكنيست بأنهم اتخذوها منصة كفاحية نضالية؛ "من أجل عرض روايتنا مقابل رواية الاحتلال، وللمطالبة بحقوقنا المدنيّة والقومية، وقد حقّقنا في ذلك إنجازات ملموسة".
وفي السياق، وصف رئيس لجنة المتابعة العُليا للجماهير الفلسطينية بالداخل المحتل، خطوة الإعلان عن تشكيل هيئة الإسناد الوطني لأهلنا في الداخل بأنها "تطور نوعي مهم جدًا".
واعتبر بركة هذه الخطوة بأنها "تُعبّر عن شهامة ونبل الفلسطيني المُحاصَر والمُضطّهد، الذي يُعاني من القصف من حين إلى آخر، ومع ذلك يجد في وُجدانه متّسعٌ ليقف مع أبناء شعبه في الداخل المحتل".
وقال إنّ "هذه المُبادرة الرائعة موضع ترحيب وتقدير، وفي نهاية الأمر نحن على قلب رجل واحد يشدُّ بعضه بعضًا، وجميعنا يعرف أين نحن ذاهبون (..) تختلف الساحات، لكن لا يختلف الانتماء".
من جهته، عرّج الدكتور جمال زحالقة على الواقع السياسي الفلسطيني بالداخل وتعقيداته، مُؤكّدًا تعرُّض الحالة الفلسطينية في الداخل إلى حَدثين مُتناقضَين وهما مشاركة قائمة منصور عباس في الائتلاف الحكومي وهبّة أيار أو هبّة الكرامة 2021 بعد أحداث الشيخ جرّاح والمسجد الأقصى والعُدوان الهمجي على غزة، والتي كانت مُميّزة وشهدت مشاركة فلسطينية واسعة لم يسبق لها مثيل خاصة فيما يُسمّى بالمدن المشاركة حيفا ويافا وعكا واللد والرملة.
وشرح زحالقة مدى خطورة مشاركة قائمة منصور عباس في الائتلاف الحكومي وما أحدثه من نقاشٍ داخليٍّ واسعٍ وعلى مستوًى عالٍ، مُؤكدًا أنّ الكلّ الفلسطيني بالداخل مُصمّم على إبقاء حالة الوحدة الفلسطينية الجامعة في لجنة المُتابعة العربية، رغم التبايُنات التي وصلت حدّ مُشاركة طرف فلسطيني بالحكومة الإسرائيلية.
كما أكد أنّ الجميع يضع اعتبار الوحدة وإبقاء الشرعية السياسيّة الجامعة للكلّ الفلسطيني فوق أيّ اعتبار، على حدّ قوله.
وطالب زحالقة بضرورة استثمار الحالة الدولية الراهنة في ظل الصراع الروسي الأوكراني من أجل إعادة تموضُع العرب والفلسطينيين على الساحة الدولية، مُشيرًا إلى ضرورة ترتيب العلاقة مع إيران على قاعدة التعاون لا العداء والتآمر.
من جانبه، أكد مدير مركز حوار للدراسات وائل المبحوح، أنّ الندوة تأتي ضمن سلسلة ندواتٍ فكريةٍ حواريةٍ يُنظّمها المركز، ويستضيف فيها نُخبًا فكرية وسياسية؛ بهدف الاقتراب أكثر من الرواية الفلسطينية في الداخل، والتعرُّف إلى أوضاعهم وأحوالهم السياسية والثقافية والاجتماعية.