ما مر يوم الأم على الفلسطينية فضية عبد الله حماد (62 عامًا)، منذ سبعة عشر عامًا، إلا وهاجت مشاعرها المختلطة بين حزن وألم وفقد، لجثمان نجلها الشهيد إبراهيم محمد حماد المحتجز في مقابر الأرقام لدى الاحتلال الإسرائيلي.
واحتجز الاحتلال الإسرائيلي جثمان الشهيد إبراهيم حماد، عقب تنفيذه مع رفيق دربه الشهيد فيصل أبو نقيرة عملية اقتحام لمستوطنة "كيسوفيم" وسط قطاع غزة بتاريخ 2/5/2004، واعترف الاحتلال حينها بمقتل خمسة مستوطنين وإصابة عدد من جنوده.
ويوم الأم ظهر حديثًا لتكريم الأمهات لدورهن الكبير في بناء المجتمع، ويوافق الحادي والعشرين من مارس/ آذار في العالم العربي، على حين تحتفي به دول أخرى في تواريخ مختلفة.
ويرافق ألم الفقد السيدة حماد، في جميع المناسبات الدينية والوطنية، لكنها تفقد نجلها أكثر في مناسبات خاصة كعيد الفطر ويوم الأم وشهر رمضان.
وتستذكر حماد نجلها كلما سمعت عن ارتقاء شهيد، فهي تعد شهداء الوطن أبناءها، وتشعر بما تشعر به أمهات الشهداء من فقد ولوعة فراق وحزن على الرحيل، وفق حديثها لصحيفة "فلسطين".
وتقول حماد: "المشاعر تسكن لدى أمهات الشهداء بوداع أبنائهن ولمس أجسادهم قبل مواراتهم تحت الثرى، لكن مشاعري متقدة ومشتعلة لأنني لم أودع فلذة كبدي إبراهيم ولم ألمس جسده ولم أهمس في أذنه كلماتي الأخيرة قبل رحيله للأبد".
وتضيف: "أريد أن أودعه وأترحم عليه، وأدفنه في مقابر المسلمين، وأزوره في قبره وأدعو له وهو قريب مني"، مشيرة إلى أن نار الشوق له لا يطفئها وداع؛ ولكن الوداع يخفف تلك النار ويريح القلب.
وتشير إلى أن آخر الكلمات التي قالتها لإبراهيم قبل استشهاده بيوم، بعدما اشترى بيجامة جديدة وحذاء وارتداهما، وطبقًا من الحلويات، وطلب مني أن أرددها مرارًا "البس جديدًا وعش حميدًا ومت شهيدًا"، ثم قبلني لفرحته بهذه الكلمات التي خرجت مني عفويًّا ومضى، دون أن أعرف نواياه.
وتتابع حماد حديثها: "توفيت والدتي قبل خمسة أشهر، وكلما أزور قبرها لأدعو لها، أتذكر نجلي إبراهيم، وتذهب مخيلتي إلى مقابر الأرقام لدى العدو المجرم، الذي يحرمني وعشرات أمهات الشهداء من حق إنساني".
وتوضح أن الاحتلال يريد معاقبة ذوي الشهداء باحتجاز جثامينهم، قائلة: "إبراهيم مارس حقه الطبيعي في مقاومة الاحتلال ولم يرضَ الذل والهوان والسكوت عن جرائمه بحق أبناء شعبنا وأسرانا".
وتشير إلى أنه نفذ عملية اقتحام مستوطنة "كيسوفيم" انتقامًا لجريمة اغتيال الاحتلال الشيخ القعيد أحمد ياسين، وجرائم الاحتلال بحق شعبنا في كل مكان.
وتطالب حماد المؤسسات الحقوقية والإنسانية، والسلطة الفلسطينية، الضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل الكشف عن مصيره واستعادة جثمانه، من أجل دفنه في مقابر المسلمين.
كما طالبت فصائل المقاومة الفلسطينية العمل على الإفراج عن جثمان نجلها من مقابر الأرقام، عبر إدراج اسمه ضمن أي صفقة تبادل قادمة مع الاحتلال الإسرائيلي، لتكحل عينيها بوداعه وتلمس جسده قبل مواراته تحت الثرى.