فلسطين أون لاين

خاص والد "قائد أركان المقاومة".. زهد في الدنيا وامتهن "النِّجادة"

...
خان يونس/ ربيع أبو نقيرة:

بدأ والد من بلغ الهتاف باسمه عنان السماء، حياته بالعمل منجدا للفراش والوسائد في محل صغير بمخيم خان يونس جنوب قطاع غزة.

هو الحاج دياب المصري، الذي توفي الخميس عن عمر ناهز 90 عاما، في منزله المتواضع في المخيم، وهو والد محمد الضيف الذي برز اسمه مجددا خلال العدوان الإسرائيلي الأخير في مايو/أيار العام الماضي، عندما استجاب لنداءات أهالي حي الشيخ جرّاح في القدس المحتلة، فانطلقت صواريخ المقاومة من غزة نصرة لهم ولمنع تهجيرهم.

واشتهر محمد المصري (الضيف) القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام، بلقب "قائد أركان المقاومة"، ويطارده الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1992، ويصنفه بالمطلوب (رقم 1) على قائمة الاغتيالات باعتباره أحد أبرز مؤسسي كتائب القسام.

صحيفة "فلسطين" تحدثت إلى اللواء ماهر الرملي (60عاما) والذي يُعتبر الراحل دياب المصري خال والدته، لتتعرف عن قرب على مسيرته.

وقال الرملي: "كان الحاج المصري أبًا معطاءً، استطاع أن يربي أبناءه تربية إسلامية وعلى حب الخير للآخرين".

وأشاد بمناقبه، فكان لا يقطع رحما رغم كبر سنه، ولا يقطع حبل المودة مع جيرانه، بل كان رجل إصلاح يحل المشكلات ويصلح بين المتخاصمين، مضيفًا: "كان مواظبا على صلاته ملتزما بتعاليم الدين الإسلامي".

وأشار الرملي إلى أن الراحل كان يفتح بيته للمطاردين والمقاومين، قبيل مطاردة نجله (الضيف)، مؤكدا أنه: "كان حضنا دافئا ومأوى آمنا لهم".

وتابع: "كان يُضرب به المثل في الصبر والحلم والعطاء"، مشددا على أنه تميز بالتواضع الشديد، ولذلك اكتسب محبة جيرانه وجميع من عرفه.

وأكمل: "أبو فتحي كان زاهدا في حياته الدنيا لم يتطلع إلى مغانمها ولم يسعَ إلى مناصبها ومكاسبها، هو وأبناؤه وأحفاده، بل جعل حياته في سبيل المولى"، مشيرا إلى أنه لم يغادر منزله المتواضع في مخيم خان يونس إلا مُتوفيا محمولا على الأكتاف.

وأوضح أن وفاته جاءت بعد حياة حافلة بالعطاء والتضحيات، قائلا: "توفاه ربه وهو بكامل قواه العقلية، ويعي تماما ما حوله، إلا أن وضعه الصحي تدهور قبل أسبوعين من وفاته عندما تعرض لكسر في قدمه".

واستطرد الرملي: "لقد خرج من صلبه رجلا أذاق كيان الاحتلال الويلات وأوقفهم على قدم واحدة، بل رعبا وجحيما على جيش الاحتلال ومستوطنيه"، في إشارة إلى نجله "أبا خالد".

واستذكر بداية عمل "أبو فتحي" في مهنة النِّجادة للفراش والوسائد، ويكسب رزقه من عرق جبينه، وفق الرملي، قائلا: "يده نظيفة ونفسه عفيفة، ترك لنا ماضٍ جميل مشرف يفتخر به الجميع".

وهاجر الحاج دياب المصري مع عائلته من قرية كوكبا الواقعة شمال شرق غزة عام 1948 إلى مخيم خان يونس واستقر به حتى وفاته.

أما علي المصري نجل الراحل فقال لصحيفة "فلسطين": إن والده عاش حياته مجاهدا صابرا محتسبا "لقد عاش أياما صعبة، منذ أكثر من ثلاثة عقود".

وتابع: "مر والدي بأحداث كبيرة وصادمة، لعل أبرزها استشهاد زوجة وأحد أنجال شقيقنا القائد أبو خالد، وكذلك تعرض الأخير لمحاولات اغتيال عديدة، لكنه بحمد المولى تجاوزها وظل متماسكا إلى أن توفاه ربه".

وختم: "والدي احتسب هذه المعاناة للمولى تعالى، واحتسب (أبا خالد) وجعله هبة لربه تعالى".