فلسطين أون لاين

"حبيبان".. حوار الروح مع القدس بالنصوص المصورة

...
الروائي عيسى قواسمي
غزة/ هدى الدلو:

يحاور القبة الذهبية بعينه وبأسئلة روحه المعتادة، تلك القبة التي وصفت بالسحر والجمال بانعكاس شمس آب الحارقة عليها.. حتى بات يَكتب فيها شعرًا ونصوصًا أدبية يروي فيها شغفه وظمأ من يتوق لرؤيتها من خلال كتابه "حبيبان".

يحرص الروائي عيسى قواسمي من سكان البلدة القديمة في القدس على نقل واقع المدينة المقدسية وتفاصيلها بالنصوص والصور للمتلهفين من خارج المدينة، فيتجول يوميًا بين أزقة وحارات المدينة وتلتقط عدته ما يجذبه أو يطلبه منه المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.

صدرت له عدة روايات مكتوبة، منها: همس الظلال، وعازفة الناي، والشغف، لكنه بمساعدة هاتفه النقال يحرص على توثيق رواية المكان والإنسان باللغة المحلية والدراجة وبالصوت والصورة.

يصف قواسمي حالته: "عشت في القدس كما ينبغي لعاشق متشرد مقيم فيها، تارة بالأمل وأحيانًا أخرى بالدموع والحرمان معًا، كان بيت أبي الذي هدم يقبع في الجهة الشرقية بعد تلك القنطرة الأيوبية مباشرة والتي كانت تأخذنا إلى حوش الشاي من حارة الشرف من حي المغاربة الملاصق لسور القدس والذي أوقفه صلاح الدين الأيوبي لجيوشه من أصل مغاربي بعد تحريره القدس من أيدي الصليبيين".

ولد قرب هذا الحب، المساحة الأقرب إلى السماء، كبر وهو يحب الاختلاء بالمكان ذاته في فسحة ذاك الشباك العتيق، مساحة مفتوحة على الأسئلة والوجود، وأيقن أن القدس لا يمكن أن تفسر بالكتابة وحدها إنما بالمعايشة والانتماء حتمًا.

في طفولته السريعة كلما كانت والدته تبحث عنه بعدما يغيب عن ناظريها تجده جالسًا فوق بلاطة المصطبة المملوكية لشباك بيتهم الصغيرة المطل على المصلى القبلي، وقبة الصخرة المذهبة، ذاك البيت الذي هدم مباشرة حين هدم حي المغاربة بعد حرب عام ۱۹۹۷ حين كان طفلًا في السادسة من عمره.

رواية بلا تخيل

يبين قواسمي أن كتاب حبيبان هو عبارة عن نصوص أدبية لكن الفكرة المضافة له أنه أرفق صور الأمكنة التي تم ذكرها في النصوص. 

وتدور فكرة الكتاب أنه يرى أن النصوص الأدبية من شعر ورواية وغيرها خالية من الصور، وفلم يترك المجال للقارئ ليتخيل، بل عمل كونه موثقا للقدس القديمة إضافة للمسة مرئية للنص، حتى يساعد القارئ الذي يعيش روحانيات النص وأن يشاهد الصورة.

ويلفت إلى أن تلك الصور واللقطات هي من عدسته الخاصة التي اختارها بعناية وبالزاوية المناسبة التي تحدث انسجامًا مع النص، فقام بعمل مسح شامل لكل الأمكنة التي ذكرت في النصوص، وبعض الصور المرفقة هي رسومات لذات الأمكنة من رسم شقيقه الفنان شهاب.

ويوضح قواسمي أنه النصوص تشمل الحياة في مدينة القدس وبعض المدن الفلسطينية الأخرى التي أرفق لها نصوصا كحيفا ويافا وصفد وطبريا وعكا وأريحا وغيرها، إلى جانب نصوص تتعلق بالظروف السياسية والحياة الاجتماعية والحضارات التاريخية التي مرت على القدس والتي بلغت 28 حضارة، فيتماهى مع القدس والأمكنة بداخلها وخارجها من خلال حضارات تركت أثرا، فالنص ممكن أن يكون تاريخي وحضاريا أو حتى عاطفيا. 

كما واكبت النصوص بعض الأحداث المهمة في القدس القديمة كالأحداث التي مر بها حي الشيخ جراح، والحراك الليلي في باب العمود بشهر رمضان الماضي، ومسيرة الأعلام، واستلهم تلك المواضيع من خلال وجوده في الميدان. 

عن تسميته "حبيبان" يرى قواسمي أنه يمكن تأويله بشكل روحاني كونه مؤلفا، ولكن من وجه نظر القارئ يفهمه شيء آخر لذلك اختاره مفتوحا لينسجم مع ما يراه القارئ ويضع التفسير المناسب له بعد قراءته للكتاب.

ويهدف من الكتاب توثيق القدس من خلال النصوص والصور المرئية، كما أن هذا الكتاب يمكن أن يروي ظمأ المغتربين وفلسطينيي الشتات واللاجئين ليتعرفوا إلى الأمكنة داخل البلدة القديمة من الأقصى وكنيسة القيامة ومدن فلسطينية محرومون من الوصول إليها.