قائمة الموقع

تشكيل عباس المحاكم الإدارية.. مخالفة قانونية واستغلال لغياب التشريعي

2022-03-20T08:38:00+02:00
رئيس السلطة في رام الله محمود عباس

عدَّ حقوقيون وقانونيون إصدار رئيس السلطة محمود عباس عددًا من القرارات المُتعلّقة بتشكيل المحاكم الإدارية، مخالفة قانونية جديدة تتزامن مع تغييب المجلس التشريعي منذ سنوات طويلة.

وكان عباس أصدر الجمعة الماضية، قرارًا يقضي بتشكيل المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار هاني الناطور، والمحكمة الإدارية برئاسة المستشار وحيد أبو عياش، وتعيين مصطفى أحمد فرحان رئيسا للنيابة الإدارية، وتعيين د. حسن جميل سليم أمينا عاما للمحكمة الإدارية بدرجة قاضي محكمة إدارية.

وأوضح المستشار القانوني حاتم شاهين، أن المحكمة الإدارية العليا جاءت بدلاً عن محكمة العدل العليا والتي كانت قائمة وينظمها ويحدد اختصاصاتها قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية النافذ والمقر من المجلس التشريعي.

وذكر شاهين لصحيفة "فلسطين"، أنه سنة 2021 صدر "قرار بقانون" عن عباس يقضي بتشكيل المحكمة الإدارية والقضاء الإداري، والذي يختص بالقضايا التي تتعلق بالقرار الإداري الناشئ عن الدولة ومؤسساتها النقابية والمحلية.

وبيّن أن هذا يندرج ضمن اختصاص المحاكم الإدارية التي تعد قضاء إلغاء وليس قضاء إنشاء، خاصة عندما يكون هناك قرار صادر فيه تعسف من السلطة أو إساءة في استعمال السلطة أو عدم اختصاص، عادة تقوم المحاكم الإدارية بالإلغاء.

وأضاف شاهين: "قرار إلغاء محكمة العدل العليا وإنشاء المحاكم الإدارية، لم يكن في مكانه".

وأكمل: أن إصدار القرارات والقوانين يتزامن للأسف مع غياب المجلس التشريعي، وأن أكثر من 250 قانونًا صدرت عن الرئيس بصيغة "قرار بقانون" والذي أوقع المنظومة القضائية الفلسطينية في فوضى تشريعية ضخمة.

وشدَّد على أن قرار تشكيل المحكمة الإدارية بعيدًا عن المجلس التشريعي، يعكس هيمنة السلطة التنفيذية على نظيرتها القضائية.

وعدَّ أيضًا أن "تشكيل المحكمة الإدارية والإدارية العليا وتعيين القضاة في هذه المرحلة وبهذه الطريقة وإعادة تنظيمها في ظل غياب المجلس التشريعي يثير الشكوك مثلما أثار الشكوك عند تشكيل المحكمة الدستورية، وتشكيلهما بهذه الطريقة يدلل أن العملية ليست بريئة".

"قرار بقانون" 

بدوره، قال أستاذ القانون والعلوم السياسية د. أمجد شهاب، إن القرار الصادر عن عباس بشأن تشكيل المحكمة الإدارية، ضمن صيغة "قرار بقانون"، "يأتي في درجة أدنى من أي قاعدة قانونية، ولا يجوز له أن يغير أو يبدل أو يجنب مواد القانون الفلسطيني الأساسي".

وأضاف شهاب لصحيفة "فلسطين"، أن عباس يسعى بكل ما أوتي من قوة للسيطرة الكاملة على المنظومة القضائية في السلطة خاصة في ظل تغييب التشريعي.

وتابع: أي مرسوم يصدر عن رئيس السلطة يعد انتهاكًا لمبدأ سيادة القانون، وينتهك استقلالية القضاء. وتساءل: بأي صفة يُصدِر عباس قرارًا بتشكيل المحاكم الإدارية؟ فالأصل في ذلك صدور قانون عن المجلس التشريعي والتصويت عليه بأغلبية الثلثين حتى يتم تغيير القانون الذي كان من قبل.

واستدرك: بسبب تغييب المجلس فإن جميع القرارات بقانون الصادرة عن عباس انتهاك للقانون ومبدأ الشرعية، والهدف من كل ذلك السيطرة على مؤسسات الدولة وخاصة المنظومة القضائية.

من جهته، قال رئيس تجمع الكل الفلسطيني المحامي د. بسام القواسم: إن "تشكيل المحكمة الإدارية والإدارية العليا والنصوص التي تنظم عملية التعيين يوجد فيها الكثير من المخالفات للقانون الأساسي".

وأضاف القواسمي لـ "فلسطين": لقد تم تعيين بعض القضاة دون مسابقات قضائية، ودون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة الاتباع، وهذا يتناقض مع قانون السلطة القضائية ويتناقض مع القانون الأساسي، وبالذات المادة 9 الخاصة بالمساواة، والمادة 26 التي تتحدث عن تقلد المناصب العامة على مبدأ تكافؤ الفرص.

وعدَّ تشكيل المحكمة وتعيين القضاء بهذا الشكل يعكس التدخل المباشر من قبل السلطة التنفيذية في شؤون القضاء، وهذا مخالف لكل القوانين والمبادئ القائم عليها النظام الأساسي الفلسطيني، وبالذات مبدأ الفصل بين السلطات.

وشدَّد على أن هذه الإجراءات كلها مخالفة لمبدأ سيادة القانون، إضافة إلى أن التعيين في القضاء يجب أن يكون من خلال إعلانات ومسابقات وليس بالتعيين المباشر من قبل رئيس السلطة كما يحدث في رام الله.

وتابع القواسمي: "رئيس السلطة نفسه منتهي الولاية، ولا يملك صلاحية التعيين وإصدار المراسيم، والأصل أن يصدر ذلك عن سلطة شرعية منتخبة ومشكلة وفقًا للقانون".

وعدَّ أن هذه الإجراءات تهدد العدالة الفلسطينية، ولا يجوز للسلطة القضائية أن تبقى تحت سطوة السلطة التنفيذية، والأخطر في ذلك أن طبيعة اختصاص المحكمة الإدارية والإدارية العليا تنظر في شرعية وقانونية المراسيم والقرارات الصادرة عن السلطة التنفيذية، وليس من المنطق والمعقول أن يكون الحاكم نفسه هو الذي يخضع للمحاكمة.

اخبار ذات صلة