أعلنت القوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة عن تشكيل وانطلاق الهيئة الوطنية من أجل الدفاع عن أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل عام 48، هذه الهيئة جاءت لتوفير كل أشكال الدعم والإسناد لهم، وحشد كل الطاقات الفلسطينية للتضامن معهم في مواجهة الهجمة الشرسة والعدوانية التي يقوم بها الاحتلال، وقد جاءت الخطوة من قلب قطاع غزة الذي قدم ويقدم مواقف وخطوات وطنية مسؤولة تجاه شعبنا ومقدساته وكان أبرزها حينما انتفضت المقاومة من قلب القطاع وفتحت معركة سيف القدس في وجه الاحتلال ردًّا على العدوان بحق القدس والأقصى وتحديدًا ما يتعرض له أهلنا في حي الشيخ جراح.
وقد يُعجب المتابع من صنيع هذه القوى الوطنية والإسلامية وباقي مكونات شعبنا في غزة، إذ إنها وعلى الرغم من تعرضها لعدوان ثلاثي منظم تمثل في: الحصار والعدوان الإسرائيلي، والتضييق والخنق من بعض الأنظمة العربية، والتجريم والشيطنة وقطع المعونات من قبل النظام الدولي، فإنها ما زالت قادرة على الصمود وتقف شامخة على قدميها، ليس فقط في إطار الدفاع عن نفسها وتضميد جراحها الداخلية، إنما تقوم بواجب الدفاع عن كل فلسطين دون أن يغمض لها جفن، تراقب من كثب كل ما يجري وتقول كلمتها بالبارود والنار ولا تحسب أي حساب لهذا الاحتلال ومن يقف خلفه.
هي تقول اليوم ومن خلال تشكيل هذه الهيئة إن امتدادات وآثار معركة سيف القدس ما زالت قائمة وإنها لن تترك أهلنا وشعبنا في الداخل وحدهم؛ لأنها تعد أن فلسطين لا تقبل القسمة وغزة مثل الضفة والقدس والـ48 إذا أصاب أي بقعة من الوطن أي شكل من أشكال العدوان فإن غزة بمكوناتها الوطنية المختلفة وبسلاحها حاضرة وبقوة لأداء دور وطني يؤدي لردع الاحتلال ومنعه من الاستفراد بشعبنا بأي صورة وتحت كل الظروف، وعليه: تُفشل كل المساعي التي سعى ويسعى إليها الاحتلال عبر محاولات التقسيم الجغرافي، وتحطم أهدافه الخبيثة الرامية لإشغال القطاع بهمومه الداخلية.
وفي ذات الوقت تقول للاحتلال أن العدوان على أهلنا في الداخل يمكن أن يشعل كل المناطق الفلسطينية ويؤدي لموجة عارمة من التصعيد؛ لأن غزة ومن خلال هذه الهيئة ستوفر كل أشكال الدعم والإسناد لهم، ولا يمكنها بأي حال أن تتركهم وحدهم يواجهون آلة الخراب والعدوان والدمار الاحتلالية، ولديها من الإرادة والقدرة على اتخاذ القرار ما يمكنها من قلب المعادلة في وجه الاحتلال الذي كان يظن أنه نجح في عزل الداخل المحتل عن باقي أرض فلسطين، ويكفيه أن يتذكر جيدا ما قالته غزة ومقاومتها الباسلة حين حاول أن يلهو ويعبث ويعتدي من خلال جنوده ومستوطنيه، على القدس والأقصى وحي الشيخ جراح.
وهنا ونحن نشيد بهذه الهيئة وبقرارها الحكيم يجب ألا ننسى أن مختلف الساحات الفلسطينية عليها واجبات أخرى تتطلب القيام بالعديد من الخطوات والتي يجب أن تتركز أولًا: في دعم وإسناد أهلنا في الداخل، وثانيًا: في التفاعل الحيوي والحقيقي مع كل الفعاليات والخطوات المختلفة التي تدعو لها الهيئة الوطنية من غزة؛ بمعنى أن تتشكل هيئة مماثلة في الضفة الغربية وأخرى في الخارج على أن يكون برنامج مشترك بين غزة والضفة والخارج أو الشتات بحيث نضمن أن تصبح هذه الهيئة موجودة في كل المناطق وإذا ما أرادت أن تتحرك وتنطلق أن يكون ذلك من خلال خطوة كبيرة وممتدة ومتزامنة من هذه الساحات، لأن ذلك يزيد من فاعليتها وحجم تأثيرها ويصعب المهمة على الاحتلال ويضع أمامه تحديات مختلفة وغير مسبوقة.
وعليه فإن ما أسست له معركة سيف القدس ما زلنا نعيش آثاره الوطنية حتى يومنا هذا، بعدما نجحت المقاومة الفلسطينية في غزة في فرض معادلة مختلفة على الاحتلال مفادها: أن غزة هي صاحبة اليد العليا وهي الأقدر على التحرك سريعًا لأداء واجب الدفاع عن كل الوطن، وأن قرار ضرب الكيان بالصواريخ أهون من شربة الماء، في إشارة إلى أنها جاهزة ومتأهبة وأعدت العدة جيدًا ولا تلتفت لكل التهديدات ولا يملك أحد في هذا العالم أي وصاية على قرارها الوطني المستقل.