"أريد الذهاب إلى الطبيب أنا مصابة بمرض السرطان"، كانت هذه هي الكلمات التي ردّدتها الأسيرة المُحرّرة إيمان الأعور التي أُفرج عنها من سجون الاحتلال أول من أمس، بعد قضائها 22 شهرًا، لضابطة سجن "الدامون" القابع على جبل الكرمل في الداخل الفلسطيني المحتل.
لم تلبِّ إدارة السجن مطالب ومناشدات الأسيرة إيمان، ما أدّى إلى زيادة الكتلة السرطانية في جسدها، ووضع حياتها في خطرٍ كبير، ليضطرّ الاحتلالُ لعرضها على طبيبٍ بعد تدهورِ صحّتها.

واكتشف الطبيب أنّ الأسيرة إيمان (45 عامًا) مصابة بالسرطان بالفعل، ولكنّ مرضها استمر في التفاقم، لكونها تحتاج إلى إجراء عدد من التدخُّلات الجراحية العاجلة.

الاعتقال والتعذيب

كانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة فجرًا في تاريخ 17 من شهر حزيران/ يونيو 2020، حين اقتحمت قوة كبيرة من جيش الاحتلال بأسلحتهم وبرفقة كلابهم البوليسية منزل عائلة إيمان في حي الأعور في عين اللوزة ببلدة سلوان، البلدة المجاورة لأسوارِ مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى من الجهة الجنوبية.

بعد رفع السلاح بوجه إيمان، اعتقلتها القوة الإسرائيلية الخاصة برفقة نجلها، وذلك بعد أسبوعين فقط من اعتقال زوجها عبد المنعم الأعور (50 عامًا)، لتبدأ رحلة المعاناة مع العائلة بعد اعتقال أعمدة بيتها.

نُقلت الأسيرة إيمان إلى مركز تحقيق "المسكوبية" غرب مدينة القدس المحتلة، ونجلها إلى سجن آخر، إذ لم تعلم أين يُوجد ابنها وزوجها في أثناء وجودها في التحقيق.

بدأ التحقيق مع إيمان داخل "المسكوبية"، من قبل المُحقّقين، إذ استخدم الاحتلال معها كلّ أساليب التحقيق سيئة السمعة، واستمرّ المُحقّقون في توجيه الأسئلة لها لمدة شهر كامل، لم تعرف فيه النوم، أو ما يدور خارج جُدران الزنزانة التي قبعت بها الأم المقدسية، وفقًا لما نقلته لـ"فلسطين".

وفي أثناء التحقيق وجّهت سلطات الاحتلال تُهَمًا للأسيرة إيمان بتقديم المساعدة لأهالي الأسرى، لتُصدرَ المحكمة "المركزية" التابعة له، حُكمًا بسجنها فعليًّا لمدة 22 شهرًا، وغرامةً ماليةً بقيمة 20 ألف شيقل.

بعد التحقيق

بعد انتهاء التحقيق مع الأسيرة إيمان بدأت مرحلة جديدة لها في حياة الأسر لم تكن أقلّ قسوة من المرحلة الأولى، إذ نقلها الاحتلال إلى سجن "هشارون" القابع جنوب الخط المُمتد بين مدينتي طولكرم ونتانيا.

خلال وجود إيمان في سجن "هشارون" تعرّضت لأيامٍ صعبة، حيث كان سجنًا جنائيًّا، ولا توجد فيه إلا غرفةً واحدةً للأسيرات "الأَمْنِيَّات"، وهنا كانت العقوبة مضاعفة من السجّانين والسجناء أنفسهم.

بعد شهور مرّت على وجود الأسيرة إيمان في سجن "هشارون"، تمّ نقلها إلى سجن الدامون حيث تقبع الأسيرات الفلسطينيات، وهناك بدأت الأسيرة المقدسية خوض معركة جديدة إلى جانب الأسيرات في السجن، وهو الحصول على أبسط حقوقهنّ داخل السجن.

ولم تستسلم إيمان والأسيرات للإجراءات الإسرائيلية داخل سجن "الدامون"، حيث واجهن السجّانات، وحصلن على بعضٍ من حقوقهنّ داخل السجن في أثناء الاعتقال.

وبعد معاناة الأسر جاءت لحظة الحرية للأسيرة إيمان، حيث أفرجت سلطات الاحتلال عنها، أول من أمس، بعد قضائها 22 شهرًا في سجون الاحتلال ودفع غرامة مالية.