أشاد إعلاميون وأكاديميون فلسطينيون بمواقف دولة الكويت الرافضة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدين أنّ التطبيع يُشكّلُ خطرًا على الأمة العربية والإسلامية وليس فقط على القضية الفلسطينية، مطالبين بذات الوقت بضرورة تكاتف جهود أحرار الأمة لمواجهة قطار التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال ندوةٍ نظّمها منتدى الإعلاميين الفلسطينيين اليوم الأحد بمركز رشاد الشوا الثقافي بمدينة غزة، وذلك بمشاركة الدكتور باسم نعيم رئيس حملة المقاطعة ورئيس مجلس العلاقات الدولية والمحاضر الأكاديمي الدكتور أحمد الشقاقي، إضافة لمشاركة إلكترونية من قبل الدكتور زهير العباد نقيب الصحفيين الكويتيين وحضور نخبة من المهتمين والإعلاميين. وأدار الندوة الإعلامية وسام الغلبان. وتخلّل الندوة الوقوف للنشيد الوطني الفلسطيني والنشيد الوطني للكويت.
شطب أوسلو
بدوره، استعرض د. نعيم مخاطر التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي على القضية الفلسطينية، مُبديًا رفضه لمصطلح "التطبيع" باعتباره ينطوي على تجميل وتشريع لوجود الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية، وقال: "كلمة تطبيع لطيفة لا تليق بحجم المخاطر التي تحيط بالقضية الفلسطينية وكلمة تطبيع فيها تدليس وتزوير توحي بإعادة العلاقات بين كيانَيْن شرعيّين"، مؤكّدًا ضرورة شطب اتفاقية أوسلو كمدخلٍ لمواجهة التطبيع، مُبيّنًا أنّ تورط السلطة الفلسطينية وقياداتها بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي مهّد الطريق أمام تطبيع الأنظمة العربية، لافتًا إلى رفض السّواد الأعظم من الشعوب العربية للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وشدّد على ضرورة استنفار قوى أحرار الأمة لمواجهة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، مُشيرًا إلى استمرار مساعي الاحتلال لاختراق وعي ووجدان جماهير الأمة العربية والإسلامية، مُبيّنًا أنّ الدراسات تظهر رفض نسبة كبيرة من الشعوب العربية للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأنّ وجود نسبة تقبل التطبيع في ظلّ استمرار جهود المُطبّعين يعني أنّ "النسبة قد تزيد مستقبلًا، وبالتالي يجب التصدّي للتطبيع".
وأعرب نعيم عن شكر الشعب الفلسطيني لنظيره الكويتي على المواقف العروبية الأصيلة، مُضيفًا أنّ مواقف الكويت ليس مؤقتة بل دائمة، وتابع أنّ فكرة التطبيع جاءت ممّن اعتقد أنّ حتميةَ زوال الاحتلال مُستحيلة، فذهبوا إلى فرضيّة التطبيع وأوجدوا المبررات لذلك، وما يحدث اليوم لا يجوز أن يُسمّى تطبيعًا بل هو اختراقٌ للمنطقة وعمليةُ صهينةٍ للمحيط، وهو القفزة الثانية للصهيونية ودولة إسرائيل الكبرى".
ونوّه إلى أنّ "ما يحدث إعادة رسم المشهد الإقليمي بما يخدم مصلحة الكيان"، مُوضّحًا أنّ التطبيع قديمًا كان يحدث مع دول عربية لديها حدود وحروب أمّا اليوم لا يوجد خلفيّات عسكرية مع الدول المُطبّعة، ومضى يقول: " التطبيع يُتيح المجال لدولة الاحتلال أنّ لها اليد العليا في المنطقة على كافّة الأصعدة، لذلك فإنّ مشروع الصهاينة الجديد هو أخطر من مُجرّد تطبيع".
مُساندة الكويت
من جانبه، أكّد د. العباد على دعم ومساندة الكويت شعبًا وقيادةً للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، مُشدّدًا على التمسّك بمدينة القدس عاصمة للشعب الفلسطيني، مُستنكرًا بذات الوقت جرائم وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحقّ الفلسطينيين، ومضى يقول: " في دولة الكويت نُعرب عن تضامُننا مع الشعب الفلسطيني في جميع حقوقه، ونؤكّد أنّ القدس عربية تتبع فلسطين، وأنّ فلسطين محتلة، ونحن في الكويت حكومة وشعبًا وصحفيّين ضدّ التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي".
وأشار نقيب الصحفيين الكويتيين إلى العدوان الإسرائيلي الذي يستهدف مختلف مجالات الحياة للشعب الفلسطيني، مُطالبًا بوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحقّ الشعب الفلسطيني المُناضل من أجل نَيل حريته، مُشدّدًا على ضرورة مُحاسبة ومُعاقبة الاحتلال على جرائمِه بحقّ الفلسطينيين، مُعربًا عن أمله بأن تعود فلسطين لأبنائها ولشعبها المناضل.
جبهة مواجهة
من جانبه، تحدّث د. الشقاقي عن سبل تحصين الأمة في مواجهة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، داعيًا لضرورةِ المُبادرة لمواجهةِ التطبيع على مُختلفِ الصُّعد وفي مختلف المجالات، مُشدّدا على ضرورة مواجهة حِلف التطبيع بمحورٍ مُضادٍّ رافضٍ للتطبيع ومُساندٍ للحقّ الفلسطيني، وقال:
وتابع أنّ الكويت لها مواقف مشرفة، وليس هذا الموقف الأول للكويت، مُشيرًا إلى انسحاب وفدٍ أكاديميٍّ كويتيٍّ من مؤتمرٍ في البحرين مُؤخّرًا لمشاركة إسرائيليين فيه، وقال: هناك مَدخلٌ أساسيٌّ للتطبيعِ وهو التسليمُ بالواقعِ وضياعِ الحقّ الفلسطيني، وتقديم (إسرائيل) بصورة أنها ليست مجرمة وإنما صديقة"، مُشيرًا إلى خطورة جريمة ما يُسمّى بــ"التنسيق الأمني" مع الاحتلال الإسرائيلي الذي تُمارسه السلطة الفلسطينية، وأنّ الحقيقة "هي خيانة وليس مُجرّد تنسيق".
وأضاف الشقاقي أنّ من امتلك المفتاح هو الفلسطيني الذي قدّمه للعرب لإقامة العلاقات مع الاحتلال، وأنّ مبادرة السلام العربية قادت العرب إلى التطبيع، مُشيرًا إلى ضرورة دراسة أسباب فشل اتفاقية كامب ديفيد في تغيير موقف الشارع المصري من الاحتلال الإسرائيلي باعتبار ذلك وصفة لمواجهة التطبيع، داعيًا لضرورة تشكيل جبهة لمواجهة التطبيع، وقال: "نحتاج إلى ميثاقِ شرفٍ على كلّ المستويات لمواجهة التطبيع واستغلال الإعلام الجديد في كشفِ شكلِ الكيان القبيح على الدوام وإنشاء مراكزَ أبحاثٍ لمجابهةِ التطبيع".
ونوّه مشاركون في مُداخلاتهم إلى خُطورة التطبيع على الأمة العربية والإسلامية وليس فقط على القضية الفلسطينية، داعين إلى ضرورة نبذ المُطبّعين على الصعيد الفلسطيني وصولًا للمُطبّعين على صعيد الأمّة العربية، مُشدّدين على ضرورة الفصل بين الأنظمةِ المُطبّعة وشعوبها الرافضة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.