من كلا الجانبين يمسكه عناصران من أمن السلطة، ويقتادانه داخل المحكمة حتى وصل قبالة القاضي، لم يستطع البقاء واقفًا ليلتمس منه الجلوس، تدور به قاعة المحكمة من جميع اتجاهاتها بعد مضي أربعة أيام لإضرابه عن الطعام والماء، لينصحه القاضي بفك إضرابه "أنت هيك بتهد صحتك .. ليش بتعند!؟".
لم يطل رد الأسير المحرر عبد الرحمن بشتاوي المعتقل لدى جهاز أمن الوقائي في نابلس على القاضي "أنا مظلوم، وبتحقق معي بإيشي غير موجود بين إيدك".
مشهد وحوار بين القاضي وعبد الرحمن حينما أخبره أن التحقيق معه على تهمة "دورات تحفيظ القرآن"، رأته زوجته بغشاوة حجبتها دموع عينيها، فلم تتخيل أن تصبح تحفيظ القرآن تهمة تلقي بأصحابها داخل سجون السلطة، ولم تتخيل أيضًا أن تتغير ملامحه خلال خمسة أيامٍ فقط، تتساءل عن الجرم الذي ارتكبه زوجها لينال هذا العقاب الذي يتجدد كل عام.
الأحد الماضي، تلقى عبد الرحمن اتصالاً هاتفيًا من الأمن الوقائي يطلبون منه الحضور للمقابلة، طلبت منه زوجته عدم الذهاب خشية تحول المقابلة إلى اعتقال، لكنه طلب منها التريث والاطمئنان، معتقدًا أن هذه المرة ستكون مختلفة.
تقول زوجته ربى الشلة لـ "فلسطين أون لاين" عن لحظة اعتقاله بينما كانت تقوم بالمراجعة الثانية لمحكمة نابلس تحاول الحصول على أمر إخلاء سبيل: إن "عبد الرحمن ذهب الساعة العاشرة صباحًا لمقر الوقائي، وعندما تأخر حتى المغرب ولم يعد، بدأنا بالاتصال بلجان الحريات وحقوق الإنسان وتبين لنا أنه معتقل ثم قامت النيابة بتمديد توقيفه 48 ساعة".
تتهكم على الحكم "قال للقاضي أنه يتم التحقيق معه على دورات تحفيظ قرآن، رغم أنه انشغل بالفترة الأخيرة بمسؤوليات العمل والبيت ولم يعطِ دورات، ولو حدث ذلك فهو شيءٌ مشرف".
تضيف بمرارة تزاحم صوتها "عندما رأيته بهذه الحالة هستيرية لم أتمالك نفسي، فقمت بالطلب منه فك الإضراب لأن علامات الضعف والهوان ظهرت مبكرةً عليه، لكنه رفض ورد على نفس إجابته للقاضي: "انتِ بتعرفي إني مظلوم، وأنهم يفترون علي، خليكِ قوية".
تنقل عما نقله زوجها للقاضي أيضًا "أخبره أنه يتم شبحه طوال الليل، ويتم الاعتداء عليه وإطعامه قسريًا لإجباره على فك إضرابه".
وبينما مددت فيه محكمة السلطة بنابلس اعتقاله لعشرة أيام، رغم محاولتها الحثيثة إخلاء سبيله لـ "عدم وجود سبب لاعتقاله" كما تقول يواصل طفلاها عبد الله، ومريم البكاء والسؤال عن والدهما لدرجة "لم أترك لعبة أو مكانا إلا واصطحبتهما إليه لتغير الأجواء عليهما، لكنهما يرفضان ذلك ويطلبان زيارة والدهما، ولا غريب في ذلك فهو بمجرد وصوله للبيت عائدًا من العمل يمكث مع أطفاله عدة ساعات يقوم باللعب معهما".
وسبق أن تعرض بشتاوي للاعتقال من قبل وقائي السلطة في 22 يونيو/ حزيران 2021 من مكان عمله، كما اعتقل لدى الاحتلال عام 2016 عندما كان طالبًا في جامعة النجاح لنشاطه مع الكتلة الإسلامية.