فلسطين أون لاين

تقرير بالمشغولات الصوفية.. نسوة "دفء" يجبرن قلوب المسنين والأطفال والمرضى

...
جانب من عمل "صحبة خير"
غزة/ مريم الشوبكي:

"دفء" مبادرة لم تستهدف الأجساد فقط، بقدر اهتمامها بإدخال الدفء على قلوب المرضى، وكبار السن، والأطفال، حب جبر الخواطر جمع نسوة "صحبة خير" ليصنعن مشغولات من الصوف ويوزعنها على تلك الفئات.

بعض الصوف الزائد لدى فاطمة أبو حطب دفعها إلى التفكير في الاستفادة منه وحياكة بعض القطع وتوزيعها مجانًا على الفئات الضعيفة، فأطلقت مبادرتها على منصات التواصل الاجتماعي، حيث لاقت ترحيبًا كبيرًا من العديد من النساء.

دعت أبو حطب زميلاتها ممن يحترفن المشغولات الصوفية مثلها إلى قيادة حملة جبر الخواطر، من طريق مبادرة "دفء"، فتطوعت 23 سيدة لصناعة أوشحة، وقبعات بألوان زاهية تدخل البهجة على نفوس أصحابها.

تقول أبو حطب من دير البلح وسط قطاع غزة لـ"فلسطين": "منذ عام 2017 بدأت صناعة المشغولات الصوفية وبيعها من طريق الإنترنت وأصبح لدي زبائن، ولكني اكتشفت أني كل موسم شتوي يزيد لدى بعض الصوف، لذا فكرت في استثمار تلك البقايا في صناعة أوشحة، وطواقٍ، وتوزيعها مجانًا على كبار السن، والأطفال، والمرضى".

جبر الخواطر

وتضيف: "تفاعلت 23 سيدة معي فور إعلاني المبادرة من جميع محافظات القطاع، وخلال 20 يومًا أنتجن عشرات القطع كل سيدة في بيتها، بعضهن امتلكن المبادرة ولكن لم يمتلكن الصوف، لذا استطعت توفيره لهن بعد تبرع فاعلة خير".

وتؤكد أبو حطب أن التكافل والتآزر ليسا غريبين على الشعب الفلسطيني، وهاهم نسوته اليوم يضربن المثل في تطبيق الخُلق الإسلامي في جبر الخواطر.

وصناعة المشغولات الصوفية تحتاج إلى جهد ووقت كبيرين، لذا واجهت أبو حطب بعض الانتقاد كـ"شو راح تستفيدي؟!"، "بيعيهم واكسبي ثمنهم أفضل"، صمت آذانها عن كل تلك الأقوال لأنها ابتغت كسب الأجر، والثواب، وترسيخ مبدأ جبر الخواطر دون مقابل مادي.

تبين أبو حطب أنها وزعت القبعات، والأوشحة، على كبار السن، ونحو 40 طفلًا من المصابين بالسرطان، والفقراء منهم في المخيمات كمخيم الشاطئ.

وتأمل من فاعلي الخير توفير المواد الخام للسيدات المتطوعات، من أجل ضمان استمرار مبادرتهن الخيرية، لإدخال البهجة على مزيد من القلوب.

لاقت مبادرة "دفء" ترحيبًا كبيرًا من النساء، وانضم عدد منهن إلى فريق "صُحبة خير" ليصبح عددهن نحو 35 امرأة، سيكملن مشوار الخير الذي بدأته أبو حطب التي تعمل حاليًّا على مبادرة جديدة، وهي صناعة أحبال زينة لاستقبال شهر رمضان، لتزيين بيوت الفقراء، والمساجد، والمستشفيات كمستشفى الرنتيسي للأورام.

وتشير إلى أنها تفكر في إدخال البسمة على قلوب فئات جديدة كعمال النظافة، ومرضى الثلاسيميا، وغيرهم.

إشغال الوقت بعمل خيري

في حين أرادت سمية الغول أن تشغل وقت فراغها بعمل خيري، فلم تجد أفضل من مبادرة دفء، إذ تحترف حياكة الملابس الصوفية، فصنعت أوشحة بألوان العلم الفلسطيني ووزعتها على كبار السن.

ولإنتاج قطعة من الصوف تستغرق الغول (52 عامًا) من يوم إلى يومين بمعدل خمس ساعات يوميًّا، ومع كل غرزة صنارة تتملكها سعادة غامرة تنسيها حجم التعب الجسدي، الذي سينتهي بمجرد رؤية ابتسامة على شفاه أصحابها.

تقول الغول لـ"فلسطين": "عندي هواية ووقت فراغ أحببت أن أستغلهما في فعل الخير، وكسب الحسنات، وجبر خواطر الأطفال وكبار السن، لا كلمات تصف المشاعر التي انتابتني حينما سمعت دعاء من مسنة بعدما أعطيتها وشاحًا، ولا ضحكات طفلة رنت في أذني حينما أوقفتها لأعطيها قبعة صوفية".

وتكمل: "هدفي من المشاركة أن أشعر المسنين أنهم ليسوا منسيين، وهناك أناس يتذكرونهم ويحبون تقديم الهدايا لهم".

ودعت الغول كل صاحب مشروع، أو مهنة، إلى جعل جزء منهما ليسعد به قلب جاره، أو مسن، أو طفل مريض.

ومن أجمل اللحظات التي عاشتها أنوار الصباحين في حياتها حينما استطاعت رسم البهجة على وجوه الأطفال، ومسنة أرادت مشاركتها في الإنشاد للقدس، بعدما غمرتها السعادة بمجرد تلقيها الوشاح الصوفي.

تقول الصباحين لـ"فلسطين": "أروع إحساس حينما تعطي شيئًا بذلت فيه جهدًا كبيرًا لفئة تحتاج إلى الدعم، فرحتي فاقت فرحتهم، ومنحتني طاقة للاستمرار في جبر خواطر الناس وعدم التوقف".

وتحث جميع السيدات أن يبادرن بالأعمال التطوعية البسيطة كالتي يقمن بها، لكي تعم الفرحة الجميع.